في حكومة شعارها "العقد الاجتماعي الجديد" يقبع في عهدها 54 مواطنا معتقلا في السجون الأردنية، غالبيتهم بتهم سياسية مختلفة، وآخرون دون تهم، وسط مطالبات شعبية بالإفراج عنهم.
ويحاكم بعض المعتقلين أمام محكمة أمن الدولة (العسكرية) في حين شملت الاعتقالات أعضاء بالحراكين "الشعبي" و"شباب قبيلة بني حسن" وكذلك أعضاء في حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) بالإضافة لآخرين من غير المؤطرين سياسيا، ويحاكم غالبيتهم ضمن قانون الجرائم الإلكترونية.
وتتهم أصوات شبه رسمية الحراك الشعبي والعشائري برفع الشعارات والخروج عن السياق الطبيعي لخطاب الشارع المعروف عنه "الاتزان" منذ سنوات طويلة.
وكانت آخر الاعتقالات بحق الشاب عبد الرحمن شديفات (30 عاما) عضو حراك أبناء بني حسن الذي شارك في وقفات احتجاجية على الدوار الرابع بالعاصمة عمان ومحافظتي الزرقاء والمفرق.
ويقول إبراهيم شقيق المعتقل إن عبد الرحمن اعتقل بعد خروجه من مقابلة عمل بمحافظة المفرق، حيث كان ينتظره أشخاص مدنيون مسلحون، وتم اقتياده مباشرة الى أمن وقائي عمان.
ويضيف "عرض عبد الرحمن على مدعي عام أمن الدولة (محكمة عسكرية) بعد ذلك صدر قرار بتوقيفه في سجن الجويدة، لينقل إلى سجن باب الهوى في إربد، وأسندت إليه تهمتا تقويض نظام الحكم وإطالة اللسان".
ويقول أيضا للجزيرة نت إن جل مطالب شقيقه ورفاقه بالحراك هو الإصلاح السياسي وتغيير النهج الحكومي ومحاسبة الفاسدين، ويضيف "لم ينادوا -كما اتهموا- بتقويض نظام الحكم، بل احتجوا بطريقة سلمية كفلها الدستور".
تهم تعسفية
وقد زار المركز الوطني لحقوق الإنسان شديفات في السجن، واطمئن على صحته، بعد شكوى قدمت من ذويه، حسب المفوض العام لحقوق الإنسان موسى بريزات.
ويرى الأخير أن توقيف الشاب "غير مبرر" وأن توجيه تهمة تقويض النظام ومحاكمته أمام محكمة أمن الدولة "تعسفية".
وحول الاعتقالات الأخيرة، يؤكد بريزات للجزيرة نت أنه يتم التعامل مع الشكاوى التي تصلهم بشكل منفرد، ولا توجد إمكانية للتعميم حول وجود نهج أمني يستهدف الحراكيين.
وجاء في التقرير 15 للمركز أن استمرار العمل بقانون منع الجرائم لسنة 1954 الذي يمنح السلطة التنفيذية صلاحيات السلطة القضائية في التوقيف "مخالفة صريحة لنص المادة 128/1 من الدستور".
وسجل تقرير عام 2018 نحو 750 قضية ذات صلة بحرية التعبير من بينها 275 قضية إطالة لسان، و452 ذم هيئة رسمية، ثلاثون قضية إثارة للنعرات، كما تم تسجيل 1821 حالة توقيف سندا للمادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية، في صدر 225 قرار إدانة في قضايا متعلقة بالمطبوعات والنشر.
وتأتي الاعتقالات وسط مطالبات شعبية وحزبية بالإفراج عنهم، إذ طالب وجهاء من قبيلة بني حسن الملك عبد الله الثاني بإصدار عفو خاص عن المعتقلين السياسيين، خلال لقائه مؤخرا.
ومن المعروف أردنيا توجيه عدة تهم للحراكيين، أبرزها: تهمة إطالة اللسان، تقويض نظام الحكم، الذم والتحقير، التجمهر غير المشروع، العمل على تغيير الدستور، وغيرها من التهم التي سماها حراكيون "التهم المعلبة الجاهزة".
الحكومة لا تعترف
ولا تعترف الحكومة بوجود معتقلين سياسيين بسجونها، في ظل عدم تحديد تعريف واضح للمعتقل السياسي، رافضة التصريح حول ملف المعتقلين.
غير أن رئيس الوزراء عمر الرزاز عمم بضرورة العمل على إنفاذ التوصيات الواردة بالتقرير السنوي 15 الصادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان لعام 2018، مؤكدا على جميع الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية ضرورة إيلاء هذا الأمر الأهمية التي يستحقها لتعزيز منظومة حقوق الإنسان في المملكة.
في السياق ذاته، طالب حزب جبهة العمل الإسلامي رئيسَ الوزراء بالإفراج عن المعتقلين قيادات وأعضاء، وعن جميع المعتقلين السياسيين، وإشاعة أجواء الحرية للمواطنين للتعبير عن آرائهم بحرية ومسؤولية، وطي صفحة الاعتقالات السياسية.
ويشير أمين عام الحزب مراد العضايلة للجزيرة نت إلى أن سياسة تكميم الأفواه والاعتقالات السياسية التي تتبعها الحكومة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد "لا تخدم أوضاعنا الداخلية".
ويقول العضايلة أيضا إن الاعتقالات تساهم في تعميق الأزمة الداخلية، وتزيد من تأزيم الحالة الوطنية، في ظل تنامي الأزمات الاقتصادية والأخلاقية وارتفاع الأسعار.
وقد دشن ناشطون حملة إلكترونية للتضامن مع المعتقلين تحت وسم "بكفي (يكفي) اعتقالات" الذي تصدر الترند في موقع تويتر، مطالبين الحكومة بالإفراج عن المعتقلين وعدم تقييد الحريات العامة.
المصدر : الجزيرة