التخصص الجامعي وسوق العمل.. من المسؤول؟

التخصص الجامعي وسوق العمل.. من المسؤول؟
الرابط المختصر

يَحار طالب الثانوية العامة بعد أن يجتاز
المرحلة الصعبة وينجح، في اختيار التخصص الذي يناسبه، فهو ضائع بين ما تميل إليه
نفسه، وبين أن يختار "تخصصاً غير مطلوب في سوق العمل"، فعلى من تقع
المسؤولية في هذا الإرباك المتكرر؟ويقع هؤلاء الطلبة في فترة تقديم الطلبات
لتخصصات الجامعات في إرباك وخوف، فالبعض يخاف أن لا يؤهله معدله للتخصص الذي يريد،
أو أن لا يكون التخصص ضمن قائمة ما هو مرغوب في سوق العمل، لكن الخوف يختلط بعدم معرفة حقيقية بالتصرف الصحيح.


لا أحد يوجّه!

ويعيد الطالب محمد العقّاد، الحاصل على معدل
82% في الفصل الدراسي الأول، السبب في عدم وجود جهة توجه الطلبة لاختيار لتخصص
الأصح، ويضيف "لا أحد ينصحنا أو يدلنا على شيء يخصّ التخصصات، وأيها أفضل أو
أسوأ، كيف يمكنني أن أعرف إن كان هذا التخصص مطلوب وذاك لا، أو ما إذا كان التخصص
هذا مغلق فيه باب التشغيل وذاك لا، لا يوجد أحد يوجهنا بالشكل الصحيح".


ويقترح "لما لا تقوم وزارة التربية
والتعليم بعمل محاضرات أو ندوات في المدارس، أو حتى توزيع نشرات تبين تلك التخصصات
المطلوبة في سوق العمل لتوعية الطلبة فيها لكي يستطيع على الأقل إحسان الاختيار".


ويبين محمد بأنه كلن يود دراسة الكمبيوتر بعد إنهاء
مرحلة التوجيهي، إلا أنه غير رأيه لأنه "سمعت أنه أصبح غير مطلوب في سوق
العمل كثيراً لأن خريجيه كثيرون، والآن أنا في حيرة فيما أختار".


امتحان قبل الاختيار!

أما بيان قطيشات فتقول "لما لا يكون هناك
امتحان بسيط قبل الدخول الى الجامعة مختلف عن امتحان التوجيهي، كي يحدد ما إذا كان
الطالب مؤهلاً لدخول تخصص ما أم أنه غير مؤهل".


وتؤكد بيان التي حصلت على معدل 90% في الفصل
الأول بأن "علامات التوجيهي في كثير من الأحيان لا تقيّم الطالب، وبالعكس
كثير من الطلبة لا يحصلون على علامات ولكنهم متميزين في جوانب أخرى،


وبالنسبة إليها "سأدخل تخصصاً يهمني، لكني
حينما أختار تخصصاً فلن أنظر الى ما يحتاجه سوق العمل لأني مؤمنة بأن شخصية الشخص
وقدراته هي التي تحدد ما سيعمل به فيبدع فيه".


وعلى الرغم من أن بيان تدرس في قسم تكنولوجيا المعلومات إلا أنها لا تعتقد أن هذا سيعني
بالضرورة أن تعمل في مجال الكمبيوتر، لأن طموحها أن تدرس في مجال الصحاف والإعلام
مثلاً.


فليوعوا الطلبة..

ويتفق الطالب عبدالله المحيسن مع الجميع
بضروروة إيجاد آلية ما لتثقيف الطلبة قبل اختيار التخصص، ويقول "كثير من
الطلاب لا يعرفون كيف يعبأ الطلب، ولا كيف يختار التخصص فيقبل على مجالات ليس لها
مستقبل مهني، بالنسبة لي سأختار تخصص التمريض لكي أدرسه لأن عليه طلباً مستمراً، تثقيف
الطلبة ضروري جداً بالنشرات أو بالصحف المحلية لتوعيتهم، وبالطبع قبل فترة التقديم
للجامعات بفترة وجيزة".


نور دعنا طالبة توجيهي في قسم تكنولوجيا
المعلومات، تؤكد أنها ستختار تخصص الكمبيوتر لأنها تعرف أن عملها مؤمّن لكون
عائلتها تملك شركة كمبيوترات، إلا أنها تضع الحق على الطلاب أنفسهم لأنهم لا
يحددون ما يريدون فلا يختاورن التخصص الصحيح.


وترى نور أن التخصصات التي عليها طلب من قبل
طلبة التوجيهي هي الكمبيوتر وتفرعاته، والطب والهندسة كما تقول تحتاج الى معدلات
مرتفعة جداً، ولهذا فكل عام لا يكون هناك معدلات بقدر كبير ولذلك يضطر الطلبة
للدخول في التخصصات التي ليس عليها طلب.



مشكلة سوق العمل..

وكثير من الطلبة لا يكون لديهم خبرة في اختيار
التخصصات كأن لا يكون له أخ أو أخت أكبر منه درست في الجامعة، فيختار تخصصا غير
مناسب أو غير مرغوب مهنياً، فيبقى يندب حظه طوال عمره، بحسب نور.


وتختلف بعض وجهات النظر التي تحمّل الطالب نفسه
المسؤولية فترى منى المروطي بأن المشكلة تكمن في الطالب الأردني نفسه فكثير منا
يتهافتون على دراسة الهندسة والطب وتكنولوجيا المعلومات وهي مجالات أصبح فيها فائض
في المجتمع فنحن لا نعرف ما هي حاجة سوق العمل حتى ندرس ما يناسبها ولا شك ان
"الوجاهة " هي السبب حتى يقال إن ابني مهندس او دكتور ولا يعرفون عواقب
هذا.


أما عبدالله أحمد فيختلف مع هذا الرأي بقول
"يوجد مشكلة كبيرة في سوق العمل الأردني هي عدم توافق الوظائف لتوقعات
الخريجين الجدد تحديداً، حيث يتفاجئ الشخص بوظيفة لا تتناسب مع قدراته و معرفته،
قد يكون السبب في هذا على الجامعات التي لا تدرس جيد احتياجات سوق العمل أو بسبب
ضعف معرفة سوق العمل بالمعلومات الجديدة و المعارف التي يكتسبها الخريجون".


ربط الجامعات بسوق
العمل.. هو الحل!

الكاتب خلدون الطلافحة أكد أن المشكلة تحمل
جميع الجهات المسؤولية، إلا أن الجامعات تحمل الوزر الأكبر، فيعلق "هناك نقص
في المعلومات والتوعية للطلبة وأهاليهم، فحينما
يختار الطالب تخصصاً فهو يأخذ رأي المجتمع من حوله، إضافة الى أنه ليس هناك
دراسة واضحة تبين له أين سيتجه السوق بعد خمس أو أربع سنوات فتصبح كموضة أي بعد أن
يتخرجوا يجدوا أن التخصص قد أشبع، كما حدث مع تخصصات الكمبيوتر الذي صارت تعاني من
البطالة".


ويضيف "وبالتالي هذا أدى الى أن وجود
بطالة مقنعة فيعمل الشخص بغير تخصصه وهذا ينطبق على كل التخصصات والحق طبعا على
المؤسسات الحكومية التي عليها أن توجه الطلبة".


أما قضية نظرة المجتمع فلها دور كبير برأي
الطلافحة، الذي يشرح قائلاً "إذا ما حصل أحدهم على معدل عالي في التوجيهي فبالتأكيد
سيدرس ابنه طب أو هندسة ليقال أن ابنه دكتور أو مهندس بغض النظر ما إذا كان لدينا
56 ألف مهندس وعدد كبير من الأطباء".


ويجد الطلافحة الحل في ربط الجامعة بالمجتمع
المحلي، "لأن جامعاتنا منفصلة تماماً عنه فيجب أن يكون هناك دوائر متصلة داخل
الجامعات توجّه الطلبة وتبقى على اتصال دائم بحاجات سوق العمل".


ويتفق رئيس لجنة تنسيق القبول الموحد د. محمد
خير الحوراني مع الطلافحة في أنها مسؤولية جماعية، ويؤكد بأن على مؤسسات الوطن بكل
أنواعها يجب ان تتبناها من الجامعات نفسها الى وزارة التربية والتعليم والتعليم
العالي والتخطيط وكل الوزارات الأخرى إضافة الى مؤسسات المجتمع المدني".


ويتم ذلك برأيه من خلال الزيارات المدرسية
لتثقيف الطلاب عن التخصصات التي يطلبها سوق العمل، وما هي التخصصات الراكدة، ومن
خلال وسائل الإعلام المختلفة.


ويقول الحوراني "ديوان الخدمة المدنية
يطرح بين فترة وأخرى كتيبات فيها فكرة عن التخصصات الراكدة، لكن كثيرين لا يقرؤون
هذه الكتب، وحتى وسائل الإعلام لا تركز عليها، فهدفنا أن نوجه الطلبة لأنهم من سيخدم
الوطن والأمة، وليس علينا أن نوجههم باتجاه زيادة الحمل على المجتمع والوطن".


ويرفض الحوراني إلقاء اللوم على الجامعات وحدها
فالجامعات برأيه تتجه الى تطبيق تلك الحلول، وتحاول إيجاد لجان تتكون من سوق العمل
وديوان الخدمة المدنية، ويشير "الحق ليس على الجامعات وحدها، بل الحق على
المواطن نفسه، فقرار التعليم الجامعي هو قرار يحكمه ثقافة الأسرة وقدرتها
المادية".


عدوى الشهادة الجامعية

ويرى الحوراني بأننا أما عدوى تسمى
"الشهادة الجامعية" فالكل يقبل عليها بغض النظر عن الظروف وعن أحوال المجتمع،
وهناك بحسبه "إقبال على تخصصات راكدة معروف أنها خارجة عن سوق العمل ومع ذلك
عليها إقبال والسبب لمجرد أن يقال أن ابني أو ابنتي تحمل شهادة جامعية، مع أن هناك
طلباً من سوق العمل على تخصصات كليات مجتمع لكن ليس عليها إقبال من الطلبة".


وعلى الرغم من كل تلك الآراء، فما تزال هناك
رغبة في تطبيق حقيقي على أرض الواقع، كأن تقوم كل الجهات بعمل اللازم وقت الإعلان
عن تقديم طلبت الالتحاق بالجامعات الذي يتم مرتين كل عام دراسي، فعلى المؤسسات
والمعنيين توفير المعلومات اللازمة بشكل دقيق وواضح، وعلى الطلبة أن يكلفوا أنفسهم
عناء البحث عن تخصص العمر والشهادة الجامعية.

أضف تعليقك