التحرش الجنسي بالأطفال.. كيف نصارح اطفالنا
"محمد" طفلٌ يبلغ الثالثة عشر أغراه ذئبٌ بشري بأنه سيؤمن له فرصة عمل في أحد الفنادق وطلب منه الذهاب معه وساعد في اقناعه مظهرهُ الذي يوحي بأنه شخصٌ ملتزمٌ ورزين فذهب محمد معهُ لحاجته إلى العمل ولانه لا يعي ما وراء ذلك.
إستدرجهُ إلى غرفة في فندق وصغر سنه استطاعَ السيطرةَ و الاعتداء عليه وتركه يعاني في الغرفة مغادراً ليشتري حاجياته .لم يستطع محمد أن يغادر الغرفة ويهرب لمنزله لان الوقت كان ليلاً وبقي ليلتها في تلك الغرفة المظلمة الباردة منتظراً حلول الصباح,استيقظ صباحاً ولم يجد ذالك الوحش, فتوجه طالباً المساعدة من إدارة الفندق وساعدوه للوصول إلى أهله ,فجاءوا إليه مسرعين وأخبرهم بما أصابه في تلك الليلة.
الجانب النفسي...
مع الاخصائية النفسية شيراز النسور، من مركز نور الحسين للرعاية الصحية. بينت الأسباب التي تمنع الطفل من إخبار ذويه بما حصل معه منها التنشئة والتربية, حيث ان الأهل لا يُعلمون أولادهم حدود أجسادهم, وأيضاً بسبب المفهوم الخاطئ لدى الأهالي عن التحرش بأنه يقتصر فقط على الاغتصاب.
وأضافت النسور إلى أن توبيخ الاهالي لاطفالهم قائلين كلمات مثل"عيب" تمنع الطفل من التكلم وهذا يؤدي الى ردة فعل عكسية لدى الطفل فلا يجرؤ على إخبار والديه بما حدث معه. وهذه إحدى الحالات التي تعرضت للتحرش والتزمت الصمت مما ادى الى نتائج مدمرة وقعت على حياتها وبنائاً على طلبها لم نذكر اسمها الحقيقي..
"رولا" في الرابعة والعشرون عاماً تعرضت لتحرش الجنسي من قبل احد افراد اسرتها وهي بالرابعة من عمرها أخبرت والدتها بما حدث معها, لكن الأم طلبت من طفلتها السكوت ظناً منها أن الطفلة ستنسى بسبب صغر سنها وان الأمر لا يستحق لأنه لم يصل لهتك العرض, "رولا" الان تراجع اخصائية نفسية بسبب عدم قدرتها على التعامل مع الجنس الآخر مما اثر على حياتها سلباً طوال العشرين عاماً الفائته.
الأعراض النفسية والجسدية للطفل المتعرض للتحرش الجنسي..
أوضحت النسور أن الأعراض النفسية والجسدية التي تحدث للطفل بعد تعرضه للتحرش الجنسي ومنها أن الأطفال يظهر عليهم القلق والاضطراب وشحوب الوجه والجسم والذي سببّه امتناعهم عن تناول الطعام فيصابوا بسوء التغذية وتصبح لديهم ايضاً مشاكل في القولون العصبي.
ويلجأ الطفل إلى العزلة والانطوائية بسبب فقدانه الثقة بنفسه وبمن حوله،ثم تحدث اضطرابات ما بعد الصدمة حيث تصيبهم احياناً نوباتٌ عصبية.
وأضافت أن أهم هذه الإضطرابات تكون فقدان الطفل لدوره الوظيفي كأن يشعر الطفل بأنه مجرد طفل وانه ضعيف بطبيعته فيغلب عليه الإكتئاب كالحزن و الاسى النفسي والشرود الذهني والسرحان. وانه في حال ازدياد أعراض الإكتئاب من الحزن والاسى الواضح والعزلة قد يؤدي إلى ان يؤذي الطفل نفسه و تصل احياناً للإنتحار.
وفي النهاية اخبرتنا ببعض الحلول الواجب ان يقوم بها الأهل مع اطفالهم لحل المشكلة منذ البداية وكان همها هو فتح باب الحوار و النقاش بينهم وبين أولادهم وأن لا سر على الوالدين مع الخصوصية التامة للطفل واضافت انه يجب عليهم الاستماع جيدا لما يقوله أبنائهم ويعززوه ويحاولوا ان يضبطوا أعصابهم أثناء الحديث.
وأضافت لنا بأن بناء الثقة و المصداقية بين الأهالي وأطفالهم تعزز شخصية الطفل وتقويها وتساعدهم على الإنخراط في المجتمع لأنهم في مرحلة تكوين "صورة الذات" أيضا يجب عليهم تعليم الاطفال حدود أجسادهم ويثقفوهم بما يتناسب مع عمرهم بالإضافة إلى الاجابة عن جميع تساؤلاتهم مهما كانت ولكن ضمن اطرافهم العمرية.
وأوعزت بضرورة الفصل بالنوم بين الأطفال وأن يراقب الاهل ما يشاهده الأبناء ويحرصوا على عدم التفرقة بين أولادهم وهذا يعزز الدور المتكامل بين الأهل وأطفالهم.
الجانب الاجتماعي و القانوني...
اما الأخصائية الاجتماعية سبأ الزيود التي تعمل مع النساء والأطفال المعنفين وتحديداً مع المعرضين للعنف الجنسي.
أوضحت الزيود انه عندما تأتي لهم حالة لطفل معرض للتحرش الجنسي فإن أول شيء يقومون به هو التبليغ عن هذه الجريمة.
واشارت ان التبليغ يتم بحسب عمر الطفل, إذ أنه لا يتم أخذ موافقة الطفل تحت عمر الحادية عشر وتكفي موافقة الأهل, أما في حال كان الطفل أكبر من الحادية عشر واصغر من الرابعة عشر يتم اخذ موافقة الطرفين الأهل و الطفل, ومن الرابعة عشر الى السابعة عشر تكفي موافقة الحاله وحدها.ويكون التبليغ في جميع الحالات إلزامياً.
وحسب الزيود فان الاطفال دون الحادية عشر من عمرهم لا يكونون مدركين بشكل كافي للتحرش او ما حدث معهم لهذا لا يتم أخذ موافقتهم.
وقالت الزيود إنه بعد التبليغ يتم التحري عن هوية المعتدي حيث تختلف الإجراءات اذا ما كان فرداُ من العائلة أم شخصاً غريب.
وأشارت أنه في حال كان من أفراد العائلة يصنف هذا الاعتداء من الدرجة الاولى و بحسب ما أوضحت رنا الطراونة المستشارة القانونية في جمعية النساء العربيات التي تعمل في مجال التوعية القانونية حول العنف المبني على النوع الاجتماعي.
تقول إذا لم يكن المعتدي من العائلة يحول مباشرة إلى المحكمة المختصة أما إذا كان من داخل العائلة يتم تحويلهم إلى حماية الأسرة ومن ثم المحكمة المختصة.
وأضافت إذا كان الوالد هو الجاني يتم تخفيف الحكم تبريراً له كمريضٍ نفسي وفي بعض الأحيان يتم إعدام الأب وهذا كله يتم بحسب وقائع القضية.
وقالت الزيود إنه عادةً ما تأتي الأم لطلب المساعدة في حماية طفلها, هنا يتم توفير الحماية للطفل والأم لضمان سلامتهم ولتفادي التهديدات والمخاطر المحتمل التعرض لها.
وفي حال رفض الام للتبليغ القانوني عن الحالة نلجأ للتبليغ الإلزامي ويتم إشراك الأم جلسات توعية و مجموعات تمكين النساء و جلسات الرعاية الوالدية بعد توضيح مخاطر المشكلة لها.ويتم إشراك الطفل ايضاً بمجموعات توعية للأطفال بخصوصية الجسد وكيف يحمي جسده.ويتم عمل خطة و مسافة أمان بين الطفل وأي شخص سواء قريب ام بعيد.
وأضافت الزيود انه في حال قدوم طفل يافع تعرض للاعتداء الجنسي وتم اخد الاجرائات القانونية سابقاً لكنه لم يتخلص من الآثار النفسية لهذا الاعتداء ويريد الخضوع لجلسات إرشاد فردية هنا أولاُ يقومون بأخذ موافقته على الإفصاح عن المعلومات ثانياً يقومون بفتح ملف له ليتم التعاون و التواصل معه بشكل دائم. ثم تبدأ الجلسات الفردية التي تتضمن رفع الثقة بالنفس و مهارات الاتصال و التواصل وايضاً يتم إشراكهم بدورات التمكين ومجموعات الارشاد المجتمعي لتساعدهم في تخطي هذه الأزمة النفسية. وأشارت ايضاُ إلى حالات كان فيها المعتدي نفسه طفل وتم الإعتداء عليه سابقاً من قبل احد افراد اسرته وانه قام بالاعتداء على طفل أخر بدافع الانتقام, فيتم تحويله بدايةً إلى حماية الأسرة لأنه من الممكن ان يكون السبب أنه لا يزال يتعرض للاعتداء الجنسي. وفي هذا الامر قالت "الطراونه" أن القاصر يكون حكمه مشدّاُ بالأشغال الشاقة فقط ,أما البالغ يحاكم حسب وقائع القضية ويصل أحياناً العقاب إلى الاعدام.
نتائج الاستبيان...
وحسب نتائج استبيان لفئة من المجتمع أجرته معدة التقرير، تبين أن اكثر الأسباب التي تؤدي إلى تفشي هذه الظاهرة الا اخلاقية اولاً قلة الوعي الديني والاخلاقي ومن ثم الانفتاح العالمي على الإنترنت دون رقابة بالاضافة الى مشاهدة الافلام الاباحية من قبل الأطفال هذا ما أفادته نتائج هذا الاستبيان.
وأظهر الاستبيان أن 66%من الذكور يكونون علاقة صداقة مع اطفالهم و40% فقط من الإناث تقوم على ذلك وأظهر هذا الاستبيان نوعاً من الوعي المجتمعي حيث أنه 55% من الاثاث المقبلين على الزواج اجابوا انهم سيعملون على تكوين علاقة صداقة بينهم وبين اطفالهم و22% من الذكور سيقومون بذالك مستقبلياً.
وكانت نسبة الإناث غير المدركات لعلامات تعرض الأطفال للتحرش الجنسي 55% اما الذكور 78% وكانت هذه النسبة صادمة. وكانت نسبة الإناث المتعرضات للتحرش الجنسي في الطفولة هي 45% و22% من الذكور.
ولن تنتهي هذه المعاناة باحصاء اعداد الضحايا فما اخفي عنا أعظم وستبقى هذه المأسي متواجدة حتى تبتر من قبل المجتمع وخاصة الاسرة الحل يكمن بين احضان العائلة حينما يصبح الطفل قادراً على التكلم بحرية دون خوف هنا تقلب الموازين فلن يستطيع المجرم إسكات الطفل..فتصبح صرخة الطفل نجاة..