الانتحار تعدد الأساليب والنتيجة واحدة..غياب للرعاية

الرابط المختصر

دفع اليأس ب "أم تاليا" اسم مستعار إلى تناول كميات كبيرة من أدوية متعددة العلاجات بقصد إنهاء حياتها، الا ان دخول والدتها الى غرفتها في الوقت المناسب من اجل اخذ بعض الملابس من غرفة ابنتها، حال دون ذلك بعدما اسعفت الى المستشفى.

الأمر لم يكن سهلا  بداية الأمر بالنسبة لـ "ام تاليا" البالغة من العمر 28 عاما،وهي ام لاربعة من الأطفال التي تحدثت بقلب موجوع عن قصتها بعد تخلي زوجها عنها وعن أطفاله وزواجه من امراة أخرى قالت :" تزوجت في عمر صغير..أهلي أخرجوني من المدرسة كنت بالصف العاشر..كنت أحب الدراسة ومدرستي.."

وأضافت "زوجي كان يكمل دراسته الجامعية خلال زواجنا حتى حصل على شهادة البكالوريوس ..أثناء دراسته تعرف على زوجته الثانية التي كانت زميلته في الجامعه".

رفضت زوجته الثانية الزواج به بحسب ما أسرت به ام تاليا  التي قالت "اشترطت للزواج به أن يطلقني وينفصل عن أطفاله الأربعة أصغرهم 6 سنوات".

لم يستمر حال ام تاليا طويلا بعد شعورها بالضياع ووقوف والدتها الى جانبها بعد ان شعرت ان العالم من حولها تخلى عنها،طرقت باب جمعية الإبداع والتحدي الخيرية إحدى الجمعيات المستفيدة من جمعية معهد تضامن النساء الأردني  تطلب مساعدتها.

بحسب إحصائيات دائرة ادعاء عام عمان،فقد سجلت في الشهور الثمانية من عام 2022 حوالي 117 محاولة انتحار في العاصمة،منها 100 داخل مكان مغلق 17 محاولة في الخارج.

محليا بحسب قانون العقوبات يعتبر قضايا قتل النفس "قضاء وقدر" فيما يعاقب القانون كل من حرض على الانتحار بعقوبة تصل الى الاشغال المؤقتة 20 سنه.

بالعودة الى أم تاليا قالت"شعرت بالخيانة والإحباط إلا أن إصراري على البقاء من أجل أطفالي كان سببا لطرق باب الجمعية التي استفدت من دورات التدريب على الأشغال اليدوية ،حتى وصلت الى الاحتراف بها".

واردفت قائلة "نهضت من جديد،واتخذت قراري بمواصلة تعليمي واليوم ان على مقاعد الدراسة الجامعية سنة ثالثة تخصص التسويق".

وعلقت رئيسة الجمعية انعام عكيلة "كان لوالدة ام تايلا دورا في تشجيع ابنتها،فهي من شجعتها على المشاركة في دورات الجمعية..وادهشتنا عندما بلغتنا رغبتها بإكمال دراستها وحصولها على شهادة التوجيهي حتى وصلت إلى مقاعد الجامعة".

وأشارت الى أن العديد من الفتيات والسيدات تعاني من الفشل بعلاقتهن الزوجية أو بحياتهن،ونعمل من خلال برامجنا التأهيلية الممولة ضمن المشاريع المقدمة للجمعيات لإشراك النساء بالدورات لتحسين وضعهن المعيشي وأيضا لتشجيعهن على مواصلة الحياة ".

ولفتت عكيلة في هذا الإطار الى اللجوء أحيانا إلى إدارة حماية الأسرة من أجل تقديم المساعدة وذلك حسب نوع المشكلة والقضية التي تواجهها المراة، بينما جرى إحالة قضايا الى تضامن من اجل تقديم المساعدة القانونية لهن. 

وقالت "نحن كجمعيات خيرية برامجنا ممولة حسب الجهة المانحة،و امكانياتنا محدودة ..لا يوجد لدينا خدمات للرعاية الاجتماعية ولهذا نلجأ الى إدارة حماية  الاسرة وتضامن وغيرها من المنظمات غير الحكومية التي يمكن أن تمول أي من البرامج التي تقدم برامج الرعاية والحماية".

نجحت ام تاليا في تخطي أزمتها النفسية، بينما نجد من فقد حياته ذكورا وإناثا،في لحظة قرروا التخلص من حياتهم بأساليب مختلفة.

 إلا أن أمر إخفاء حقيقة الانتحار للعائلة يبقى في ظل الكتمان والادعاءات بأخذ دواء بالخطأ،شعر بالدوار فسقط عن مرتفع وهكذا، حتى عند إسعاف ام تاليا بعد تناولها جرعة الدواء، لم تفصح عائلتها عن محاولتها الانتحار بل واكتفت بالادعاء "اخذت دواء بالغلط".

وبحسب أرقام المركز الوطني للطب الشرعي فان النصف الأول من عام 2023 سجل 66 حالة قتل نفس (انتحار) من بين الرقم 13 انثى و53 ذكر،بينما سجل العام الماضي للفترة ذاتها 65 بينهم 20 حالة لاناث و45 لذكور ،بزيادة حالة واحدة، بفارق انخفاض حالة واحدة عن عام 2022 لذات الفترة بلغت 66 حالة وفاة.

وتوزعت وسائل الانتحار بحسب مدير المركز الوطني للطب الشرعي د.ماجد الشمايلة  شنق 41 حالة، و9 حالات حروق لهبية،و 3 حالات عيارات نارية، وحالة واحدة تناول مبيد حشري،و 8 حالات سقوط من علو،وحالة واحدة شرب مادة سامة،،وحالة واحدة تناول ادوية.

ودعا د. الشمايلة إلى بناء قاعدة بيانات وإجراء دراسات مسحية لقياس اتجاهات الجريمة ودوافع الانتحار في الأردن خصوصا مع تسارع التغير الديمغرافي.

واتفق كل من  د.حسين الخزاعي أستاذ علم الاجتماع مع الشمايله حول عدم وجود قاعدة معلومات للانتحار في الأردن قائلا" لا يوجد عندنا سجل ثابت لعدد المنتحرين في الأردن، وزارة الصحة لا تملك أرقاما وما يملكه هو الطب الشرعي".

وقال الخزاعي "الطب الشرعي يمتلك جثة المنتحر..لكن  من دفعه للانتحار أو لماذا انتحر..لا يملك السبب..وانما يتعامل مع جثة المتوفى،تسلم جثة لتشريحها".

وارجع الخزاعي أسباب الانتحار ومحاولات الانتحار للفت النظر لقضية معينة، القصد منها ليس الانتحار، الهدف تسليط الضوء على مشكلة يمكن ان يتم معالجتها.

 

وفرق الخزاعي بين المنتحر ومن يحاول الانتحار قائلا " المنتحر يكون لديه النية الكاملة للانتحار،و في كل حالة انتحار يقابلها من 5 الى 10 محاولات انتحار في الأردن .

أما من يحاول الانتحار عادة ما يفصح عن السبب بينما ،المنتحر لا يعلم أحد عن اقدامه على الانتحار إلا إذا ترك رسالة او ابلغ أي احد اشخاص مقربين رغبته بالانتحار.

وأضاف لا يكشف" المنتحر"عن رغبته بالانتحار حتى لا يثنيه احد،فقد اخذ اقرار .

وقال الانتحار في الأردن يعود بالاساس الى فقدان الثقة بالنفس بعدم القدرة على حل المشكلة.

ثانيا فقدان الثقة في المحيط الذي يعيش بها الأسرة والأقارب وفقدانه الثقة بكل المؤسسات والمجتمع.

يعاني المنتحر من اكتئاب شديد جدا ورؤيته للحياة تكون سوداوية قاتمة ويعتبر التخلص منها هو الحل الأفضل.

وقال في القانون تعتبر حوادث الانتحار عادة تعتبر جريمة الى حين إثبات العكس بان "المنتحر"  راغب بالانتحار، ولا يوجد من حرضه او دفعه للانتحار أو قتله .

وقال كاخصائيين اجتماعيين لا نستطيع اجراء دراسة حيث أن الأسرة سوف تمنع التعاون باعتبار حادثة الانتحار وصمة عار 

وعلق أي شخص يعمل دراسة عن الانتحار كانه يدوس في حقل ألغام وهو موضوع اسري والأسرة تخفيه تعتبره وصمة عار.

 أقر مجلس النواب الأردني، عقوبة على كل من يحاول الانتحار في مكان عام، وصوت النواب لصالح القرار الذي يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين وتشدد العقوبة إلى ضعفها إذا تم ذلك باتفاق جماعي.

 

هذا التقرير تم إنتاجه ضمن التعاون المشترك مع برنامج النساء في الأخبار-مؤسسة وان افرا الدولية