الامانة تقتلع مئات اشجار الزيتون

الرابط المختصر

لم يفلح الحاج ابو علي من سكان منطقة طارق في اقناع موظفي وعمال امانة عمان المكلفين بازالة اشجار الزيتون من عن ارصفة الشوارع في المنطقة في اقتلاع الشجرة من جذورها ليعيد ابو علي زراعتها في حديقته الصغيرة بل اصر العمال على قطعها من سيقانها كما هي التعليمات لديهم.

 يقف الحاج ابو علي ذو الستين عاما على اكوام اغصان الزيتون المقطعة والمحملة بالثمار ويستذكر اشجار الزيتون الخمسة المزروعة في باب بيته و التي اعتنى بها طوال 20 عاما الماضية حيث كان يحرص على تقليمها وسقايتها والاعتناء بها لتكون نهايتها مريرة على ايدي الامانة.
يقول ابو علي في حديثه لـ"العرب اليوم" لطالما انتظرت موسم الزيتون لاقطف اشجاري الخمسة التي اعتنيت بها منذ سنوات واجني ثمارها واقطفها فهي تنتج ما بين تنكة زيت الى اثنتين في الموسم تكفيني واسرتي عاما كاملا فحاجتي وقلة دخلي تمنعني من القدرة على شراء زيت الزيتون من المعاصر والاسواق, لكني هذا العام ساكون بامس الحاجة الى شراء زيت الزيتون بعد ان تقطعت اشجار الزيتون من باب منزلي.
هذه الحالة المحزنة التي يعيش بها الحاج ابو علي اصابت كثيرا من اهالي منطقة طارق الذين غزتهم مناشير الامانة وقامت بتقطيع اشجار الزيتون المحملة بالثمار خلال الايام الماضية من دون ادراك منها بان موسم الزيتون على الابواب وان كثيرا من المواطنين يعتاشون على زيت الزيتون الذي ينتج من الاشجار المزروعة على ابواب وارصفة منازلهم.
مشروع ازالة اشجار الزيتون من على ارصفة وشوارع العاصمة قد بدأت بها الامانة منذ عام ونصف العام تقريبا بهدف اخلاء الارصفة من اي معيقات امام المشاة حيث تعيق الاشجار المزروعة في وسط الارصفة المشاة بما فيها اشجار الزيتون.
كما اثبتت التجارب الطبية ان كثيرا من الاشجار المزرعة في جوانب وارصفة الطرق في العاصمة تسبب الحساسية لدى كثير من المواطنين بحسب مسؤولين في الامانة الذين اكدوا ان ازالة هذه الاشجار امر ضروري في الحفاظ على صحة وسلامة المواطن.
ويهدف المشروع الى تحقيق استراتيجية الامانة الرامية الى تعزيز اوجه العناية بالمواطن وتوفير الامان على الطرق فضلا عن المحافظة على النواحي الجمالية للعاصمة حيث جاء المشروع بعد دراسات ميدانية علمية واحصائية اجرتها الامانة بالتعاون مع ادارة السير في مديرية الامن العام ومؤسسات تعليمية كبرى.
اما الحاج ابو محمد تحدث عن قرار الامانة في تقطيع وقص الاشجار قبل الموسم بشهر واحد انه قرار غير مسؤول وان لا الامانة ان لا تسيء استخدام صلاحياتها بهذا الشكل المجحف.
واضاف " لو انتظرت الامانة الى حين انتهاء الموسم ليستفيد المواطن من ثمار الزيتون او ان تؤجل موضوع ازالتها على اقل تقدير حتى شهر شباط المقبل".
مواطنون من سكان المنطقة اجمعوا ان حجج الامانة في موضوع ازالة الاشجار غير مقنعة خاصة في الجانب الطبي حيث توجد هذه الاشجار في ابواب منازلهم منذ عشرات السنوات ولم يشكو المواطنون من امراض الحساسية وغيرها الناتجة عن ازهار الثمار.
اما مدير مديرية الامراض الصدرية وصحة الوافدين في وزارة الصحة د. خالد ابو رمان ان غبار الطلع في زهرة الزيتون نهاية شهر نيسان وبداية آيار له تأثير على الاشخاص الذين لديهم استعداد للحساسية وهو مرتبط بعوامل وراثية.
واكد انه في حالة الاصابة بالتحسس فقد يتأثر المريض بدرجة عالية احيانا وتسوء حالته وهو ما يطلق عليه "الربو القصبي" وقد تتفاوت الاعراض من رشح بسيط وتهيج في القصبتين وعطاس متكرر في حالة اصابة الجهاز التنفسي العلوي
اما اذا كان هناك تحسس ربوي في الجهاز التنفسي السفلي فمن الممكن ان يصل الى الشعور بالاختناق احيانا مضيفا بان تقديرات وزارة الصحة تؤكد بان 10 % من المواطنين مصابون بالربو وان من 10 - 20 % من المصابين بالربو لديهم تحسس لغبار الزيتون
واضاف ابو رمان بان تأثير غبار الطلح من 10 - 20 مترا في حالة السكون اما في الرياح الشديدة فقد يصل تأثيرة الى مسافة 1 كيلو متر.
المفارقة "غير المنطقية" تكمن في ان امانه عمان قامت باقتلاع الاشجار قبل موسم قطاف الثمار وبعد انتهاء فترة الازهار وهي الفترة الحرجة والتي ترتفع بها نسب الاصابة بالربو.
كما حمل المواطنون الامانة مسؤولية تخريب وتدمير الارصفة التي باتت في حالة مأساوية بعد قيام الامانة بعملية اجتثاث اصل الاشجار من الارض مما يتسبب في اقتلاع ما حولها من بلاط ارصفة وغيرها.
من جانبة أكد نائب مدير المدينة للأشغال العامة المهندس فوزي مسعد أن الأمانة ماضية في تنفيذ مشروع نقل أشجار الزيتون من الأرصفة مشيرا الى ان الامانة تقوم بقطع السيقان فقط بينما تعمل على نقل اصل الشجرة "القرمية" الى اماكن اخرى لزراعتها.
وبين م. مسعد أن ثمار الزيتون الموجودة على أشجار الأرصفة هي غير صالحة للاستهلاك البشري نتيجة تلوثها من عوادم السيارات إضافة إلى الغبار والأتربة, وذلك وفق الدراسات العلمية المستفيضة التي أجرتها الأمانة على أشجار الزيتون الموجودة في الأرصفة حيث تبين احتوائها على مواد كيماوية في مادة الزيت الناتجة عن تلك الثمار.
واوضح ان الامانة تعمل على نقل اصل اشجار الزيتون الى ارض المطار وزراعتها في اراض تابعة لجهات حكومية مشيرا الى ان نسبة نجاح عملية زراعتها تزيد على 95% من الاشجار التي يتم نقلها من على ارصفة العاصمة.
من جانبه قال مدير دائرة الأرصفة والأعمال التكميلية م. محمد رحاحلة أن كمية أشجار الزيتون التي تنقل شهريا تترواح بين 1500 و2000 شجرة من مواقع متفرقة من العاصمة مشيرا انه تم نقل ما بين 17 - 18 ألف شجرة زيتون منذ انطلاقة المشروع قبل عامين.
ونوه الرحاحلة أن الأمانة بصدد طرح عطاء جديد خلال الشهر الجاري يتضمن نقل 10 الاف شجرة زيتون في عدد من المواقع في العاصمة.
من جانبة قال الناطق الاعلامي لوزارة البيئة عيسى الشبول ان وزارة البيئة ومن حيث المبدأ ضد اقتلاع الاشجار ولسنا مع قطع اي شجرة لكن لامانة عمان مبرراتها التي قد تكون منطقية كاغلاق الارصفة واصابة المواطنين بالامراض التنفسية في حالة الازهار.
واضاف الشبول بان على امانة ان تقلل ما امكن من عمليات قلع الاشجار وتحديدا المعمرة منها والاستعاضة عن ذلك بتقليمها بطرق تجعل نموها يتجه الى الاعلى.
وتابع "نحن ضد اقتلاع الاشجار المعمرة لكن هناك استحقاقات ومتطلبات تراها الامانة قد تكون منطقية".
وكانت امانة عمان قد طرحت قبل عامين مواصفات لاشجار الارصفة من حيث كونها سريعة النمو ومتساقطة الاوراق وذات جذور عميقة نسبيا بيد انه للان لم تتم زراعة اي بديل في مواقع الاشجار المقطوعة والمزالة من على الارصفة.