الاقتراب لنقطة المنتصف يجنب البلاد خيارا غير مستحيل!

على دوائر صنع القرار واركان الحكم والنظام في الأردن استغلال الفرصة المواتية كما الحراك الشعبي تماما من اجل الإقتراب الى نقطة المنتصف التي من شأنها ان تجنب البلاد خيارا مستبعدا ولكنه غير مستحيل في وسط ظروف اقليمية تغلي بربيع عربي ما زالت ثمارة تكافح للخروج من أتون الفوضى الحتمية لما بعد الثورات.

اذ يبدو ان الحراك الشعبي في الشارع الأردني اخذ نفسا عميقا ولكنه لم يتنفس الصعداء بعد، فالمشهد السياسي الآن لا يمكن ان يكون اكثر ملاءمة لأن تتقارب وجهات النظر المختلفة المنادية بالاصلاح كل منها برؤيتها الخاصة تحقيقا للمصلحة العامة للوطن والمواطن.

ذلك ما أظهرته مسيرات يوم الجمعة سواء في العاصمة عمان او في المحافظات وان تفاوتت الشعارات وسقف المطالب إلا انها لم تتعد سقفا احترمه الحراك الشعبي الأردني منذ انطلاقه آذار الماضي ألا وهو: المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد.

ويؤكد فهد الخيطان رئيس تحرير صحيفة العرب اليوم في مقاله السبت بأن ” استقالة حكومة البخيت وتكليف الخصاونة بتشكيل حكومة جديدة ساهم في التخفيف من حدة الاحتقان في الشارع، وانعكس ذلك بتراجع في سقف الشعارات المرفوعة” دون ان يتراجع الحراك الشعبي عن مطالبه الاساسية والمتمثلة في مكافحة الفساد واصلاح النظام .

إلا ان هذه المطالب تبقى عالقة امام تأكيد ملكي اثناء بدء فعاليات منتدى دافوس بأن “الربيع العربي شكل لنا في الأردن فرصة لتحقيق الإصلاح توافقيا وتدريجيا ” وما بين تفهم عميق لرئيس الوزراء المكلف عون الخصاونة لأسباب الحراك الشعبي بتصريحات اعلامية بأن “اهم اسباب الحراك في الشارع الفقر والبطالة وعدم الشعور بالعدالة” مشيرا بذات الوقت بان “القضاء على الفساد في الأردن ليس مستحيلا” .

و يرى مراقبون انه ليس هناك خيار واقعي ومقبول امام هذا الحراك المطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد إلا باغتنام الفرصة وطرح مبادرات رسمية مهمة في الوقت الراهن، فالرئيس المكلف أعلن بصراحة بانه “اذا حسنت النوايا من الجميع سنصل الى حل وسط فالحراك في الشارع يطالب بالإصلاح والنظام يؤيده ويدعمه فهناك اتفاق على المبدا لا يضيره الاختلاف في التفاصيل”.

ولا يمكن اغفال حقيقة انه تم انجاز تعديلات دستورية مهمة بالرغم من الخلاف حولها ، و تم وضع مشروعي قانوني الاحزاب والانتخابات ما يمهد لانتخابات حرة ونزيهة تراقبها هيئة عليا مستقلة، وهو ما دفع احزابا سياسية كانت تحشد لتسريع وتيرة الحراك بأن تنسحب تدريجيا وتنتهج طريقاً آخر بما يتناسب مع استراتيجيتها ومصالحها.

الأمر الذي يؤكد على أن الحراك الشعبي مؤخرا ابتلي بالانقسام بالفعل وذلك لعدة عوامل اهمها : اختلاف وجهات النظر في أولويات المطالب، ومحاولات حزبية مخضرمة باختطاف الشارع وتحريكه وفقا لاجنداتها السياسية، بإلإضافة الى موقف بعض اقطاب هذا الحراك المتناقض تجاه ما يحدث في سوريا وإنكارهم على الشعب السوري حقة بالمطالبة بالإصلاح والحريات.

فتلك الاختلافات سببت انشقاقات بين تلك تيارات اساسية في الحراك” ذلك ان المتقاعدين العسكريين وحركة جايين والتيار الوطني التقدمي يقفون في جهة، وتنسيقية لجان الحراك الشعبي “الجبهة الوطنية للإصلاح برئاسة أحمد عبيدات والاخوان المسلمين وبعض الشخصيات السياسية والمستقلة” في جهة أخرى.

و انقسم الحراك الشعبي الى عدة اتجاهات جغرافية:العاصمة والمحافظات، واخرى سياسية اختلفت في قضايا وملفات اساسية وحساسة مثل: قضايا التجنيس والوطن البديل وكيفية التعامل معها والتمثيل السياسي للفلسطينيين في المرحلة المقبلة.

ومن الممكن رسم صورة تقريبية لهذه الإنقسامات كالآتي: حراك محافظة الطفيلة يركز على الاصلاحات الدستورية ومعاهدة وادي عربة، حراك ذيبان-السلط على الفساد والهوية الوطنية ثم الاصلاح، حراك عمان-إربد تختلط فيها الرؤية خاصة فيما يتعلق بقضايا التجنيس والتمثيل السياسي.

الكاتب والناشط هشام البستاني يرى بأن مجموعات الحراك تختلف بقضايا جوهرية واساسية على رأسها قانون الانتخاب، وبعضها تتبنى خطاباً “تفتيتياً على أرضية أردني فلسطيني”، محولة مواضيع من طراز “التوطين” الى تناقض وصراع داخلي، كما تتبنى هذه القوى برامج مثل سحب الجنسية وتحديد الهوية من شأنها ان تسبب شرخا في المجتمع الأردني”.

ويتابع البستاني ما يحصل ليس تغييرا وانما “صراع حقيقي يدور داخل بنية السلطة السياسية نفسها بين الحرس القديم والحرس الجديد، والدليل أن العديد من “قادة” الحراك لديهم ارتباطات ولقاءات وتنسيقات مستمرة مع رموز من السلطة”.

ضعف الحراك وتفاوت تأثيرة سواء كان نتيجة اختلافات وجهات النظر وعدم وضوح الرؤية او بسبب قدرة السلطة على احتوائه وتخفيف حدة تأثيرة والحيلولة دون تمدده عموديا وافقيا، فانه ما زال بعيدا بالفعل عن الأغلبية الصامتة وتحديدا الشباب منها بالرغم مما تحمله هذه الحقيقة من تناقض مع تسميته بالحراك الشبابي وهو راي العديد من الشباب الجامعي الذي تحدثت معهم “الإصلاح نيوز”.

عمر بني هاني طالب وناشط في كلية الطب في الجامعة الهاشمية يؤكد ان هذا الحراك “لا يمثل تماما الاغلبية الصامته التي لها رؤية مختلفة عن الإصلاح، فكلنا نريد اصلاحا ومحاربة فساد ولكن ليس من خلال هذه المسرحية الحكومية او الحزبية التي يتقاسم فيها الطرفان الأدوار فالحكومة تصنع آلام الناس والأحزاب تستفيد منها وتتاجر بهموم الناس ليس أكثر”

من جهتهم يؤكد القائمون على الحراك الشبابي الاردني التزامهم واصرارهم على استكمال الحراك الى جانب جميع القوى الاصلاحية حتى تحقيق الاصلاح والتغيير الديمقراطي، بحسب بيان صادر عن الحراك الشبابي الخميس الماضي الذي شدد فيه على “ان الاردن هو الخط الاحمر الوحيد الذي نعرفه وعلى جميع القوى ان تجمتع لحمايته و تحصينه من اي سوء”.

وسواء شاب هذا الحراك ضعف او انشقاق، او حاولت بعض الأحزاب التي تعد لاعبا سياسيا لا طرفا في حراك شعبي فتي ان يكون لها اليد الطولى بتحريكه من خلال تنسيقات ثبت ان بعضها وهمية، فأن الشارع الأردني يراقب حراكا قد يفاوض في اي مطلب تم طرحه باستثناء الإصلاح الحقيقي ومحاربة الفساد.

الإصلاح نيوز

أضف تعليقك