الإعلام والإصلاح
يتحدثون عن الإصلاح بشغف كبير، ويقولون كلاما رائقا وفاتنا في محاسنه عن الدستور حين ينضج في ورشة الإصلاح، ويقولون الكثير من الكلام الموشى بمياه الذهب عن الحكومة البرلمانية وعن تصويب مزاج الجمهور أمام صناديق الإقتراع، وبهمة لا تعدلها أية همة يتغنون بحياة حزبية مقبلة تجعل الحليم حيرانا، وتترك السائل يذوب في حيائه واستحيائه إن فكر للحظة في الشك بما يسمع ويرى..
حسنا..
ما الذي تفعله هيئة الإعلام هناك..؟!، وهل يستقيم القول هناك بما يتقوله رجال الإصلاح هنا..
سؤال برسم النكران والاستنكار.. ولا مزيد من الشرح والردح، فأول الإصلاح يبدأ بحرية الإعلام والبث والإفصاح وبغير ذلك يبقى كل قول مجرد تهويمات لمجانين فقدوا الرشد، وتلهوا بالشعب في حفلة خداع طالت أكثر مما يجب..
والتخبط بدأ من هناك وانتهى هناك أيضا..
فبالأمس تراجعت الحكومة عن إنفاذ تعديلاتها المقترحة على البث الإذاعي بعد أن وجدت الحكومة نفسها وذراعها الهجومي "هيئة الإعلام تقع في حيص وبيص بعد ان تكشفت لكل ذي لب حجم العبث بالقوانين وبالدستور، وبعد أن تاكد لديها أن ما تود التصدي له ما هو إلا عمل يتجاوز على الدستور جهارا نهارا قبل تجاوزه على القوانين نفسها الناظمة لحرية الإعلام والصحافة وفي مقدمتها بالطبع قانون البث الإذاعي والتلفزيوني.
اجتمع الصحفيون في نقابة الصحفيين تحت يافطة واحدة"إسقاط التوجه الحكومي، وتصويب عقلية الهيئة المريضة "، هناك قال الصحفيون كلمتهم فيما كانت الحكومة تتراجع عن كل خططها الهجومية لقتل آخر ما تبقى من حريات إعلامية لا يمكن لأي دولة كانت أن تتخلى عنها، فما بالكم إن كانت دولة مثل الأردن تنشغل منذ أسابيع مضت بخطة إصلاح سياسي تصدى جلالة الملك نفسه لإطلاقها.
سقطت ورقة التوت عن نوايا الحكومة العتيدة تجاه حرية الصحافة والإعلام، وحرية البث، والحق الإنساني بالحصول على المعلومات وتلقيها وبثها، وتكشفت عورة هيئة الإعلام التي بدت وكأنها تقود جيشا من النصوص القانونية لقتل الحريات الإعلامية تحت ذريعة ضبط قطاع الإعلام، وتصويب اوضاعه، وتصحيح مساراته ــ على حد فهمها ووعيها ــ .
وللحقيقة فليس لدى أحد كان أية معارضة لضبط الفوضى الإعلامية ولكن ليس على طريقة الكاوبوي بإطلاق الرصاص على الإعلام، او التلويح بالسجن والخنق، فليس بهذه الطريقة يتم الإصلاح، وتكون وصفات العلاج، وهذا ما دفع بالعديد من النشطاء على منصات التواصل الإجتماعي للمطالبة باقالة رئيس هيئة الإعلام نفسه، بالرغم من أنه ظهر وكأنه عصا واحدة في جملة عصي كثيرة تدعم مثل هذا التوجه الإعدامي لحرية الصحافة، وحرية البث وتلقي المعلومات ...الخ.