الإعلام الصامت

يطالب البعض الإعلام بأن يكون موضوعياً وناقلاً للأحداث، ويستغربون سلبيته وتجيشه ضد ما يراه وطيف من أبناء الشعب حقاً مشروعاً، في خضم صراع نُقل من خانة الفعل الوظيفي إلى فضاءات ومساحات سياسية واسعه، تبحث عن حقوقها وتحرر إرادتها في سعيها لخلق وطن لشركاء توزع مقدراته بعدالة غير منقوصة أو محصورة بفئات معينة.

الإعلام يطلب منه الحياد، لا الحيادية، والصمت لا الموضوعية، والتمجيد لا الاشتباك مع حقيقة المشهد المتأزم، اختلطت فيه كل صنوف الأفكار، ومنعته من تكوين شخصية مستقلة خاصة به.

إعلام لا يقوى على الرفض والاعتراض، أكان عاماً أم خاصاً، لأن تمويله يتأتى من مصدر واحد، وما يعتقده الشعب اعلاماً خاصاً ليس إلا وجهات مدفوعة الثمن، تخضع لسيطرة الممول شهرياً.

والقصة ترتبط برغيف الخبر، لا بمهنية وإبداع الإعلامي و الصحفي، هل تتخيلون إعلاميا أو صحفيا مطروداً من مؤسسته أو برنامجه، لانه تدخل فيما تراه الحكومة خطاً احمراً لا يصح تغطيته أو نقل تفاصيل أحداثه.

هل تتخيلون المشهد؟

العقاب جاهز في حال انحرف الصحفي والإعلامي عن المسار المرسوم له، والمواكب لرؤية الحكومة، لا رؤية الشعب ومطالبه، فما يراه الشعب حقاً مطلوباً ، تنظر له الحكومة باعتباره حراماً ممنوعاً يستقيم معه العقاب.

في الإعلام قاعدة عامة تقول: من يرسم سياسيات المؤسسات الصحفية والإعلامية هو من يمولها" وهذا يسقط كل التفاصيل الساذجة التي تتدثر بأفكار الحياد، والموضوعية والمصداقية ومرفقاتها، تسقط لأنها لا تقوى على مواجهة حقيقة السيطرة المفروضة عليها.

الإعلام في هذه الحالة ضحية غير معلن عنها، وما الصمت والحياد في قلوبهم إلا نار تشتعل، وجمر يتقد في صراع داخلي لا ينطفئ.

تحيل الإعلامي والصحفي وتربطه بقيد و سياسية القناة أو الصحفية أو الموقع الإخباري واوامرها، مثلما يرتبط رجل الأمن بتنفيذ الأوامر، لكن الغرابة أننا نبيح التبريرات للثاني ونخلقها، فيما نمنعها الأول ونقتلها.

حياد الإعلام كذبة، والبحث عن تفعيله في الأزمات لإيصال الحقيقة وهم، فالحقيقة التي يطالب البعض بايصالها، لها أيادي قادرة على شق طرق إعلانها وإظهارها وإرسالها وايصالها .

الصحافة والإعلام، ضحيتان لا تختلفان عن السواد الأعظم من الشعب، تخضعان لسيطرة الراتب ورغيف الخبز.

اخيرا: أتعلمون أكثر الذين يحرصون على عدم اخافة العصافير هو الصياد الذي يقتلها.

فلا تنخدعوا !

أضف تعليقك