الإسلام أم المسلمين

في ثمانينات القرن الماضي حُرقت دور النشر التي قررت طباعة كتاب المفكر الفرنسي روجيه جارودي " أساطير المؤسسة الاسرائيلة " كما منعت بقية دور النشر من طباعة الكتاب، تعرض الرجل لحملة مضادة بقيادة اللوبي الصهيوني في فرنسا، حُوكم جارودي، وادين.

مثله تعرض الدكتور جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاجو لحملة تشويه قادته للفصل من عمله، بعد انتقاده لقوة اللوبيات الإسرائيلية واليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية، ودورها في رسم السياسات الخارجية.

لقي البحث انتقادات واسعة من اللوبي اليهودي بقيادة " ايباك "، ما أضطر جامعة هارفارد لسحب اسمها عن البحث، لينشر لاحقاً في مجلة *لندن ريفيو اوف بوكس بعنوان: اللوبي الإسرائيلي والسياسية الأمريكية الخارجية! بالشراكة مع ستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية في كلية كنيدي - هارفارد، استقال الرجلان من منصييهما اثر ذلك.

ما كتب اندرج في إطار حرية الرأي، لكن هذه الحرية تسقط عند انتقاد إسرائيل واللوبيات التابعة لها.

في فرنسا، يعاقب القانون من ينتقد إسرائيل، وينكر الهلوكوست - المحرقة - باعتبار ذلك معاداة للسامية، لكن يسمح ما دون ذلك، ليس ثمة مشكلة في انتقاد المسيح عيسى وتشويه سيرته أو محمد صلى الله عليه وسلم، لا مشكلة في ذلك مطلقاً، فهذه حرية تعبير تحفظها دساتير الدول وقوانينها.

مقابل هذا، الآراء المشوهة التي تحدد طريق قادمه من الغرب الذي أخذ على عاتقه تأسيس إسلام جديد، بنى أساسه على تراث إسلامي ناقد، متحرر من كل المفاهيم، حاول أن يحرك الساكن في نقاش ما يراه مفاهيم مشوهة لا تليق بالدين الإسلامي وتعاليمه حسب وجهات نظر تداخلت فيها مناهج البحث والمدارس الفلسفية الغربية مع الشرقية، كوسيلة لعلاج القصور .

اي أن هؤلاء يفكرون من البدء في إيجاد حركة تصحيحية للدين الإسلامي، مستمدة من حركة التجديد الديني التي قادها مارتن لوثر في انتفاضته ضد الكنيسة !

من هذه القاعدة ينطلق الغرب في انتقاده، فآراءه تعتمد على ما قاله المفكر والفيبسوف الإسلامي ماضياً وحاضراً، لإنتاج فعل مستقبلي، ولعلاج أزمة يقول بها أهل الدين الذين أخذوا على عاتقهم مناقشته !

لذا تدخل الأزمة شوه النتيجة، فالعلماء المسلمين ليسوا الدين الإسلامي، والأزمة التي يتحدث بها الغرب حسب وجهة نظرة ترتبط بالمسلمين، لا بالاسلام الذي يجهلون تفصيلاته، وأن أخذوا منه، فإنهم يعتمدون القشرة بدل اللب، والتشضي بدل التلاحم، ما يجعل نظرتهم مجزوءة ومحصورة، ترتبط باتجاه واحد، فالإسلام ليس مشهد مستقر واحد بل متعدد متعدد، منه السني والشيعي، والصوفي ....... فعن أي اسلام يتحدثون !

أضف تعليقك