الأوضاع الاقتصادية تدفع أسر إلى تقليل هدر الغذاء

على الرغم من زيادة نسبة هدر الطعام وفقا لتقديرات رسمية سابقة، إلا أن تراجع الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار بشكل لافت قبيل شهر رمضان، أدى إلى تغييرات واضحة في سلوكيات بعض الأسر في كيفية استعدادها لهذا الشهر، حيث تسعى لتقليل من هدر الطعام واستخدامه بشكل اقتصادي، وذلك بعد أن أصبح لديهم الوعي بأهمية تقدير قيمة الطعام واستخدامه بشكل محكم.

هذه التغييرات الجديدة لدى بعض الأسر تبينت خلال استطلاع أجراه "عمان نت" حيث أوضحت تبنيها لهذه العادات في إعداد الطعام، بهدف تجنب الهدر، وذلك من خلال توزيع الفائض منه على المحتاجين أو التبرع به للجمعيات الخيرية. 

كما يعبر بعض النساء ضمن الاستطلاع عن تغيير العديد من العادات السابقة في سلوكياتهن، حيث يقمن بتقليل كمية الطعام التي يطبخنه وفقا للحاجة، نظرا لارتفاع تكاليف المواد الغذائية، وعدم رمي ما يتبقى من الطعام في سلة المهملات بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.

تشير الاحصائيات إلى أن متوسط الإنفاق السنوي للأسرة المكونة من 4 أفراد يبلغ حوالي 12.5 ألف دينار ، أي نحو 1042 دينارا للشهر الواحد، مما يفرض ضغطا اقتصاديا إضافيا على الأسر خلال هذه الفترة.

وتظهر دراسات محلية سابقة أن 34% من الغذاء في الأردن يهدر ويستنزف، خاصة في المناسبات الاجتماعية، مع التشديد على أهمية عدم شراء مواد غذائية تزيد عن حاجة المواطنين الفعلية.

فيما تصل  كمية الطعام المهدر في المملكة إلى 950 ألف طن سنويا، مما يتسبب في فقدان 25 مليون متر مكعب من المياه المستخدمة في إنتاج هذه الكميات من الطعام، بحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو.

 

تحديات هدر الغذاء

المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش، يوضح أن مشكلة هدر الغذاء تعتبر ظاهرة عالمية وليست مسألة محلية فقط، ولكن يركز على كيفية ارتباط ذلك بسلوكيات الأسر في إعداد الطعام وتخزينه، خاصة في المناسبات الاستثنائية مثل شهر رمضان.

ويشير عايش إلى أن هذا النوع من الهدر له تبعات جسيمة على الاقتصاد والبيئة، حيث ينتج عنه تدهور في الدخل واستنزاف للموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي،  وبما أن الطعام يشكل نحو نصف الطاقة المستهلكة عالميا، فإن هذا الهدر يسهم في زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مما يؤثر على إنتاجية الزراعة والأمن الغذائي.

لذلك حذرت وزارة الزراعة أن الأردن يواجه نقصا حادا في الموارد المائية، وبالتالي فإن هدر الغذاء يزيد من الضغط على هذه الموارد، مما يؤدي إلى تدهور البيئة وتكاليف إضافية على القطاع الزراعي والاقتصادي، إضافة إلى الأعباء المالية التي تضاف على المنتجين، والتجار، والمستهلكين.

عايش يعتبر أن العائد من الإنفاق يشكل تحديا كبيرا للاقتصاد الأردني، ويرى هدر الطعام  نموذجا بارزا، حيث يستورد الأردن كميات كبيرة من الغذاء ومدخلات الإنتاج بنسبة تزيد عن 70%، وعندما يتم هدر جزء كبير من هذه الموارد، يتكبد البلد خسائر بالمليارات.

 ومن هنا يظهر أهمية توعية الناس حول أهمية استهلاك الطعام بشكل متوازن وعدم إهداره، مما يشمل التحسين في إدارة الموارد الغذائية وتوفير الغذاء بشكل أكثر فاعلية، فبعض الدول قامت بتشديد القوانين المتعلقة بالهدر الغذائي، مما يعني فرض غرامات على الأفراد الذين يهدرون الطعام، ويعزز الوعي بأهمية استهلاك متوازن وتحسين السلوكيات الغذائية.

 يشدد عايش على أهمية التوعية من خلال المبادرات المجتمعية، وضرورة فهم الكميات المستهلكة وتنوعها، والعمل على تحسين جودة الغذاء وتوفيره بشكل مستدام على مدار العام.

 مبادرات للحد من هدر الغذاء

تعزيزا لجهود التوعية المجتمعية للحد من هدر الطعام، خاصة خلال شهر رمضان، تنشط العديد من الفعاليات والحملات التطوعية للتوعية بأهمية تجنب هدر الطعام الزائد، وتوزيع الفائض منها على العائلات المعوزة، بالإضافة إلى استهداف المناطق الأكثر فقرا في المملكة وذلك بالتعاون مع الجمعيات الخيرية المعنية.

ولمساندة هذه المبادرات قامت وزارة الزراعة  بإطلاق حملة وطنية توعوية لتوجيه السلوك للحد من هدر الغذاء،  وتتضمن الحملة خطة عمل واضحة تشمل العديد من الأنشطة مثل إطلاق البرنامج التدريبي الإبداعي لتحدي هدر الغذاء، وتمكين مبادرات إدارة هدر الغذاء، وإطلاق الحملة الوطنية التوعوية لتوجيه السلوك للحد من هدر الغذاء.

وتدعو وزارة الزراعة إلى عدم شراء مواد غذائية تزيد عن الحاجة الفعلية للمواطنين، وذلك لتقليل الإنفاق الزائد وتجنب ارتفاع الأسعار، مؤكدة على أهمية التعاون مع حملات التوعية والإرشاد الداعمة لمكافحة هدر الغذاء وتحسين الوعي البيئي.

تبين الأرقام إلى أن ارتفاع نسبة الإنفاق على الغذاء في الأردن بنسب تتراوح بين 20% و30%، نتيجة لارتفاع أسعار السلع الغذائية المحلية، وذلك بسبب تبعية الأردن للمواد الغذائية المستوردة من الخارج بنسبة 85%.

 

أضف تعليقك