الأمية في الأردن 9.3%... والى انخفاض مستمر

الأمية في الأردن 9.3%... والى انخفاض مستمر
الرابط المختصر

انخفضت نسبة الأمية بين الأردنيين فوق سن 15 الى 9.3%، وذلك حسب التقرير الأخير لنتائج مسح العمالة والبطالة لعام 2006 الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.

 

وبين التقرير بأن النسبة تباينت تبايناً جوهرياً، حيث كانت بين الإناث أعلى منها بين الذكور بنسبة 5.1% للذكور، و13.7% للإناث، فيما تباينت بين محافظات المملكة حيث سجلت أعلى نسب للأمية في محافظة المفرق بنسبة 17.5%، في مقابل أن النسبة الأقل للأميين جاءت في العاصمة عمان حيث بلغت 6.8%.

 

وأظهر التقرير بأن المحافظات الأكثر فقراً هي الأكثر أمية حيث جاء ترتيبها تصاعدياً : المفرق 17.5% ثم معان %16.1 ثم الكرك 14.0% ثم الطفيلة 12.8%، ثم كل من عجلون والبلقاء بنسبة 11.4%، ثم العقبة 10.5%، ثم مادبا 10.4%، ثم جرش وأربد 9.8%، ثم الزرقاء 8.6، وأخيراً عمان 6.8%.

 

وقال مدير الاحصاءات السكانية والاجتماعية في دائرة الاحصاءات العامة كمال صالح في لقاء خاص لراديو عمان نت بأن نسبة الأمية بين الإناث كانت مختلفة التباين بين المحافظات وبخاصة في المفرق ومعان والكرك والطفيلة حيث بلغت النسب على التوالي 24.8% و24.1% و20.5% و 18.9% فيما سجلت أدنى نسب الأمية بين الإناث في العاصمة حيث بلغت 10%.

 

وأعاد صالح ذلك الى أسباب منها الفقر والأوضاع الاقتصادية المتردية، والزواج المبكر والانسحاب المبكر من التعليم للتفرغ لشؤون الأسرة.

 

وتشير البيانات في التقرير الى أن أكثر من نصف مجموع الأميين أي 51.7% يتركزون في الأعمار المتقدمة (60) سنة فأكثر، حيث شكلت الأميات فوق سن الـ 60 ما نسبته 50.3% من المجموع الكلي للأميات الإناث، فيما شكل الأميون فوق سن الـ 60 ما نسبته 56% من المجموع الكلي للأميين الذكور.

 

كما بين أن نسبة الأميين في الفئات العمرية الصغرى من 15 الى 19 سنة انخفضت الى 2.1% من المجموع الكلي للأميين مما يشير بحسب التقرير الى فعالية النظام التعليمي وخاصة الجزء الإلزامي منه.

 

وشرح صالح بأن معدل الأمية هو المؤشر المستخلص إذ يقصد به عدد الأميين من أعمار 15 سنة فما فوق مقسوماً على عدد السكان من سن 16 فما فوق، وهذا العدد مضروب في 100 ليعطي عدد الأميين من بين كل مئة شخص في هذه الأعمار، وبحسب الجنس من ذكور وإناث، مشيراً بأهمية المقارنة بين نسب الذكور للإناث بحيث نستطيع معرفة الفجوة في المعدلات، وبالتالي توجيه البرامج نحو الفئة التي تعاني من ارتفاع الأمية وبخاصة للإناث حيث تزيد نسبتهن عن الذكور.

 

وعزا صالح أن النسبة الأكبر للأميين من كبار السن فوق الـ 60 عاماً الى أن التعليم لم يكن منتشراً في الأردن كما هو الآن فحرموا من التعليم لأسباب معينة قد تعود لفقر الأسرة.

 

ويعتمد المعدل بحسب صالح على بعض الخصائص الأخرى مثل مكان الإقامة والحالة الاقتصادية والاجتماعية (متزوج أم غير متزوج وعامل أم عاطل عن العمل وغير ذلك، كما أن هناك أهمية كما يقول صالح لمعرفة التوزيع العمري للأميين لتحديد أين تتركز الأمية، حيث اتضح في الدراسة أنها تركزت في الأعمار (60) فأكثر، وذلك يمكن الجهات المعنية توجيه البرامج المناسبة لهذه الفئات.

 

وعلى الرغم من أن النسبة متدنية مقارنة مع نسب الأمية في الدول العربية الأخرى واقتراباً الى النسب في الدول المتقدمة، إلا أن أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي قال إن النسبة ما تزال مرتفعة لأن هناك الكثير من الأسباب التي ما تزال تعيق محاربة الأمية على الرغم من كل الجهود التي تبذل من قبل كل الجهات ومنها وزارة التربية والتعليم.

 

لعل من أهمها كما يقول الخزاعي "اقتران الأمية بمعدلات الفقر والبطالة، والدليل على هذا أن أكثر المناطق أمية هي أكثرها فقراً ونسب بطالة كالمفرق والتي تصل نسبة البطالة فيها الى 75% في بعض مناطقها، أضافة الى عدم وجود مدارس أو عدم توفر أعضاء هيئة تدريس، وإقدام الأبناء على العمل وترك المدرسة لمساعدة الأهل اقتصادياً".

 

وشدد الخزاعي على ضرورة الانطلاق ببرامج محو الأمية والبدء بعملية التنمية التعليمية والتثقيف من تلك المحافظات الفقيرة والمناطق النائية، وليس التركيز على المناطق ذات الثقل السكاني كالعاصمة عمان، كما أشار الى أهمية مشاركة جميع أفراد المجتمع لتوجيه من هم بحاجة للتعلم، فمثلاً في الغور سيدة تعمل في الحقول منذ الصباح وحتى المساء ولا تستطيع بعد ذلك القيام بأي نشاط آخر أو تدريس أبناءها مثلاً، فكيف تسنطيع أن تتعلم هي.

 

ولأن النسبة الأكبر بين الأميين كانت لمن أعمارهم فوق الـ (60) عزا الخزاعي ذلك الى أسباب تتعلق بنظرتهم نحو التعليم سابقاً حيث انشغلوا بمهنهم وأسرهم فلم يتعلموا، والبعض صار يرفض الالتحاق بمراكز محو الأمية لأنها برأيه لن تنفعه بشيء وهو في هذا العمر ولن يبحث عن فرص جديدة للعمل أو غيره، وهذا كما يشير الخزاعي خطأ لأن التعلم ليس له سن معين، ويحتاجه الكبير قبل الصغير من أجل تيسير أمور الحياة.

 

وكان تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة لعام 2006 والذي ظهر في وقت سابق لتقرير دائرة الإحصاءات العامة أظهر أن نسبة التعليم وصلت الى 89,9% لمن هم فوق سن الخامسة عشرة، فيما وصلت أرقام الأميين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة الى 10,1% لمن هم فوق سن الخامسة عشرة.

 

وكان وزير التربية والتعليم والتعليم العالي خالد طوقان قال في وقت سابق في احتفال اليوم العربي لمحو الأمية والذي صادف الثامن من كانون الثاني، بأن عدد المستفيدين من برنامج تعليم الكبار ومحو الأمية للعام الدراسي 2006/2007 بلغ (5836) دارساً ودارسة، بواقع (457) مركزاً موزعين في مختلف مناطق المملكة، حيث زاد عدد مراكز تعليم الكبار ومحو الأمية عن العام السابق بواقع (180) مركزاً.

 

وبين الدكتور طوقان أن الأردن أدرك، منذ عقود خلت، خطورة هذه المشكلة، وما تسببه من عقبات أمام برامج التنمية المستدامة، فصمم على علاجها بخطة مدروسة مبرمجة، تمثلت في إغلاق الرافد الذي يغذي الأمية وهم الطلبة الذين يتسربون من المدارس قبل امتلاكهم المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، فسن التشريعات التي تفرض إلزامية التعليم لمدة ست سنوات في سنة 1952، ثم أصبحت هذه الإلزامية سنة 1964 تسع سنوات، وبعد المؤتمر الوطني الأول للتطوير التربوي الذي عقد في عمان سنة 1987، تم اعتماد بنية التعليم الجديدة منذ العام 1989/1990 بحيث أصبحت إلزامية التعليم عشر سنوات.

 

وأوضح الدكتور طوقان أن هذه التشريعات رافقها التوسع في إنشاء المؤسسات التربوية حتى شملت مناطق المملكة كافة، وفي الوقت ذاته عملت وزارة التربية والتعليم على فتح مراكز لتعليم الكبار ومحو الأمية وتوسعت فيها حتى شملت جميع أرجاء المملكة، وذلك لتوفير الفرص التعليمية للمواطنين الذين حالت ظروفهم دون مواصلة تعلمهم يوم كانوا في سن التعليم المدرسي وأصبحوا يشكلون عائقاً أمام برامج التنمية رغم رغبتهم بمواصلة التعلم.

 

ولفت طوقان إلى ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من تنفيذ مشروع الإستراتيجية الوطنية لتطوير برامج التعليم غير النظامي بناءً على تشخيص وتقييم للبرامج القائمة حالياً في ضوء الحاجات المتنوعة للفئات المستهدفة من المتعلمين انسجاماً مع العقد العالمي لمحو الأمية وتوصيـات مـؤتـمـر داكـار.

 

كمـا تعـمل الـوزارة علـى تطويـر نظـام إدارة معلومات للتعليم غير النظامي (NFE-EMIS) يتضمن إطاراً مفاهيمياً ونموذجاً لأدوات جمع البيانات وإرشادات لتطوير مؤشرات التعليم غير النظامي بالإضافة إلى تحليل البيانات وتطوير برنامج لتشغيل قاعدة بيانات محوسبة للتعليم غير النظامي، كما سيشارك الأردن في مشروع تقييم وتتبع مستويات القرائية (LAMP) حيث يعتبر هذا المشروع من المشاريع الريادية التي تقوم بها اليونسكو في جميع أنحاء العالم والتي انضم إليها الأردن مؤخراً بهدف تطوير وتطبيق السياسات لمبادرات وبرامج محو الأمية التمكينية لتصميم مناهج علاجية محسنة.

 

ويذكر أن التربية والتعليم توفر مراكز تعليم الكبار ومحو الأمية والتعلم المجتمعي، ومراكز الدراسات الـمسائية والدراسات الصيفية، وبرامج تعزيز الثقافة للمتسربين، والدراسات المنزلية.

 

وتعتبر منطقة الدول العربية من أدنى معدلات القرائية (محو الأمية) في العالم، إذ تبلغ هذه النسبة حوالي (62%) من السكان ممن هم فوق سن 15 سنة، ويوجد هناك حوالي (70) مليون عربي أمي ثلثاهم من النساء، كما أن هناك حوالي (12) مليون طفل عربي خارج التعليم مما يشكل تحدياً للنظم التربوية العربية لتبني مداخل ونظم اكثر فعالية في التصدي للأمية وتوسيع فرص الالتحاق بالتعليم وسد منابع الأمية.

 

أضف تعليقك