الأزمة بين نقابة الأطباء وشركات التأمين على طاولة المفاوضات
يترقب الشارع الأردني نتائج اجتماع لجنة الصحة النيابية حيث ستناقش قرار نقابة الأطباء بوقف المعالجات الطبية للمؤمنين من خلال شركات التأمين، بهدف إيجاد حلول منصفة للطرفين، وسط امال أن لا يتحمل المواطنين عبء الخلاف القائم وأن يتم الاستمرار في تقديم الخدمات الطبية لهم.
وكانت النقابة قد استندت لقرارها للهيئة العامة للصندوق التعاوني وأطباء القطاع، بوقف استقبال حالات التأمين ابتداء من 2 من شهر أيلول المقبل، باستثناء الحالات الطارئة ومرضى السرطان والفشل الكلوي، مع استمرار تقديم الخدمات لمرضانا نقدا بحسب التسعيرة النافذة لعام 2021.
من الناحية القانونية، يؤكد المحامي المتخصص في مجال التأمين يزن محادين أن قرار النقابة لا يخضع لأحكام المادة 20 من قانون المنافسة، موضحا أن المادة 4 من نفس القانون تشير الى تحديد الأسعار استنادا إلى مبادئ السوق والمنافسة الحرة، مع استثناءات لحالات محددة تخضع لأحكام قوانين أخرى.
وفي هذه الحالة، استند المجلس الى المادة 35 من قانون النقابة، والتي تمنح الصلاحيات بتحديد أسعار لائحة الأجور الطبية، وبالتالي، يرى محادين أن هذا القرار لا يعد انتهاكا لقانون المنافسة بالمعنى المقصود به.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة والتموين قد أكدت مسبقا بانها ستدرس قرار نقابة الأطباء، ومع ذلك يعتبر محادين ان الوزارة لا تلعب دورا في هذا القرار وهي خارج نطاق تنظيم هذا النزاع، فهي مختصة بتنظيم النزاعات الاقتصادية فقط، بينما وزارة الصحة فدورها تقديم الرعاية الصحية للمرضى المحتاجين وفقا لواجبها.
وتشير المادة (20/جـ) من قانون المنافسة التي تحظر على أي جهة من القطاع الخاص تتولى تنظيم ممارسة أي مهنة أو رعاية مصالح المؤسسات الاقتصادية أو التجارية إصدار أي قرار أو رعاية أي اتفاق أو ترتيب يؤدي الى الإخلال بالمنافسة أو الحد منها أو منعها خلافا لأحكام القانون، وإنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة، وفق أحكام قانون المنافسة والتشريعات ذات العلاقة.
الامتثال إلى القضاء هو الحل
أثار هذا القرار استياء الكثير من المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يصفه البعض بـ المجحف وغير العادل، معتقدين بعضهم بأن نقل النزاع القائم بين الأطباء وشركات التأمين إلى صراع مع المواطنين الذي يبحث عن الرعاية الصحية أمر محبط.
بينما يعتقد بعض المواطنين بأن هناك مرضى لن يقدروا على تحمل جزء من تكاليف العلاج ومن ثم تحصيله من خلال شركات التأمين، وبالتالي ستصبح هناك هجرة إلى القطاع الطبي الحكومي الذي هو بالأصل يواجه تحديات كبيرة من أبرزها عدم قدرته على استيعاب الأعداد الكبيرة.
ويطالب اخرون بضرورة أن تتخذ وزارة الصحة إجراءات ووقف هذه الخلافات وضبط العلاقة بين الطرفين، كي لا يكون المواطن هو الضحية بالدرجة الأولى.
ويرى المحامي محادين أن نهاية هذا النزاع تكم في نصوص قانون نقابة الأطباء ونظام صندوق التعاون الأردني، التي تشير إلى أنه في حالة حدوث نزاع حول تحديد أجور الأطباء حتى مع الجهة التأمينية، يمكن للأطراف أن تلجأ الى القضاء، لتجنب المواطنين تكبد المواطنين الاعباء المالية الناتجة عن تلك القرارات، اما اللجوء الى طاولة المفاوضات مع استمرار تقديم الخدمات الطبية للمواطنين خلال هذه الفترة.
دوافع القرار
في الفترة الأخيرة، تصاعدت الخلافات بين نقابة الأطباء وشركات التأمين، وذلك نتيجة لعدم التزام الشركات بلائحة الأجور الجديدة وتطبيقها، حيث تقوم بخصومات تصل إلى 50% على أتعاب الأطباء، مما دفع النقابة باتخاذ قرار التوقف عن استقبال حالات التأمين باستثناء حالات طبية معينة.
في مقابل ذلك يرى الاتحاد الأردني لشركات التأمين أن قرار النقابة سيكون له تأثير سلبي على المواطنين المرضى، وقد يربك خدمات الرعاية الطبية للمؤمنين، الذين يتجاوز عددهم الـ 700 ألف مؤمن.
وتبرر النقابة هذا القرار بأنه جاء استجابة لقرار الهيئة العامة للصندوق التعاوني وأطباء القطاع الخاص، وما تقضيه المصلحة العامة، وذلك بكتابة تقرير طبي ومنح المرضى وصلا ماليا لمراجعة الجهات التأمينية المختلفة، حفاظا على حقوق المنتفعين من التأمين الصحي الخاص.
تقول عضو مجلس نقابة الأطباء الدكتورة مها فاخوري لـ "عمان نت"، بأن الخلافات بين النقابة وشركات التأمين قائمة منذ فترة طويلة، فمنذ عام 2008 لم يطرأ أي تعديل على لائحة الأجور، وذلك مراعاة لظروف المواطنين الاقتصادية، ولكن مع التسارع بارتفاع الاسعار والغلاء المعيشي خلال السنوات الاخيرة، بالاضافة الى التطورات في مجال الرعاية الصحية، أصبح من الضروري إجراء تعديلات على جدول الأجور.
وتؤكد فاخوري أنه بعض شركات التأمين ترفض الالتزام باللائحة الجديدة للأجور، وبناء على ذلك قامت النقابة باتخاذ هذا القرار، مشيرة إلى أن اللائحة الجديدة تتضمن زيادة في أسعار الأجور بنسبة تصل الى 30%.
تحديات الأطباء
ويواجه الأطباء مجموعة من التحديات عند التعامل مع شركات التأمين، ومن أبرزها هو أن قيمة الكشفية الطبية التي يحصلون عليها من تلك الشركات تتراوح بين 5 الى 8 دنانير فقط، حيث أصبحت ضمن اللائحة الجديدة ما بين 20 الى 30 دينارا بحسب سنوات الخبرة، وفقا لفاخوري.
كما تظن أنه من غير المنطقي أن يعامل استخدام التقنيات الطبية المتطورة مثل المنظار والليزر وغيرها في العمليات الجراحية على أنها عمليات تقليدية، وأن تستمر شركات التأمين في تحديد أسعار الأجور بذات التسعيرة السابقة.
وتوضح أن شركات التأمين قد رفعت أسعار الاشتراكات المتعلقة بالمواطنين بنسبة 90% خلال الأربع سنوات الماضية، بينما لم تشهد أجور الأطباء أي تعديل في الفترة ذاتها التي امتدت لمدة 15 عامًا.
ويعود قرار رفع لائحة الاجور الى النقابة، إلا أن شركات التأمين لم تلتزم بها، مرجعة خوري لوجود منافسة قوية بين الأطباء، تعتمد شركات التأمين على هذه المنافسة وتستفيد منها، إذ تجد بعض الأطباء يعتمدون فقط على ما يتم تحصيله من الشركات التأمين.
الرد على اتهامات شركات التأمين
وجاء رد مجلس إدارة الاتحاد الأردني لشركات التأمين وفق رئيسه ماجد سميرات، أن قرار نقابة الأطباء بالتوقف عن استقبال حالات التأمين باستثناء الحالات الطارئة الشهر المقبل "غير قانوني".
ويوضح في تصرحات صحفية أن النقابة ومنذ فترة تحاول رفع لائحة الأجور بنسبة تصل إلى 400%، مؤكداً أنه "لا علاقة لشركات التأمين بقرار التوقف عن استقبال الحالات".
ويقول المحامي اختلف مع الاتحاد الاردني في تطبيق قانون المنافسة على قرار نقابة الاطباء، باعتبار صلاحية تحديد الاسعار يمنح لها بتحديد الاجور.
إلا أن النقابة ترفض هذه الاتهامات وتؤكد أن الأطباء ليسوا جشعين، مشيرة إلى أنه سيتم عقد اجتماع عاجل للرد على تصريحات اتحاد التأمين الذي يثير الفتنة بين الأطباء والمواطنين الذين يعتمدون على التأمين الصحي.
كما أشارت النقابة إلى أن قانون الصندوق التعاوني للأطباء، الذي صدر بإرادة ملكية عام 2018 ويشرف عليه النقابة، قد تم رفضه من قبل اتحاد شركات التأمين. وأفادت أن الاتحاد قد رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية في محاولة لوقف التعامل مع الصندوق، لكنه خسر الدعوى. مع ذلك، يواصل الاتحاد تأخير تطبيق قانون الصندوق، الذي يهدف إلى تنظيم العلاقة بين الأطباء وشركات التأمين.