الأزمات الإقليمية وتأثيرها على الأوضاع السياسية والاقتصادية في المملكة تصدرت 2023

الرابط المختصر

على الرغم من الركود السياسي الذي مر به الأردن خلال عام 2023، إلا أن تأثير الأزمات السياسية والتحديات التي شهدها المحيط الإقليمي قد أثر بشكل كبير على الوضع الداخلي، لعل أبرزها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والكارثة الإنسانية المتواصلة منذ السابع من شهر تشرين الاول الماضي، حيث أصبحت هناك تحديات حقيقية تهدد مصالح، وهو ما يؤكده خبراء سياسيين.

ومن بين تلك التحديات، تأثر الأردن بشكل كبير بالتداعيات المترتبة عن رفض الاحتلال الاسرائيلي لخيار حل الدولتين، حيث يسعى إلى مصادرة مزيد من الأراضي وتنفيذ مشروع التهجير السكاني الثالث، وذلك ضمن خطة اليمين الإسرائيلي المتطرف الحاكم الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض سياسات التهجير على الأردن ومصر.

وكانت ردة الفعل الحكومية على تلك المخاطر، بالرفض لخطط تهجير الفلسطينيين داخل الأرض الفلسطينية وإلى خارجها، مؤكدة على ضرورة عودة المهجرين في غزة إلى مناطقهم، مشيرة الى أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل والشامل في المنطقة.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر ماضي أن موقف الأردن واضح تماما في مواجهة مخاطر التهجير التي يسعى الاحتلال لتنفيذها، مشيرا إلى تمسك الأردن برفضه المستمر لمثل هذه المخططات، وصلابته أمام المشروع الصهيوني اليمني المتطرف.

قبل السابع من أكتوبر، كانت الأردن تشهد نشاطا سياسيا إيجابيا، حيث كان هناك حراك من قبل الأحزاب السياسية استعدادا للانتخابات المقررة في 2024. وقد أعطى هذا النشاط نوعا من الحيوية السياسية في الشارع الأردني، مع إعادة إحياء فكرة الأحزاب السياسية التي مرت بظروف صعبة، بحسب ماضي.

ومع ذلك، يشير ماضي إلى أن هذا النشاط تباطأ بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وكانت لديه تأثير كبير على الموقف السياسي والشعبي الأردني، ما أجل الحركات السياسية المختلفة حتى انتهاء النزاع في القطاع.

تم إجراء تعديل على قانون الانتخابات يشمل إنشاء دائرة انتخابية جديدة مخصصة للأحزاب، وتم تخصيص 41 مقعدا لها، وذلك بعد انخراط 30 حزبا فيما كانت تضم 56 حزبا.

في السياق الأمني، قامت القوات المسلحة الأردنية بمواجهة عصابات المخدرات في مواجهات استمرت لمدة 14 ساعة، بهدف منع تهريب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة.

ويقول ماضي بانه لم يحظى هذا الحدث باهتمام كاف رغم ان له دلالات ومؤشرات خطيرة، حتى وصل هذا الأمر بالتشكيك باعتبار أن هذه الرواية غير صحيحة، رغم أن هذه القضية ليست جديدة على الأردن منذ انهيار الحكومة المركزية في سورية وقوات الجيش الأردني تحارب على الحدود.

وفيما يتعلق بأحداث أخرى، فإن الأردن شهد استجابة ملحوظة من الشارع لدعوة الإضراب الشامل تضامنا مع غزة، مما أثار تساؤلات سياسية حول استجابة المواطنين للدعوات الخارجية. كما ازدادت المطالبات بفرض عقوبات على إسرائيل، بما في ذلك تجميد معاهدة السلام وقطع العلاقات معها، إضافة إلى حملة مقاطعة للمنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

ويتوقع ماضي أن تكون الانتخابات واحدة من الملفات الرئيسية في عام 2024، مع إمكانية تأجيلها، ويأمل أن لا تؤثر هذه التحولات في النشاط السياسي للأحزاب، مشيرا  إلى أن الأحداث الإقليمية والدولية ستؤثر بشكل حتمي على اقتصاد الأردن، مع ارتفاع تكاليف الشحن والأسعار، الأمر الذي يتطلب ضرورة تحقيق استقرار إقليمي للتقليل من تأثيراتها المباشرة على الاقتصاد الأردني.

 

أوضاع اقتصادية صعبة

على الصعيد الاقتصادي مر الأردن بأوضاع صعبة وواجهها بحذر، حيث أظهر مرونة في التصدي لعدة صدمات خارجية، لعل أبرزها تأثير الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة.

وعلى الرغم من سرعة التعافي بعد أزمة جائحة كورونا، إلا أن النمو الاقتصادي في البلاد بقي منخفضا على مدى العقد الماضي، تدور في المتوسط حول 2.2% في الفترة من 2012 إلى 2022. بحسب تقرير "المرصد الاقتصادي" الصادر عن البنك الدولي  مؤخرا.

وبحسب التقرير سجل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2.4% في العام 2022، ثم تسارع إلى 2.7% في النصف الأول من العام 2023، متجاوزاً متوسطة قبل كورونا 2.4% في الفترة من 2019 إلى 2012.

واصل معدل المشاركة في قوة العمل انخفاضه التدريجي إلى 33% في الربع الثاني من العام 2023 مقارنة من 39.7% في العام 2017 ويعود هذا الانخفاض إلى انخفاض مشاركة كل من الذكور والإناث.

ويقول المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش إن تفاوت التحديات ما بين التعافي من جائحة كورونا، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، مما يعزز الحاجة الى تعزيز النمو الاقتصادي من خلال برامج التحديث الاقتصادي والاتفاقيات المختلفة الموقعة مع دول وشركات لتعزيز النشاط الاقتصادي، مع التحديات المستمرة في أسعار الدواء.

وفيما يتعلق بالتطلعات المستقبلية، يقول عايش أن الحكومة قدمت ميزانية تتضمن زيادة في النفقات الرأسمالية والجارية، متوقعة تحسينا في الأداء الاقتصادي في عام 2024، ومع ذلك، متوقعا أن استمرار الحرب في الأشهر القادمة قد يستدعي تعديلا لتلك التوقعات.

تمت بداية تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج التحديث الاقتصادي، وتم تطوير استراتيجيات متعددة لمختلف قطاعات الاقتصاد، مما يفترض أن يُهم في تحقيق تحسين اقتصادي، كما شهدنا توقيع العديد من الاتفاقيات في كوب 28 في مجال الطاقة الخضراء وغيرها، بحسب عايش.

ويضيف أن عمليات رفع أسعار النفط في بداية 2023 وتراجعها لاحقا ساهمت في تقليل التأثيرات السلبية المتوقعة لارتفاع أسعار النفط.

وفيما يتعلق بالتوقعات لعام 2024، ورغم توقعات ما قبل الحرب على غزة، مشيرا إلى أن التقرير إلى أن النمو الاقتصادي العالمي سيكون أقل في عام 2024 منه في 2023، ومن المتوقع أن تكون معدلات النمو في المنطقة أقل، في ظل مرحلة اقتصادية غير مؤكدة مع تفاوت اتجاهات أسعار الفائدة.

 

 محطات أثرت على المرأة في عام 2023

حققت المرأة إنجازات كبيرة في ميادين مختلفة رغم وجود العقبات والتحديات التي تعترض طريقها نحو متابعة مسيرتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

قالت مساعد رئيس مجلس النواب، ميادة شريم، أن التعديلات على الدستور الأردني قوانين الأحزاب والانتخابات ستكون لها تأثير كبير في دعم مشاركة المرأة سياسيًا ودعمها في تولي مناصب قيادية في الدولة. وأشارت إلى أن الأردن يشهد الآن تنفيذا فعليا للتشريعات الداعمة للمرأة، خاصة قانون الأحزاب الذي يشترط نسبة 20% تمثيل للمرأة في الأحزاب عند التأسيس، بالإضافة إلى زيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء لتشمل امرأة عن كل دائرة انتخابية.

وأوضحت الأمينه العامة لتجمع لجان المرأة الوطني الأردني ربى مطارنة أن عام 2023 شهد تقدما كبيرا في قضايا المرأة من خلال سلسلة من التشريعات التي تجاوبت مع توصيات اللجنة القانونية في مجلس النواب وتوصيات اللجنة الملكية للتحديث الاقتصادي والسياسي. وشملت هذه التعديلات تمكين المرأة ودعمها بشكل فعّال، وضمان المساواة والفرص العادلة.

وفي المجال السياسي، جرت تعديلات على قوانين الانتخابات والأحزاب بهدف زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية، من خلال تبني القوائم الحزبية للوصول إلى البرلمان.

في الجانب الاقتصادي، تمت تعديلات على قانون العمل والأنظمة بما يشمل تعريف العمل المرن وتفصيل الأجور بين الجنسين. كما شملت التعديلات موادًا تخص العمالة غير الأردنية وأضيفت إجازة الأبوة وتم تحديد شروط لإنشاء أماكن آمنة للأطفال في أماكن العمل، وهو ما يسهم في تحسين ظروف المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا.

بحسب تقرير "المرصد الاقتصادي" الصادر عن البنك الدولي مؤخرا، لا تزال مشاركة المرأة الأردنية في العمل من بين أدنى المعدلات في العالم، حيث وصلت النسبة إلى 13.8% في الربع الثاني من العام 2023.

ومما يثير القلق بنفس القدر، انخفاض معدل التوظيف إلى 25.6% في الربع الثاني من العام 2023 ويظل أقل بكثير من متوسط ما قبل كورونا البالغ 31.2%.