الأردن يدخل 2022 بتحد اقتصادي صعب

رغم تطمينات وزير المالية الأردني محمد العسعس أن الاقتصاد الأردني قد اقترب أكثر من أي وقت مضى من الاعتماد على ذاته، إلا أن ذلك يثير قلق خبراء من اعتماد الاقتصاد على الضريبة والجباية كمصدر للإيرادات.

 

الوزير وفي عرضه لموازنة 2022، قال إن "الإيرادات المحلية تشكل نحو 88.4 بالمائة من النفقات الجارية"، وهذا ما يثير مخاوف المحللين من بناء الحكومة موازنتها على الضرائب والرسوم.

 

وفي الوقت الذي كان الوزير يتحدث عن تطميناته، اعتلى متعطلون عن العمل في مدينة مأدبا (جنوب العاصمة) برج اتصالات مهددين بإلقاء أنفسهم احتجاجا على عدم توفر فرص عمل لهم.

 

أمين عام الحزب الوطني الدستوري د. أحمد الشناق يقول: "التحدي الأبرز للاقتصاد الأردني هو قضية البطالة والفقر وتآكل دخل الأسرة، وتراجع الخدمات في الصحة والتعليم، أرقام البطالة غير مسبوقة بتاريخ المملكة، المديونية بازدياد والعجز بارتفاع ولا مجال لفرض ضرائب جديدة على الأردنيين الأزمة الاقتصادية خانقة".

 

لا ضرائب في 2022 

 

وزير المالية محمد العسعس شدد في مؤتمر صحفي على أن الحكومة ملتزمة بعدم رفع الضرائب في موازنة 2022، مضيفا أن سياسة محاربة التهرب الضريبي والجمركي مكنت الحكومة من الاستمرار بعدم فرض أي ضرائب.

 

وبحسب الوزير فإن  الدين الإجمالي في نهاية العام الحالي سيصل إلى 41.5349 مليار دولار بعد استثناء ما يحمله صندوق استثمار الضمان الاجتماعي بنسبة 91.6% من الناتج المحلي، وتوقع أن يصل الدين العام إلى 43.4147 مليار دولار في عام 2022.

 

إلا أن الكاتب والمحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي له رأي مختلف إذ كتب معلقا: "سيكون المواطن على موعد مع ارتفاعات جديدة لأسعار السلع والخدمات خلال 2022 بسبب تداعيات كورونا وتراجع حزم التوريد، وارتفاع الأسعار عالميا مصحوبا بمواصلة أجور الشحن تحليقها عاليا بشكل كبير، وهو ما دفع الموازنة إلى تقدير التضخم لسنة 2022 بحوالي 2.5%".

 

"وهذا ستكون له انعكاسات سلبية على الأمن المعيشيّ للكثير من الشرائح الاجتماعيّة خاصة من ذوي الدخل المحدود، ما دفع الحكومة إلى رفع مخصصات الرعاية الاجتماعيّة بواقع 40 مليون دينار إضافة إلى 80 مليون دينار للتشغيل"، بحسب الدرعاوي.

 

بدوره يقول وزير المالية الأسبق، الدكتور محمد أبو حمور، إن "معدلات النمو الاقتصادي التي تحدثت عنها الحكومة في موازنة 2022 تضاعف مقابلها النمو السكاني، ما ساهم في تردي مستوى معيشة المواطن الأردني، وبالرغم من أن الحكومة تعهدت بعدم فرض ضرائب في 2022 لكن هنالك إعادة النظر بتعرفة الكهرباء والمياه في 2022، ما يشكل عبئا على المواطن".

 

يتابع بأن "المواطن سيشهد دخلا ثابتا قابل ارتفاع الأعباء في مختلف بنود الإنفاق حتى إن الأسعار خصوصا المستوردة بسبب ارتفاع أجور النقل وسيكون هناك تضخم أعلى وسيلمس المواطن أن دخله تآكل بسبب المعطيات الخارجية والكورونا".

 

البطالة شبح يقلق السلطات

 

وما يقلق السلطات الأردنية جيوش العاطلين عن العمل الذين ارتفعت أعدادهم بسبب جائحة كورونا وما خلفته من فقدان للوظائف قدره المرصد العمالي بـ 140 ألف وظيفة في 2020.

 

وتراجعت معدلات البطالة بشكل خجول في 2021 مع فتح القطاعات الاقتصادية إلا أنها مازالت تحلق عاليا، إذ بلغ معدل البطالة في الأردن خلال الربع الثاني من العام الحالي، 24.8%، بانخفاض مقداره 0.2 نقطة مئوية عن الربع الأول، وبارتفاع مقداره 1.9 نقطة مئوية عن الربع الثاني من عام 2020، بحسب دائرة الإحصاءات العامة.

 

وبلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الثاني من عام 2021 (22.7%) مقابل (33.1%) للإناث، ويتضح أنّ معدل البطالة قد ارتفع للذكور بمقدار 1.2 نقطة مئوية وارتفع للإناث بمقدار 4.5 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثاني من عام 2020.

 

وبمقارنة معدل البطالة للربع الثاني مع الربع الأول للعام 2021 يتضح أنّ معدل البطالة قد انخفض للذكور بمقدار 1.5 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 4.6 نقطة مئوية.

 

المحلل الاقتصادي حسام عايش يرى ، أن "هذه الأرقام المرتفعة تثير القلق في نفوس الجميع خصوصا ارتفاع نسب البطالة بين صفوف الشباب من حاملي الشهادات، هذه النسب تعبر عن أن الاقتصاد هي مشكلة في الاقتصاد وتعبر عن نموذج اقتصادي لا يستطيع توفير فرص عمل حتى عندما كانت فرص الاستثمار مرتفعة، حل مشكلة البطالة يتعلق بتغيير النشاط الاقتصادي ومدخلاتها، منذ بدأت برامج التصحيح مع صندوق الدولي وهو يتحدث عن خلق فرص عمل لكن الأرقام كانت بارتفاع رغم كل المنح والقروض التي تدعم خلق فرص العمل".

 

المطلوب حسب عايش "تخفيف الكلف على القطاعات الاقتصادي من فاتورة الطاقة والخدمات والضرائب، ارتفاع هذه الكلف تسبب في إحجام المستثمرين عن القدوم للأردن وانخفاض التوسع في الاستثمار بالمشاريع القائمة".

 

في هذا السياق يرى وزير المالية أبو حمور أن "معدل البطالة بين الشباب 50%، وهذه الأرقام بدأت بالارتفاع قبل جائحة كورونا بمعنى أن النمو الاقتصادي لم يستوعب الإزدياد السكاني والحاجة لفرص عمل جديدة".

 

ما هي توقعات صندوق النقد الدولي لاقتصاد الأردن في العام 2022؟

 

بينما توقع صندوق النقد الدولي أن يتسارع النمو الاقتصادي الحقيقي للأردن في عام 2022 مسجلاً 2.7% مع زيادة زخم التعافي، وعودة السياحة إلى مستويات قريبة من مستويات ما قبل جائحة كورونا.

 

 في وقت توقع فيه توقع تقرير "آفاق االقتصاد العربي" الصادر عن صندوق النقد العربي، أن يسجل الاقتصاد الأردني نمًوا بنسبة 3% في عام 2022، في ظل التعافي المرتقب للنشاط االقتصادي العالمي، والتدرج في احتواء التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا.

 

الكاتبة والمحللة السياسية، لميس أندوني، تدعو السلطات الأردنية "للتخلي عن وصفات صندوق النقد الدولي الجاهزة"، تقول  "هذه الوصفات دفعت دول عديدة لأزمات اقتصادية، بسبب افقار الناس وضربت التنمية، واغراق الدول في محاولة دفع الديون".

 

تتابع "الاقتصاديون يقولون إذا كان لابد التفاوض مع صندوق الدولي يجب على الدولة أين تنفق هذه الأموال ووضعها في مشاريع تنموية بدلا من تبذيرها، وتأسيس اقتصاد منتج".

 

ويودع الأردن عام 2021 بنسبة دين مرتفعة بلغت من الناتج المحلي الإجمالي 108% حتى نهاية أيار/  مايو فيما بلغت نسبة الدين العام 107.9% حتى نهاية نيسان/ أبريل 2021.

 



 

أضف تعليقك