الأردن تضغط على المعارضة السورية لإعادة فتح معبر نصيب

الأردن تضغط على المعارضة السورية لإعادة فتح معبر نصيب
الرابط المختصر

اكد تقرير نشر في موقع المونتيور ان الأردن تمارس ضغطًا على مجموعات الثوار السّوريّين في جنوب سوريا لتسليم معبر نصيب الحدودي في محافظة درعا إلى الجيش السّوري، بحسب ما أفادت به مصادر إخباريّة مختلفة. أفادت جريدة الشّرق الأوسط التي يقع مقرّها في لندن يوم 27 أيلول/سبتمبر بانعقاد اجتماعات في عمان منتصف شهر أيلول/سبتمبر بين مسؤولين أردنيّين، وممثّلين عن مجموعات المعارضة السّوريّة والمجلس المحلّي في درعا للتوصّل إلى اتّفاقيّة من شأنها أن تقود إلى إعادة فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن.

أغلقت المملكة جانبها من المعبر الحدودي في جابر عندما وقعت نصيب في أيدي مجموعات متمرّدة في شهر أيار/مايو 2015. وقالت الصّحيفة إنّ الحكومة السّوريّة قدّمت اقتراحات لوزارة الخارجيّة الأردنيّة بخصوص إعادة فتح الحدود بين البلدين، يقوم بموجبها مسؤولو الحكومة السّوريّة بتشغيل معبر نصيب "تمامًا كما كانوا يفعلون قبل آذار/مارس 2011"، عندما اندلعت الانتفاضة السّوريّة.

 

لم يصدر أيّ تأكيد رسمي عن عمان بشأن تفاصيل اللّقاءات، لكن في 1 تشرين الأوّل/أكتوبر، أفاد عدد من المواقع الإخباريّة بأنّ الجبهة الوطنيّة لتحرير سوريا، وهي مجموعة تنتمي إلى الجيش السّوري الحرّ، رفضت اقتراحًا بإعادة فتح المعبر الحدودي مع الأردن بإدارة الحكومة السّوريّة. ونُقِل عن أحد المتحدّثين باسم المجموعة، أبو جاسم الحريري، قوله إنّ المعبر الحدودي سيبقى مغلقًا حتّى "تحرير المحتجزين في سجون النّظام وإعادة جميع النّازحين من درعا إلى وطنهم".

وفي بيان نشرته في 30 أيلول/سبتمبر مجموعات مدنيّة وعسكريّة التقت في النعيمة بدرعا، رفضوا أيّ هدنة مع النّظام السّوري وكرّروا التزام المجموعات بـ"مبادئ الانتفاضة السّوريّة". دعا البيان أيضًا إلى إطلاق سراح السّوريّين من سجون النّظام وإلى تسليم إدارة نصيب إلى سلطة مدنيّة تنتمي إلى ما يسمّى مجلس محافظة درعا الحرّة.

لكنّ الأردن، التي كانت قد دعمت عددًا من المجموعات التّابعة للجيش السّوري الحرّ، رفضت هذه المطالب كما ذكرت التّقارير. وبحسب الموقف الرّسمي الأردني، لن تُفتح الحدود من جديد إلا عندما تستعيد الحكومة السّوريّة السّيطرة على نصيب. وقال الملك الأردني عبدالله لوكالة الأنباء الرّسميّة بترا يوم 14 أيلول/سبتمبر إنّه على الرّغم من "قلقه الشّديد" بشأن الوضع في جنوب سوريا، لن تُفتح حدود الأردن مع سوريا من جديد إلا "عند تحقّق الظّروف الأمنيّة المناسبة على الأرض".

إلا أنّه في 29 أيلول/سبتمبر، أفادت قناة الجزيرة التي تتّخذ من الدوحة مقرًا لها بأنّ الأردن طلبت من المعارضة السّوريّة المسلّحة تغيير وظيفة الجيش السّوري الحرّ في المحافظة إلى قوّة شرطة وهيئة دفاع مدني. لكن قيل إنّ الاقتراح الأردني قد جوبه بالرّفض.

وأفادت مصادر إخباريّة أخرى بأنّ الأردن هدّدت بإغلاق الممرّات الإنسانيّة بين شمال الأردن وجنوب سوريا ما لم توافق المعارضة السّوريّة على مطالب عمان. أشارت وكالة أنباء آر تي الرّوسيّة إلى تقرير ورد في صحيفة الوطن السّوريّة في 3 تشرين الأوّل/أكتوبر بأنّ قوّة تنتمي إلى الجبهة الوطنيّة لتحرير سوريا عزّزت وجودها في نصيب. وبحسب الصّحيفة عينها، تنقسم المعارضة السّوريّة في المحافظة بين من يرفض تسليم نصيب للحكومة السّوريّة ومن يؤيّد ذلك شرط أن يؤدّي إلى مصالحة وطنيّة.

 

وفي 3 تشرين الأوّل/أكتوبر، أفادت صحيفة الحياة التي تتّخذ من لندن مقرًا لها بأنّ الأردن أعطت المعارضة السّوريّة 10 أيّام للرّدّ وإلا فستنفّذ التّهديد بإغلاق جميع الممرّات الإنسانيّة إلى جنوب سوريا. في غضون ذلك، يؤمّن الجيش السّوري مخافر حدوديّة على طول الحدود مع الأردن البالغة 370 كيلومترًا. وقد أفادت صحيفة "رأي اليوم" في 3 تشرين الأوّل/أكتوبر بأنّ الجيش السّوري استولى على خمسة مخافر حدوديّة إضافيّة بعد استرجاعه تسعة أخرى قبل بضعة أيّام.

 

لكنّ الأردن تدعو موسكو أيضًا إلى ضمان سلامة المجموعات المتمرّدة المعتدلة في جنوب سوريا التي تقاتل متطرّفين إسلاميّين. في 2 تشرين الأوّل/أكتوبر، ورد في تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" أنّ الأردن تحثّ سوريا وروسيا على ضمان سلامة عدّة آلاف من المقاتلين المنتمين إلى جيش أسود الشرقية وقوّات الشهيد أحمد العبدو. وذكرت وكالة الأنباء أنّ المجموعتين تدفعهم إلى الوراء القوّات الحكوميّة المتقدّمة.

بالنّسبة إلى الأردن، تحمل إعادة فتح الحدود مع سوريا منافع اقتصاديّة وسياسيّة قد تستفيد من الاتّفاقيّة بين الأردن، وروسيا والولايات المتّحدة لإنشاء منطقة خفض تصعيد في جنوب سوريا؛ وقد جرى تطبيق الاتّفاقيّة في 15 تموز/يوليو. وتجدر الإشارة إلى أنّ معبر نصيب الحدودي، وإلى حين إغلاقه، شكّل بوابة الأردن البريّة الوحيدة إلى لبنان، وتركيا وأوروبا. كانت منطقة التّجارة الحرّة السّوريّة الأردنيّة المشتركة بالقرب من الحدود - والتي أغلقت الآن - مركزًا صناعيًا وتجاريًا هامًا للتّجارة الثنائيّة، بحيث كان يجري التّعامل مع سلع بقيمة 1.5 مليارات دولار سنويًا. بالإضافة إلى ذلك، ستشير إعادة فتح الحدود إلى بداية تطبيع العلاقات بين عمان ودمشق، وستهيّئ الطّريق لعودة أكثر من نصف مليون لاجئ سوري موجودين في الأردن، معظمهم من جنوب سوريا. وكانت منظّمة هيومن رايتس ووتش قد اتّهمت الأردن في 2 تشرين الأوّل/أكتوبر بترحيل اللاجئين السّوريّين بدون إشعار، الأمر الذي نفته عمان.

قال المحلّل السّياسي فهد الخيطان للمونيتور إنّ إعادة فتح الحدود ستستغرق بعض الوقت بسبب الشّروط الأمنيّة والتّقنيّة المسبقة. وأضاف أنّ "معبر نصيب في حالة خراب ويجب إعادة بنائه، والوضع الأمني في الجانب الآخر يبقى غامضًا. أعتقد أنّه سيتمّ التوصّل إلى اتّفاقيّة في نهاية المطاف، لكن يمكنني القول إنّ المفاوضات الرّسميّة لم تبدأ بعد".

 

بدوره قال الجنرال الأردني المتقاعد والمحلّل العسكري فايز الدويري للمونيتور إنّ مستقبل المعبر الحدودي "سيحدّده الواقع العسكري على الأرض". وقال إنّ البعد الأمني أهمّ من البعد الاقتصادي بالنّسبة إلى الأردن. وأضاف الدويري أنّه "بموجب [اتّفاقيّة خفض التصعيد الثلاثيّة لشهر تموز/يوليو] كان من المفترض أن تتراجع الميليشيات الشّيعيّة 40 كيلومترًا عن حدودنا، لكنّ ذلك لم يحدث. فهم ما زالوا ضمن 16 كيلومترًا من حدودنا، لذا الطّريق السّريع إلى دمشق ليس آمنًا. والظّروف التي تسمح بإعادة فتح المعبر ليست مهيأة بعد".

 

قال الكاتب السّياسي ماهر أبو طير إنّ أولويّات الأردن في جنوب سوريا قد تغيّرت. وفي عموده في صحيفة الدستور يوم 1 تشرين الأوّل/أكتوبر، قال إنّ موقف الجيش السّوري الحرّ يتغيّر لأنّ الأردن تريد نهاية سريعة للأزمة السّوريّة ضمن إطار إقليمي ودولي، ولأنّ المملكة الهاشميّة تريد عودة اللاجئين السّوريّين إلى بلادهم في أسرع وقت ممكن. وقال أبو طير، "يبدو أنّ الأردن والنّظام السّوري على توافق تامّ بشأن ما يجب أن يحدث في جنوب سوريا. وهذا يعني أنّ الأردن تستعمل نفوذها للتغلّب على التّحدّيات الأمنيّة في جنوب سوريا، وذلك يصبّ في مصلحة الأردن بالمرتبة الأولى".

 

ومع التّشديد على قلق الأردن المتنامي إزاء عبء استضافة اللاجئين، قال عبدالله لأعضاء مجلس الأعيان في 5 تشرين الأوّل/أكتوبر، "لا يمكننا الاستمرار في جعل [المواطنين الأردنيّين] يتحمّلون تكاليف استضافة اللاجئين". وقال أيضًا إنّه "ليس من السّهل على دولة أن تدفع ما يعادل ربع ميزانيّتها لدعم اللاجئين"، مضيفًا بقوله إنّ "العام المقبل سيشهد تعافيًا من تداعيات التطوّرات الإقليميّة، بما في ذلك أثر أزمة اللاجئين السّوريّين وإغلاق أسواق التّصدير".

 

 

أضف تعليقك