الأردن.. اعتقال حزبيين وناشطين يدفع "رايتس ووتش" للقلق

الرابط المختصر

لا يوجد أرقام دقيقة لأعداد الأردنيين المعتقلين على خلفية التعبير عن الرأي، إلا أن المكتب التنفيذي للحراك الأردني الموحد يقدر الاعتقالات خلال العام الحالي بـ42 شخصا، اعتقلوا بتهم مختلفة، تنوعت بين "جرائم إلكترونية" من خلال التعبير عن آرائهم عبر مواقع التواصل، وأخرى "إطالة اللسان"، و"تقويض نظام الحكم"، دفعت بأصحابها إلى محكمة أمن الدولة.

 

 

اعتقال حزبيين

 

الاعتقالات طالت خلال الأشهر الأخيرة أعضاء في حزب جبهة العمل الإسلامي (أكبر الأحزاب الأردنية)، ودفعت الحزب لإصدار مذكرة، الاثنين، لمطالبة المركز الوطني لحقوق الإنسان بالتحرك لدى الجهات الرسمية لكشف مصير المعتقلين من كوادر وقيادات الحزب منذ أكثر من شهرين دون تهمة.

 

الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، مراد العضايلة، يقول لـ"عربي21" إن "3 من أعضاء الحزب هم نقيب الممرضين الأسبق منير عقل، وأمين سر نقابة الممرضين الأسبق سلمان المساعيد، ومقداد الشيخ، ما زالوا معتقلين لدى جهاز المخابرات العامة منذ شهرين، دون تهم، ودون السماح لعائلاتهم أو الصليب الأحمر أو محامين بزيارتهم".

 

وحسب العضايلة، فإن الحزب يخشى "من الضغط عليهم لدفعهم بالاعتراف بتهم لم يرتكبوها، وهذا يقلقنا، هي اعتقالات سياسية، في الفترة الأخيرة شعرنا بتضييق على كوادرنا، حيث تم استدعاء مئات الأعضاء للتحقيق، وحجز جوازات السفر عبر المطار، والضغط على الكوادر؛ من خلال عدم منح موافقات أمنية لأفراد من عائلاتهم يبحثون عن العمل في السلك العسكري، وربطها باستدعاء أقاربهم المنتمين للحزب".

 

المركز الوطني لحقوق الإنسان (هيئة شبه حكومية مستقلة)، تحدث في تقرير له نشر في بداية تشرين ثان/ نوفمبر بعنوان "أوضاع حقوق الإنسان في الأردن لعام 2018" عن اعتقال "خمسين ناشطا، وفق حراكيين، منهم نحو 12 ناشطا محكومون بأحكام قضائية مختلفة" في تلك الفترة. إلى جانب تسجيل 757 قضية متعلقة بإثارة النعرات، أو الحض على النزاع بين الطوائف، أو الذم والتحقير، أو المس بكرامة الملك أو الملكة، خلافا لأحكام قانون العقوبات، بلغ عدد الموقوفين فيها 130 موقوفا.

 

هيومن رايتس ووتش قلقة

 

الاعتقالات دفعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" للتعبير عن قلقها من ما أسمته "ارتفاع عدد المعتقلين في الأردن على خلفية التعبير عن الرأي"، حسب ما يقول آدم كوغل، الباحث في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش.

 

ويدعو كوجل في حديث لـ"عربي21" السلطات الأردنية "للاستماع للأصوات المطالبة بالتغيير".

 

ويواجه المعتقلون تهما عديدة نصت عليها تشريعات "جدلية" مثل قانون منع الإرهاب، وقانون العقوبات، وقانون منع الجرائم الإلكترونية، أبرزها؛ تقويض نظام الحكم، وإطالة اللسان، وإثارة النعرات الإقليمية، بسبب هتافات في الشارع، أو كلمات كتبوها على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

إلا أن الحكومات الأردنية تنفي بشكل مستمر وجود معتقلين سياسيين لديها، وترى أن من اعتقلوا "خالفوا قوانين البلاد".

 

وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، أمجد العضايلة، لم يستجب لأسئلة "عربي21" حول طبيعة الاعتقالات وأعدادها في المملكة.

مسيرة الجمعة

 

ودفعت هذه الاعتقالات إلى جانب مطالب بمحاربة الفساد ناشطين أردنيين للدعوة لمسيرة يوم الجمعة المقبلة في وسط البلد عمان، تحت عنوان "إسقاط الفساد والاستبداد"، حسب الناطق الإعلامي للمكتب التنفيذي للحراك الأردني الموحد، المحامي جمال جيت.

 

يقول جيت لـ"عربي21" إن "عدد المعتقلين من الناشطين السياسيين بلغ 42 معتقلا، من خلفيات سياسية مختلفة، اعتقلوا على خلفية التعبير عن الرأي عبر الشبكات التواصل، أو نفذوا وقفات احتجاجية".

 

ويفسر هذه الاعتقالات "بمحاولة تنفيس النظام من الضغط الاقتصادي وضغط الشارع من خلال هذه الاعتقالات والاستدعاءات، ضمن سياسة تخبط، إذ استدعيت أنا شخصيا للتحقيق، بعد أن حاول أحد أقاربي الحصول على موافقة أمنية للعمل في السلك العسكري، وهي وسائل تقليدية يلجأ لها النظام في التضييق على الناشطين والحراكيين".

 

ملف خارج صلاحيات الحكومة

 

الاعتقالات تأتي في ظل حكومة عمر الرزاز، التي قدمت نفسها للأردنيين على أنها حكومة من "رحم الدولة المدنية"، إلا أن آمال الأردنيين ومؤسسات المجتمع المدني بدأت تتراجع بالحكومة، حسب استطلاعات مركز الدراسات الاستراتيجية، بعد أن شهد عهد الرزاز منع فعاليات، واعتقال ناشطين سياسيين.

 

الرزاز نفسه جاء محمولا على أمواج احتجاجات عمت المملكة في شباط/ فبراير 2018 استمرت لأسابيع ضد رفع الدعم عن الخبز، وارتفاع الأسعار، وفرض الضرائب التي أقرتها الحكومة التي سبقته.

 

لم يحرك الرئيس ساكنا تجاه ملف المعتقلين السياسيين، بل جاء بسلامة حماد وزيرا للداخلية، وهو الوزير المعروف عنه بأنه من التيار "المحافظ".

 

لكن الرزاز عمم الأربعاء الماضي بضرورة العمل على إنفاذ التوصيات الواردة في التقرير السنوي الخامس عشر، الصادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان، حول أوضاع حقوق الإنسان في الأردن، وسط آمال ضعيفة أن يشمل ذلك الإفراج عن المعتقلين على خلفيات تتعلق بحرية الرأي والتعبير.