استمرار الحرب على غزة يثير مخاوف اقتصادية.. ودعوات إلى اتخاذ تدابير لمواجهتها

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يشهد القطاع الاقتصادي تأثيرات سلبية، تثير مخاوف اقتصاديين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة نظرا لتعرضه للعديد من الصدمات التي شهدها ما قبل الحرب،  تسببت بارتفاع نسبة المديونية، وعجز الموازنة، وزيادة نسبة الفقر والبطالة، الأمر الذي يتطلب إيجاد بدائل للحد من التأثيرات السلبية.

 ويعد القطاع السياحي من بين القطاعات الأكثر تضررا، بالإضافة إلى تأثر حركة الشحن والنقل في ظل أزمة البحر الأحمر، والسيطرة على باب المندب،  مما قد ينعكس  سلبا على الأسعار ويزيد من التحديات المالية التي تواجه الحكومة. 

في ظل هذه التحديات، تؤكد لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، على ضرورة التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص لمواجهة الظروف الاقتصادية، جاء ذلك في اجتماع عقدته اللجنة، الأحد، بحضور العديد من الجهات المعنية لمناقشة تقرير الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024، والوضع الاقتصادي للعام نفسه، وآثار حرب غزة على الاقتصاد الوطني. 

وتتطلب المستجدات والمتغيرات الإقليمية والدولية التي تجري والمتوقعة في العام الحالي، والتي ستتأثر بها أغلب اقتصادات العالم، تتطلب إعداد بدائل وسيناريوهات اقتصادية لمواجهتها، من أجل التكيف مع الظروف المحيطة، نظرا لزيادة مؤشرات معدلات التضخم عالميا، ما يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي بشكل عام والأردني بشكل خاص، إضافة إلى ارتفاعات في المديونية، واحتمال ارتفاع أسعار بعض السلع الرئيسة، بحسب اللجنة.

 

القطاع السياحي الأكثر تضررا

 عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، الدكتور فريد حداد، يشير إلى اننا بدأنا  نلمس تأثير الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة على العديد من القطاعات الاقتصادية، من أبرزها القطاع السياحي، حيث سجلت معدلات منخفضة في هذا القطاع مقارنة بالعام السابق،  نظرا لانعكاس الأحداث على تراجع الحركة السياحية في المملكة.

من جانبه يؤكد المحلل الاقتصادي والأكاديمي الدكتور  قاسم الحموري، أن أكبر القطاعات الاقتصادية  المتاثرة من الحرب هو قطاع السياحة، وهذا يؤثر على معدلات النمو  المتوقعة، خاصة مع اعتماد الأردن بشكل كبير على الدخل السياحي الذي كان ينمو بشكل كبير خلال الفترة الماضية.

في هذا السياق، خصصت الحكومة مبلغ 88 مليون دينار لوزارة السياحة، بارتفاع 6 ملايين مقارنة بتقدير 2023 السابق، تتوزع بين النفقات الجارية والنفقات الرأسمالية. وجاء معظم الارتفاع لدعم مشاريع هيئة تنشيط السياحة بنحو 4.6 مليون دينار.

وأكدت وزارة السياحة أن قطاع السياحة شهد نموا كبيرا مع نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، ولكن مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تأثر القطاع والنمو المستهدف ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، والذي كان من المأمول أن تصل مساهمته لنحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة مرضية جداً.

تقديرات وزير السياحة، فإن استمرار الحرب في قطاع غزة سيكبد القطاع السياحي في الأردن خسائر تتراوح ما بين 250 إلى 281 مليون دولار شهرياً، مع ارتفاع إلغاء الحجوزات إلى نحو 60%. وإذا استمر هذا الوضع، فستكون هناك خسائر كبيرة للاقتصاد الكلي.

 

أزمة باب المندب

يوضح  حداد أن بوادر توسع الصراع  في المنطقة في مناطق متعددة، مثل السيطرة على  المضائق البحرية، خاصة مضيق باب المندب، والتوتر الحاصل في مناطق جنوب لبنان وشمال فلسطين، يثير مخاوف الشركات العالمية المشاركة في التجارة الدولية، في التجارة العالمية، حيث بدأ يؤثر على حركة البواخر ونقل المواد بين المستورد والمصدر.

ويشير حداد الى ان الشركات العالمية المعرضة لتهديدات أمنية لسفنها، قد أدت إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف النقل، وقد قامت هذه الشركات بتغيير مسارات وخطوط الملاحة البحرية باتجاه مضيق باب المندب. 

هذا الأمر بحسب حداد، يزيد من تكاليف الاقتصاد الوطني،  وتكاليف التأمين على نقل البضائع بأكثر من أربعة أضعاف، وبالتالي يتسبب في زيادة النفقات الوطنية للحصول على السلع الاستراتيجية، ويؤثر على الأسعار في الأسواق، ويزيد من الإنفاق على دعم السلع. 

ووفقا لتقديرات حكومية، يعتمد الأردن بنسبة تقارب 50٪ على وارداته من خلال البحر الأحمر وتمتد إلى باب المندب، بينما يصدر ما بين 20٪ إلى 25٪ من إنتاجه.

 

حلول للتغلب على الأزمة

يعاني الاقتصاد  المحلي من تحديات كبيرة تبدأ من تداعيات الربيع العربي، الذي أوقف التجارة مع سوريا،  وصولا الى جائحة كورونا، انتهاء بأحداث الحرب الاسرائيلية على غزة، ما انعكس على اعداد الميزانيات الحكومية خلال الأعوام الماضية بتراجع واضح.

ويطالب النواب الحكومة بضرورة الإسراع في إنجاز خطّة التنفيذ لرؤية التحديث الاقتصاديّ والإصلاح الإداري، وعدم التهاون أو التراجع في تنفيذها، لأنّ ذلك  سيقلل ثقة الناس في نية الإصلاح.

ويشير الدكتور فريد حداد، أن عجز الموازنة المتوقع في العام القادم، يصل الى ما يقارب 2875 مليون دينار، نظرا  للظروف السياسية الصعبة غير المستقرة في المنطقة .

من الحلول لمواجهة التحديات الاقتصادية بحسب الدكتور قاسم الحموري، يركز على دعم المنتج المحلي وتحويل التحديات الى فرص ايجابية، مشددا على ضرورة  عدم استغلال التجار والقطاع الخاص تعاطف الشارع الاردني، ويقوم برفع الاسعار،  وبدلا من ذلك يجب تخفيض الأسعار لتعزيز حجم المبيعات وتعزيز الإنتاج.

ويصف الاقتصاد الأردني بالمريض، حتى قبل جائحة كورونا، في ظل نمو متواضع يصل إلى  حوالي 2% ، ومديونية مرتفعة و عجز بالموازنة، مما أدى إلى تراجع الاقتصاد غير القادر على تنفيذ مشاريع  قادرة على خلق فرص عمل، وتقليل من معدلات الفقر والبطالة.

وتشير لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية إلى أن خدمة الدين العام والعجز المالي يشكلان قلقا، مما يؤثر على الميزانية والاقتصاد الوطني ، تقترح حلولا تشمل تجنب الاستدانة بقدر الإمكان ورصد الإنفاق الحكومي بحيث يكون موجها نحو الأمور الأساسية والضرورية.

بحسب خطاب الموازنة الذي ألقاه وزير المالية محمد العسعس قبل أيام في مجلس النواب، بين أن موازنة الأردن لعام 2024 تتوقع نموا يقدر بـ2.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي دون تغيير عن العام الماضي، مع توقع إنفاق حكومي 12.4 مليار دينار، بزيادة تقدر بـ9 بالمئة مقارنة بالعام السابق، أما بشأن العجز فمن المتوقع أن يكون 2.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 2.6 بالمئة العام الماضي.

أضف تعليقك