ما أن يسمع البعض عن أشخاص يقومون بجمع التبرعات لصالح سكان قطاع غزة، حتى يشعروا بالتعاطف، نظرا للظروف الإنسانية الصعبة التي يواجهها القطاع، جراء الحرب الإسرائيلية التي بدأت منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي.
إلا أن هذه الظاهرة سرعان ما تحولت إلى استغلال ظروف الحرب بطرق غير إنسانية، حيث يتلقى البعض اتصالات هاتفية تستغل عواطفهم بهدف الحصول على المال، باستخدام حجج غير موثوقة وادعاءات غير صحيحة، ويتم الطلب منهم تحويل مبالغ مالية إلى حسابات بنكية، دون توفير أي دليل على أن هذه التبرعات ستصل فعلا إلى الأهالي في القطاع، وفقا لما رصده موقع "عمان نت".
وامتدت هذه الظاهرة لتتوسع إلى جمع التبرعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال جمع التبرعات من قبل العديد من الجهات والأشخاص سواء في الداخل أو الخارج.
هذه القضية الجديدة القديمة، والتي تنتشر بين الحين والآخر، أطلقت عليها وزارة التنمية الاجتماعية باسم "التسول الإلكتروني"، فيما تصنف في الأنظمة والقوانين كجريمة جمع التبرعات.
جمع التبرعات مخالف لقانون الجرائم
تخالف ظاهرة جمع التبرعات النصوص القانونية الواردة في قانون الجرائم الإلكترونية الصادرة في نهاية العام الماضي، بحسب المادة 23 من القانون.
وتعاقب المادة "كل من أنشأ أو أدار موقعا إلكترونيا أو أشرف عليه أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو تقنية المعلومات، أو أدار محفظة إلكترونية للدعوة أو الترويج لجمع التبرعات أو الصدقات دون ترخيص، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار".
المتخصص في القانون الجزائي الدكتور أشرف الراعي يشير إلى أن هذه الروابط، التي يتم توجيهها إلى الأفراد ، تعتبر وسيطا يلجأ من خلالها إلى طرق أخرى لإرسال روابط بهدف توجيه التبرعات إلى حساباتهم البنكية الشخصية.
ويوضح الراعي، أن بعض الأفراد قد يتعاطفون مع هذه الحالات ويتفاعلون مع الروابط المرسلة لهم، مما يؤدي إلى وضع بيانات بطاقاتهم الائتمانية أو البنكية، مما يسمح بسحب المبالغ المالية بالكامل ويعرض حساباتهم البنكية للخطر.
في ظل الحروب والكوارث الإنسانية والتعاطف مع سكان غزة، يجب وجود توعية قانونية خاصة بهذه القضية تحديدا، حيث تعد قضية جمع التبرعات قضية خطيرة، خاصة أن الاشخاص لا يعرفون إلى أين تذهب هذه التبرعات والمبالغ المالية، مع ضرورة تشديد العقوبات في مثل هذه القضايا لتحقيق الحماية المجتمعية، بحسب الراعي.
شروط جمع التبرعات
شروط جمع التبرعات وفق الأنظمة التابعة للوزارة، تتضمن ضرورة الحصول على موافقة الوزارة على أي عملية جمع للتبرعات، وتحديد أسماء الأشخاص الممثلين للمؤسسة أو الجمعية وأسباب التبرع والجهة المستهدفة والفترة الزمنية لحملة التبرع ونطاقها الجغرافي.
يجب على المواطن الراغب في التبرع التأكد من وجود تصريح لجمع التبرعات يتضمن هدف الحملة والفئة المستهدفة وتاريخ الموافقة والبطاقة التعريفية لجامع التبرعات، ويجب أن يحصل المتبرع على سند قبض مختوم بختم وتوقيع مديرية التنمية الاجتماعية.
تتنوع أساليب الاحتيال على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم استغلال صور أو قصص العائلات المحتاجة لجمع المال، وتحذر الجهات المعنية مرارا من الروابط الوهمية التي تطلب الدخول وتعبئة البيانات للحصول على مساعدات مالية.
يؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية، الدكتور أشرف خريس، على خطورة جمع التبرعات غير المرخصة ويدعو إلى ضرورة التحقق من التراخيص لتفادي الاحتيال، مشيرا إلى ظاهرة التسول الإلكتروني التي تعتمد على الخداع والتحايل للحصول على المال بطريقة غير قانونية.
لتجنب الوقوع في فخ الاحتيال، يجب تعزيز الوعي لدى المواطنين بضرورة التوجه إلى المؤسسات الخيرية المرخصة رسميا، لجمع التبرعات والمساعدات المالية، ويجب تجنب التعاطف في التبرعات والتأكد من صحة المصدر قبل القيام بأي عملية تبرع، بحسب خريس.
جهات موثوقة للتبرع
من بين الخطوات التي يمكن اتخاذها المواطنين للتبرع، خاصة في ظل الظروف الصعبة في قطاع غزة، بدلا من اللجوء إلى التبرع من خلال التواصل الاجتماعي أو من خلال الاشخاص بشكل فردي، يمكنهم الذهاب الى الجهات الرسمية المرخصة من الجهات المعنية كالهيئة الخيرية الهاشمية، والنقابات المهنية والجمعيات الخيرية المعتمدة.
تضامنا مع الأهالي في قطاع غزة، وجهت مؤسسات أهلية واقتصادية وجمعيات خيرية نداءات لجمع التبرعات النقدية والعينية.
ومن بين تلك المؤسسات أطلقت تكية أم علي حملة تحت شعار "لأجلك يا غزة"، بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، بهدف جمع التبرعات لتوفير طرود غذائية طارئة لتأمين الاحتياجات الغذائية للأسر المنكوبة، دعما لأهلنا في قطاع غزة.
تتضمن الطرود مواد غذائية جاهزة للأكل لتلبية احتياجات الأسر في ظل الظروف الصعبة، ويتيح هذا النهج الاستجابة الفورية للاحتياجات التغذوية لمدة تصل إلى 14 يوما لأسرة مكونة من شخصين أو 7 أيام لأسرة مكونة من أربعة أشخاص، بتكلفة تقدر ب 25 دينارا للطرد الواحد.
كما أطلقت، اللجنة العليا للإعمار في فلسطين من نقابتي المهندسين ومقاولي الإنشاءات حملة "غزة معا ننصرها: الإيواء وإعادة الإعمار"، الهادفة إلى جمع التبرعات لدعم صمود الأشقاء في غزة ضد العدوان الإسرائيلي الممنهج ومجازره بحقهم، عبر يوم مفتوح على أثير إذاعة حسنى في عمان والسلط، وإربد والشمال.
إلى ذلك نظمت المؤسسة الاستهلاكية المدنية، بالتعاون مع مديرية المركز الوطني لبنك الدم التابع لوزارة الصحة أمس حملة للتبرع بالدم تحت عنوان (تبرع بالدم... وانقذ أهلك في غزة)، شارك فيها حوالي 150 موظفا وموظفة في مبنى الإدارة العامة للمؤسسة عبر سيارة متنقلة.
كما تحرص المؤسسات الاقتصادية والأهلية على التضامن مع الأهل في غزة من خلال إطلاق نداءات لجمع التبرعات النقدية والعينية، حيث قدمت جمعية المركز الاسلامي الخير.