استراتيجكس: رد حزب الله على مقتل شكر ما بين توازن الردع ومنع توسع التصعيد

الرابط المختصر

ماذا حدث؟

نفذ حزب الله اللبناني في 25 أغسطس 2024 هجوماً جوياً ضد أهداف إسرائيلية هو الأوسع منذ انخراطه في التصعيد في 8 أكتوبر 2023، حيث أعلن الحزب إطلاق نحو 320 صاروخ وقذيفة وطائرة مسيرة على إسرائيل، في المُقابل أعلنت إسرائيل عن تنفيذها ضربات استباقية على أهداف لحزب الله في لبنان، بمشاركة 100 طائرة مقاتلة، ما يجعل منها الضربة الإسرائيلية الأكبر ضد الحزب منذ آخر حرب بينهما في 2006.

 

نظرة عن كثب:

يأتي هجوم حزب الله  المركب على إسرائيل في إطار الرد على مقتل رئيس غرفة العمليات فؤاد شكر في 30 يوليو 2024، إذ شمل مرحلتين، أطلق في الأولى مئات القذائف ضد 11 منشأة عسكرية في شمال إسرائيل، بهدف إشغال الدفاعات الجوية الإسرائيلية وتحديداً القبة الحديدية، لتسهيل مرور الطائرات دون طيار في المرحلة الثانية لاستهداف قاعدة غليلوت التي تضم شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان".

في المُقابل؛ أعلنت إسرائيل عن تنفيذها ضربة استباقية، دمرت آلاف منصات إطلاق الصواريخ في أكثر من 40 موضع للحزب في جنوب لبنان، وذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الجيش اعترض جميع الطائرات المسيرة التي أطلقت على الهدف الاستراتيجي في وسط إسرائيل.

في الواقع يكشف رد الحزب عن صعوبات متزايدة يواجهها في استعادة معادلة الردع مع إسرائيل، ومن ورائها حسابات معقدة تُحيط بمجمل عمليات "محور المقاومة"، والتي كانت سبباً في تفرد حزب الله بالرد، واستثناء الرد الجماعي كما كان متوقعاً.

 

نقطة انعطاف!

تختلف حدة رد حزب الله عن ذلك المُتوقع في تهديد الأمين العام حسن نصر الله في 6 أغسطس، بأنه سيكون "قوي ومؤثر وفاعل"، وأنه "سيتجاوز نطاق المناوشات الحدودية اليومية"، فبالرغم من أنه تجاوز نطاق المواجهة منذ 8 أكتوبر 2023، لا يزال الحزب مضطراً لتأكيد فعالية هجومه، إذ أصدر ثلاثة بيانات لوصف الهجوم وظهر نصر الله للحديث عن تفاصيله، ويجد الحزب نفسه في مواجهة رواية إسرائيلية تُقلل من شأن الرد وتأثيره. ومن غير الواضح ما إذا الحزب قد اختار رده لمنع التصعيد وهو -ما يتناقض مع التصريحات السابقة للحزب وأمينه-، أو أن الضربة الإسرائيلية الاستباقية قد أحبطت هجومه الذي خطط له.

في كلا الحالتين، يُرسخ الرد من مأزق حزب الله الرئيسي ومخاوفه بشأن انكشافه استخباراتياً أمام إسرائيل، ومن المُرجح أن الإعلان الإسرائيلي عن مُشاركة 100 طائرة مُقاتلة في عملية إحباط الهجوم، جاء كرسالة أن الضربة الاستباقية نُفذت بناء على معلومات استخباراتية وليس وفق معطيات ميدانية ورصد لحركة عناصر حزب الله -كما أعلن لاحقاً نصر الله- إذ من الصعب عملياً تحريك ذلك العدد من الطائرات، وتوزيع مهامها وتزامن تحليقها في نطاق جغرافي محصور بالجنوب اللبناني، واستهداف 40 موقعاً، دون تجهيز واستعداد مُسبق.

نقطة الانعطاف؛ تتمثل في إعلان حسن نصر الله انتهاء الرد، دون إشارة واضحة على استعادة معادلة الردع مع إسرائيل، ومن المُرجح أن ينعكس ذلك سلباً على طبيعة الرد الإيراني والحوثي المنتظر، خاصة وأن طهران ستأخذ بعين الاعتبار إمكانية تضرر صورتها إذا ما أحبط ردها قُبيل أو أثناء تنفيذه، إذ وضعت الضربة الاستباقية الإسرائيلية حزب الله في حرج شديد، وضيقت من خياراته، فلم يتمكن من تنفيذه بفعالية، ولا استطاع التراجع عنه. ومن المرجح في المرحلة القادمة أن يُخفض حزب الله من تصعيده للعودة ضمن حدود قواعد الاشتباك الضمنية منذ 8 أكتوبر، وذلك منعاً للاستنزاف الحاد في قيادات الحزب وبنيته التحتية، والتي كان آخرها إعلان إسرائيل استهداف مستودعات أسلحة في منطقة البقاع في 19 أغسطس 2024، واغتيال مسؤول في وحدة الصواريخ التابعة للحزب في جنوب لبنان في التاريخ نفسه.