استراتيجكس: اختيار السنوار رئيسًا لحماس يكشف عن التوجهات المستقبلية للحركة
ماذا حدث؟
أعلنت حركة "حماس" في 6 أغسطس 2024 عن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي، خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران في 31 يوليو، ويأتي اختيار السنوار في وقت تواجه فيه الحركة مرحلة "مصيرية" في قطاع غزة، وهو ما يحمل العديد من الدلالات والتداعيات.
نظرة عن كثب:
برزت خلال الأيام الماضية مجموعة من الأسماء المرشحة لخلافة هنية، لا سيما من قادة الحركة في الخارج ومنهم خالد مشعل الذي شغل رئاسة المكتب سابقاً، وخليل الحية نائب رئيس الحركة في قطاع غزة، وكذلك المسؤول في المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، وزاهر جبارين المسؤول عن إقليم الضفة الغربية الذي كان يرأسه سابقاً صالح العاروري، إلا أن حماس أعلنت في بيان لها عن اختيار السنوار الذي يترأس الحركة في قطاع غزة منذ 2017؛ بعد "مشاورات واسعة"، وفي غضون أقل من أسبوع على اغتيال هنية.
ويُشير ذلك الإعلان وتوقيته، إلى رغبة الحركة بإظهار تماسك هيكلها التنظيمي والقيادي، ولذلك حرص الإعلان على وصف آلية الاختيار بالتشاورية، والتي تمت في غضون وقت قصير منذ شغور المنصب، بالرغم من التحديات التي تواجه الحركة في الداخل والخارج، وكُثرة المؤثرات والتفاعلات المحيطة بعمليات اتخاذ القرار داخلها. كما يحمل الاختيار دلالة للأهمية المتزايدة لإقليم قطاع غزة في حسابات الحركة ما بعد الحرب، حيث تواجه التهديد الأوسع الناتج عنها، مقارنة بإقليمي الخارج والضفة الغربية، وهو ما يُعزز من التيار المقرب من إيران و"محور المقاومة"، ويُضعف من تيار الإخوان المسلمين المقرب من تركيا وقطر، وتربط هذه الخطوة مستقبل الحركة بشكل وثيق مع مجريات الحرب في قطاع غزة وبمصير المفاوضات الجارية لوقفها.
إلى جانب ذلك؛ فإن اختيار الحركة لرئيس يتوارى عن الظهور بحكم الملاحقة الإسرائيلية، بعدما كانت تأخذ بالحسبان أهمية أن يتحلى رئيسها بقدرة على الحركة والسفر والمشاركة في المناسبات المختلفة، يُسلط الضوء على الشخصية التي ستتولى منصب نائب السنوار، والتي يُرجح أن تكون من خارج القطاع من أجل تغطية فجوة عدم تمكن السنوار من الحركة، وللحفاظ على علاقات حماس وأنشطتها على المستوى الخارجي.
نقطة انعطاف!
تُظهر نقطة الانعطاف الأهم وراء اختيار السنوار، بما تُمثله شخصيته الجامعة للشؤون السياسية والاجتماعية والعسكرية في قطاع غزة، إذ تُشير التقارير أنه لا يزال يُشرف على العمليات العسكرية، وعلى مجريات المفاوضات، حيث يُعزز اختيار السنوار كقائد عسكري وسياسي من تعويض النقص الحاصل في كتائب القسام خاصة بعد إعلان إسرائيل اغتيال عدد من قيادات الصف الأول في كتائب القسام، من بينهم القائد العام محمد الضيف في مطلع أغسطس، وكذلك بالنسبة لمحور المقاومة بشكل عام الذي فقد عدد من قياداته من بينهم قادة بارزين في حزب الله اللبناني وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. إلا أن ذلك يترافق بتداعيات على الحركة، أهمها تمركز القوة السياسية والعسكرية بيد شخص واحد، وبشكل يُتيح له التفرد بالقرار داخل الحركة، خاصة مع زيادة نفوذ شقيقه محمد السنوار في هيئة أركان كتائب القسام. وكل ذلك يعتبر متغيراً جديداً في سياق الحرب وفي مفاوضات وقف إطلاق النار، حيث يُرجح أن يدفع هذا التغيير إلى تفضيل الخيار المسلح، وبأن الحركة تستعد للدخول في جولة جديدة من المواجهة مع إسرائيل، سواء عبر حرب استنزاف في قطاع غزة، أو تعميق ساحات المواجهة خارج القطاع بتوجيه ضربات نوعية لأهداف إسرائيلية في الداخل والخارج.