ارتفاع أسعار المواد الغذائية يدفع مستهلكين إلى اللجوء لبدائل أقل جودة لتقليل النفقات

الرابط المختصر

منذ فترة طويلة يعاني الأربعيني أحمد من ارتفاع تدريجي في أسعار المواد الغذائية، حيث تتراوح الزيادة ما بين نصف دينار إلى دينار، الأمر الذي بات يشكل عبئا على ميزانيته المخصصة للمواد الغذائية، على حد وصفه.

أحمد، الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، يشير إلى أنه بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الدجاج في الأسواق المحلية، أصبح يشتري أربعة دجاجات بقيمة 20 دينار، كما أنه كان يشتري نوعا معينا من الأرز بسعر 3.60 دنانير، وقد ارتفع سعره الآن ليصبح 4.25 دنانير.

لتوازن دخله الشهري بين مستلزمات العائلة والمواد الغذائية والبنزين، أصبح أحمد يشتري مواد غذائية ذات جودة أقل لتوفير جزء من المبلغ، أو يختار سلعا بأسعار مماثلة للمواد الغذائية السابقة.

أما أم محمد، التي تعيل أسرة مكونة من تسعة أفراد، فتقول إنها تنفق على المواد الغذائية شهريا حوالي 200 دينار، وللتغلب على غلاء الأسعار، تضطر أحيانا لشراء الخضروات والفواكه ذات الجودة الأقل أو تلك التي تباع على البسطات بأسعار مناسبة، كما تشتري المواد الغذائية من المولات التي تقدم عروضا مخفضة.

ويرى خليل، العشريني، أن الارتفاع الكبير في أسعار السلع لا يتماشى مع دخله الشهري البالغ 350 دينارا، مشيرا إلى أن راتبه الشهري لا يكفي لتغطية جميع احتياجاته من المواد الأساسية.

خلال عام، ارتفعت أسعار المواد الغذائية حوالي 10 مرات، وبلغ هذا الارتفاع التراكمي الى حوالي 13.5%، في المقابل انخفضت الأسعار بنسبة 2.8%، وفقا لتقارير اقتصادية.

تقرير شهري للبنك الدولي يشير إلى أن ارتفاع أسعار الأغذية في الأردن بنسبة 2.1% لنهاية شهر أيار الماضي، في وقت رصدت فيه دائرة الإحصاءات العامة ارتفاعا في أسعار المستهلك (التضخم) بلغت نسبته 1.81% للشهر ذاته.

ووفق التقرير، فإن أسعار الأغذية في الأردن انخفضت في شهر نيسان بنسبة -0.1% بعد 10 أشهر على الأقل من الارتفاع المستمر، مشيرا إلى أن أسعار الأغذية ارتفعت بنسب 1.5% في آذار الماضي، و1.8% في شباط، و3% في كانون الثاني و2.2% في كانون الأول من العام 2023، و0.8% في تشرين الثاني، 1.7% في تشرين الأول، 1.3% في أيلول، 0.6% في تموز الماضي، و1.2% في آب الماضي، رغم تراجعها 1% بنهاية حزيران و1.9% بنهاية أيار.

أسباب ارتفاع الأسعار

يرجع الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش هذا الارتفاع إلى عدة أسباب، من  بينها تكاليف استيراد الشحن استيراد المواد الغذائية، والتكاليف المحلية المتعلقة بارتفاع أسعار النقل والمحروقات، وتأثير هذه العوامل على الأسعار ، بالاضافة الى ارتفاع الضرائب والرسوم التي هي بالاصل مرتفعة، كذلك إلى الحلقات التسويقية ما بين المزارعين والتجار والمستهلكين، وهي تضيف تكاليف اضافية تنعكس على أسعار السلع.

ويوضح عايش أن هذا الارتفاع يحدث تدريجيا،  مما يجعله أقل وضوحا، وانه ليس كل المواد الغذائية قد ارتفعت بنفس النسبة، ويرى أن ارتفاع أسعار الاغذية هو احد العوامل المؤثرة في استمرار التضخم بمستوى مرتفع، مشيرا إلى أن سلة المستهلك التي يتم حساب معدلات التضخم بناء عليها، يجب أن تعدل لتعكس الزيادة في الأسعار بشكل أكثر دقة.

يؤكد أن هناك زيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية تفوق التوقعات، وهذه الزيادات غير متناسبة مع جودة المواد الغذائية، مضيفا إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني.

في الربع الأول من هذا العام، بلغ معدل النمو 2%، وهو أقل من المعدلات المتوقعة للعام والتي تشير إلى 2.4%. هذا التأثير السلبي على الاقتصاد يعود إلى أن المستهلكين يبحثون عن تقليل الإنفاق واختيار بدائل أقل جودة قد تكون أكثر خطورة على الصحة، بحسب عايش.

 

تردي الأوضاع الاقتصادية بشكل عام، ادى الى تراجع ثقة المستهلك بالاقتصاد الوطني بمقدار3.4 نقطة مئوية خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 39 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفق ما أظهر مؤشر "إبسوس" لثقة المستهلك.

وعزا التقرير هذا التراجع بشكل رئيسي إلى انخفاض ثقة المواطنين في الوضع المستقبلي لاقتصاد المملكة، وثقتهم في الوضع الاقتصادي الحالي وقدرتهم على الاستثمار في مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.

ومن أبرز خمس هموم تواجه المواطن، وفق لنتائج المسح، ارتفاع تكلفة المعيشة الذي يمثل الهم الأكبر لـ61% من المشاركين، البطالة التي تشكل مصدر قلق لـ57% منهم، الفقر وعدم المساواة، الذي يعبر عنه 41% من المستطلعين، ضعف الاقتصاد الذي أشار إليه 26% من المشاركين، التعليم الذي يمثل هماً لـ19% منهم.

الدور الحكومي

تدرك الحكومة مشكلة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، من خلال تنفيذها لبعض الإجراءات، مثل تحديد سقوف سعرية للسلع التي ارتفعت أسعارها.

ولكن يؤكد عايش أن الأمن الغذائي لا يقل أهمية عن أي أمر آخر، بل يعتبر من مستويات الأمن الوطني، لذلك يجب وضع برامج لحل هذه الاشكالية وضمان تأمين الاحتياجات الأساسية على الأقل للمستهلكين، مع التركيز على قطاع الزراعة. 

من جانبه يرى مستشار دولي في الأمن الغذائي الدكتور مطيع الشبلي أنه من بين الحلول لتخفيف الضغوط التي تعاني منها المملكة نتيجة الأزمات المتتالية، هو التركيز على القطاع الزراعي كوسيلة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي، حيث يعتبر هذا القطاع جزءا من جهود تحسين الجودة الشاملة، ويساهم في تقليل معدلات البطالة، وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي، مما يؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي.

بدورة يشير وزير الزراعة خالد الحنيفات في تصريحات سابقة، إلى الدور المحوري للقطاع الزراعي في الأمن الغذائي، وبين جهود الوزارة لتمويل أنظمة الري الحديثة، وتعديل صندوق إدارة المخاطر الزراعية لتوسيع التغطية والمساهمة في إنشاء آبار مياه وسدود ومنشآت مائية، وأحواض أرضية لتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

أضف تعليقك