يترقب الشارع الأردني مصير اتفاقية استيراد الغاز المبرمة مع الاحتلال الإسرائيلي، بعد إعلان مجلس النواب عزمه عقد اجتماع يهدف إلى مراجعة الاتفاقية لاتخاذ قرارات وتوصيات بشأنها الأحد المقبل، يأتي هذا الإعلان بعد أن واجه ضغوطا شعبية والتي انعكست بوضوح خلال المسيرات الداعمة لسكان قطاع غزة.
كان وزير الخارجية أيمن الصفدي قد أعلن مؤخرا عن عدم توقيع اتفاقية الطاقة مقابل المياه مع الجانب الإسرائيلي في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وانتهاكه للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسط تأييد شعبي ورسمي واسع، مع تاكيد خبراء بوجود بدائل ممكنة لتلبية احتياجات المملكة من المياه دون اللجوء إلى التعاون مع الاحتلال.
منذ عام 2016، ويستورد الأردن بنسبة 95 % من احتياجاته من الغاز الطبيعي من الجانب الاسرائيلي بأسعار تفضيلية، لإنتاج الكهرباء، وذلك ضمن اتفاقية توريد تمتد لمدة ١٥ عاما بقيمة 15 مليار دينار أردني.
وفي عام 2019، وقع 58 نائبا من أصل 130 على مذكرة تلزم الحكومة بتقديم مشروع قانون يمنع استيراد الغاز من إسرائيل، الا أن الحكومة لم تقدم هذا المشروع حتى الان، مما اثار تساؤلات المواطنين حول موقف الحكومة من هذه الاتفاقية المثيرة للجدل.
تحرك نيابي
في ظل الأحداث المستمرة في قطاع غزة ومواصلة الاحتلال الاسرائيلي في ارتكاب جرائم ضد سكان القطاع، اجتمع نواب لدراسة كافة الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي بما في ذلك اتفاقية الغاز، وذلك بتوصية من رئيس المجلس أحمد الصفدي، ولكن دون تحقيق نتائج حتى اللحظة.
يرى عضو كتلة الاصلاح النيابية النائب ينال فريحات ان الموقف الرسمي يتصاعد بشكل مستمر مع الاحتلال الاسرائيلي في ظل استمرار الهجمات في قطاع غزة، وقد بدأت الإجراءات الفعلية بوقف العمل باتفاقية "الطاقة".
ويشير فريحات الى ان الشعب الأردني يتوقع قرارا يخص الاتفاقيات وخاصة اتفاقية الغاز، داعيا مجلس النواب الى التصويت على إلغاء الاتفاقية لتلبية المتطلبات الشعبية خلال مسيراتهم الداعمة لسكان قطاع غزة، موضحا ان الملف سيتم مناقشته في اجتماع قادم مع البحث عن خيارات لإلغاء هذه الاتفاقية مع توفير بدائل لتجنب تأثير هذا القرار على الاقتصاد الوطني.
مع ذلك يشدد فريحات على ضرورة ان يقرر مجلس النواب الغاء هذه الاتفاقية، ومن ثم تقوم الحكومة بالبحث عن بدائل تحت الضغط، حتى وان كانت حجة الحكومية تتعلق بأسعار اتفاقية الغاز المخفضة، مشيرا إلى وجود بدائل وطنية وعربية مثل دولة قطر والجزائر.
مصادر جديدة للغاز
ذكر مسؤول أردني مطلع، وفقا لوكالة "قدس برس"، أن عمان قد بدأت محادثات فعلية لاستيراد الغاز الطبيعي من دولتين عربيتين، وذلك خوفا من انقطاع الغاز الإسرائيلي عن المملكة أو تقليص إمداداته، عقب الإجراءات التي اتخذها الاحتلال بعد العدوان على قطاع غزة.
ويوضح المصدر أن هذه الجهود للبحث عن مصادر جديدة للغاز تأتي ضمن استراتيجية التحول من الاعتماد على الغاز الإسرائيلي، سواء بسبب انقطاعه أو تخفيض كمياته الموردة للمملكة، مشيرا إلى أن سعر الغاز الإسرائيلي المباع للأردن يقل عن نصف السعر العالمي، مما يسهم في توفير حوالي ٥٠٠ مليون دولار للأردن عبر شرائه بأسعار دولية.
من ضمن جهود الحكومة التي اعلنت عنها سابقا، وضعت هدفا لرفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء الى 31% بحلول عام 2030، على أن تعمل الحكومة على زيادة هذه النسبة الى 50%، وذلك في إطار الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة، لدعم مشاريع التحول نحو النقل الكهربائي وإنتاج الهيدروجين الاخضر.
ويتوقع الخبير في مجال الطاقة هاشم عقل أن تحقق الحكومة هذا الهدف قبل عام 2030، نظرا للسرعة في انجاز المشاريع بالإضافة الى تحقيق هدف التخلص من التكاليف العالية لعملية استيراد الطاقة، مما يخفف عبء الشعب والحكومة .
ويؤكد عقل ان الغاء اتفاقية الغاز لا يؤثر، حيث تتوفر للمملكة عدة بدائل مثل الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 30%، ومشروع العطارات الذي يلبي 15% من احتياجات الكهرباء، وهي مصادر ذاتية قابلة للتطوير وتوجد في مناطق مختلفة من المملكة.، مثل منطقة الأزرق، وجنوب الأردن، وشرق عمان.
كما يمكن تلبية الحاجة إلى الطاقة من خلال زيت الوقود الثقيل أو الديزل، المتوفرين في مصفاة البترول، بالإضافة إلى استيرادها بأسعار منخفضة من الدول الأخرى، ووجود مخزون استراتيجي من الغاز في العقبة، يعادل 600 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، مما يعطي نوعا من الأمان.
منذ إعلان توقيع اتفاقية الغاز مع الاحتلال الاسرائيلي وتنظم الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط هذه الاتفاقية (#غاز_العدو_احتلال) العديد من الأنشطة والفعاليات والمسيرات الاحتجاجية، للضغط لإلغاء هذه الاتفاقية، نظرا لاستمرار تمويل اقتصاد الحرب الإسرائيلية بأموال دافعي الضرائب الأردنيين، من خلال اتفاقيات الغاز بما يزيد عن 10 مليار دولار على حد تقديرات الحملة.