اتركوا اطفالكم يتعلمون لوحدهم حتى عن بعد

قد يغضب مني العديد من الأهالي ولكنني أشعر أن هناك مبالغة في تدخلهم لتعلم أولادها حتى في فترة التعلم عن بعد.

في الأوقات العادية يترك الأهل أبنائهم في ايدي معلماتهم ومعلميهم طوال اليوم. ولكن الان لا يترك الآباء والأمهات أبناءهم وهم يتعلمون بدون تدخل مستمر مما يصعب العملية التعليمية للمعلمين والطلاب أنفسهم. 

 

ومن المحزن ان العديد من الأهالي يقومون بتقديم الإجابات في الامتحانات بدل من أبنائهم بدل من السماح لهم بفحص معلوماتهم من اجل معرفة الهيئة التدريسية عن وضعه واجراء تقييم حقيقي لما استفادوا منه وما لم يستفيدوا.

قد يقول البعض انهم يساعدون أبناءهم لان التعليم عن بعد يشكل صعوبة كون الطفل غير معتاد على تلك الأدوات التكنولوجية حيث أنه يحتاج إلى التواصل الإنساني ومنها أهمية اللمس والتقارب الجسدي المشجع للطفل. وهذا صحيح ولكن لن يفيد على المدى البعيد أي تدخل من الأهل في مساعدة الطفل على التعود على استخدام الحواسيب وبرامج الزووم وغيرها.

لقد شكل التعلم عن بعد فرصة هامة لكي يتعرف الأهالي على أبنائهم وعلى معلماتهم ومعلميهم وعلى أساليب ونوعية التعليم المتوفر لهم وهذا أمر جيد ولكن المبالغة في الموضوع يشكل تعب للطرفين ولن ينتج عنه أي فائدة ملموسة للطالب والذي يجب أن يكون محور اهتمام كافة الأطراف.

الامر ليس سهلا للأطفال في الصفوف الاولي حيث هم بحاجة الى الدور العاطفي وليس فقط التعليمي من معلميهم وفي غياب التقارب قد يشعر الاهل ان عليهم تعويض ذلك من خلال قضاء وقت أطول معهم في حصص التعليم عن بعد وهذا مفهوم.

طبعا المعلمات والمعلمين وإدارات المدارس إضافة الى وزارة التربية والتعليم يجب أن توفر توجيهات حول كيفية الاستفادة من التعليم عن بعد وتقليل الأضرار. فمثلا قد يكون من المفيد تقليل مدة الحصص التعليمية لما في ذلك إمكانية لزيادة التركيز والفائدة حيث من المعروف أن القدرة على التركيز عبر شاشة كمبيوتر أو حتى شاشة تلفون ستكون أقل بكثير من قدرة التركيز في التعليم الوجاهي.

كما ومن الضروري استفادة الهيئات الدراسية من المصادر المصورة والفيديوهات المتوفرة عبر الإنترنت وإدخال أساليب التعلم التفاعلي وذلك بهدف توسيع رقعة التعلم لكيلا تكون محصورة على التلقين بل تشمل تعلم عن أمور حياتية وثقافة عامة ذات علاقة بالموضوع بدل من التركيز على التعلم من جهة واحدة.

إن فكرة امتناع الاهل او تقليل تدخلهم في العملية التعليمية أثناء قيامها سيقلل من الضغط النفسي على الأهل وسيوفر للمعلمين مساحة للتحرك والتنفس بعيدا عن شعورهم المستمر ان الاهل يراقبوا كل كلمة يقولوها.

عن قريب ستنتهي فترة التعلم عن بعد اما بسبب قرار حكومي وهو متوقع للفصل القادم أو بسبب وجود حلول طبية الجائحة ولكن لغاية ذلك الوقت يجب أن يتم الاستفادة من الايجابيات التي توفرها شبكة الإنترنت من مصادر ومواقع عالمية ثرية بالمعلومات والأفكار وعوامل التعليم المساعدة مما سيقدم للطالب فرصة للتعرف على العالم الواسع حولنا.

كلنا امل ان يتعاون الأهل مع رغبات الإدارة التدريسية بأن يثقوا بالمؤسسات التعليمية لمعلمي أبنائهم. فلن تنهار الأمور لو تركتم اطفالكم برعاية معلماتهم ومعلميهم كما يحدث في الأوقات العادية. قد يكون الامر صعبا في البداية ولكن بعد وقت ستتشكل لأبنائكم الثقة بالنفس وهو أمر اهم بكثير من تعلم حصة واحدة أو موضوع واحد محدود.

 

 

 

أضف تعليقك