إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات

تضامن: إجراءات المنع أو الحد من الجرائم المرتكبة بحق النساء والفتيات أكثر إلحاحاً لوقف نزف دماء البريئات
الرابط المختصر

زوج يحرق زوجته بالزيت، وموظف يشوه وجه زميلته في العمل، وماذا بعد؟ ماذا ننتظر أكثر لوقف هذه الجرائم ضد النساء والفتيات. لذا تدعو جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى ضرورة إتخاذ خطوات عملية وفورية للعمل بجدية من أجل إنهاء العنف ضد النساء والفتيات، وعلى الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات النسائية والشباب والرجال ووسائل الإعلام المختلفة مدعويين للعمل معاً لوقف وإنهاء أكثر الإنتهاكات شيوعاً ألا وهي العنف ضد النساء والفتيات.

هذا وتشكل جرائم قتل النساء أخطر وآخر حلقة من سلسلة حلقات العنف المتواصلة ضدهن، وهذه الجرائم نتيجة حتمية لتبعات وآثار مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن. وترتكبت جرائم “قتل النساء والفتيات لكونهن نساء” وهو يختلف تماماً عن جرائم القتل التي ترتكب ضد الأشخاص سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاُ. فجرائم قتل النساء يقصد بها تلك الجرائم المرتكبة عمداً ضدهن كونهن نساء، وكان يشار الى هذه الجرائم قديماً على أنها جرائم “قتل الإناث” أو جرائم “وأد البنات” أو جرائم “القتل الممنهج للإناث”.

وفي الوقت الذي تدخل فيه أسباب إرتكاب تلك الجرائم وإزدياد معدلاتها ضمن نطاق التحليل العلمي المعمق لكل حالة لوحدها من مختلف النواحي القانونية، الاجتماعية، الاقتصادية، الصحية والنفسية، فإن التركيز على الإجابة عن السؤال الثاني حول المطلوب لمنع أو الحد من الجرائم المرتكبة بحق النساء والفتيات يبدو أكثر إلحاحاً لوقف نزف دماء البريئات.

وتؤكد “تضامن” مجدداً ضرورة إتخاذ عدداً من الإجراءات وبصورة عاجلة بهدف التصدي لجرائم العنف ضد النساء والفتيات والأطفال وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب وهي كالتالي:

إنشاء مرصد وطني لحالات قتل النساء والفتيات

تطالب “تضامن” بإنشاء مرصد وطني تشترك فيه مؤسسات المجتمع المدني مع الجهات القضائية ممثلة بوزارة العدل والجهات الحكومية الأخرى كوزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام والطب الشرعي ودائرة قاضي القضاة ودائرة الإحصاءات العامة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، بهدف وضع الإستراتيجيات الدقيقة والفعالة لمنع و/أو الحد من هذه الجرائم، وذلك من خلال جمع البيانات المتعلقة بتلك الجرائم ومرتكبيها وأسبابها ودوافعها وعلاقة الجناة بالمجني عليهن وجنسياتهم، ومناطق وأماكن إرتكابها، والأحكام القضائية الصادرة بحق الجناة وتتبع حالاتهم بمراكز الإصلاح والتأهيل، والكشف عن الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات والتي يتم إخفائها بذرائع مختلفة كالإنتحار.

وسيسهم المرصد في إصدار بيانات تفصيلية تجعل من التدابير والإجراءات المتخذه تصب في الإتجاه الصحيح، ويقدم التوصيات لمختلف الجهات ذات العلاقة والتي من شأنها منع و/أو الحد من الجرائم.

عدم قبول التعهد من الأسرة في حال وجود خطورة ولو متدنية على حياة النساء والفتيات

إن عودة النساء والفتيات الى أسرهن بعد توقيع تعهد من أي فرد من الأسرة أو أكثر بعدم تعريضهن للعنف وحمايتهن لن يجدي نفعاً حتى ولو كان مستوى الخطورة على حياتهن متدني جداً. وقد أثبتت التجارب السابقة بأن لا فائدة من هذا التعهد ما دام النساء لا زلن تحت الخطر والعديد منهن فقدن حياتهن تبعاً لذلك، وقد شهدنا في السنوات السابقة مقتل فتاة على يد والدها مباشرة فور توقيعه على التعهد أمام الجهات المختصة.

التوسع في إنشاء دور إيواء النساء المعرضات للخطر

على الرغم من وجود دور إيواء للنساء المعرضات للخطر إلا أن طاقتها الاستيعابية غير كافية ولا تشمل جميع محافظات المملكة، لذا فإن “تضامن” تدعو الى إنشاء المزيد من هذه الدور وتسهيل إجراءات التحاق النساء وأطفالهن والفتيات بها، وتقديم برامج تأهيلية وعلاجية بما فيها النفسية لضمان إعادة إدماجهن في مجتمعاتهن.

تقديم الخدمات للناجيات من العنف وحمايتهن

على الرغم من وجود خدمات إجتماعية ونفسية وصحية للنساء والفتيات المحتمل تعرضهن للعنف أو الناجيات منه، في العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، إلا أن هذه الخدمات خاصة الإيوائية منها لا زالت تشكل عائقاً أمام تقديم الحماية الضرورية والفعالة لهن.

ويزداد الأمر سوءاً مع الأعداد الكبيرة من اللاجئين في الأردن، والحاجة الملحة لوجود مثل هذه الخدمات للاجئات اللاتي يتعرضن لأنواع مختلفة من العنف بالإضافة الى ما تعرضن له أصلاً من صدمات نفسية ومشاكل جسدية وصحية بسبب النزاعات والحروب.

وتعتقد “تضامن” بأن التركيز على تقديم هذه الخدمات للنساء سيكون بمثابة الإجراء الوقائي الحاسم في منع إرتكاب جرائم قتل بحقهن.

رفد المراكز الأمنية بالشرطة النسائية وبأعداد كافية وبناء قدراتهن في مجال العنف ضد النساء

إن القضاء على ثقافة الصمت لدى النساء والفتيات المعنفات المتمثل في عدم إبلاغ الجهات الرسمية عند تعرضهن لأي شكل من أشكال العنف، يرتبط مباشرة بإمكانية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة والتي تدين ضمنياً الضحية، وتستهتر مراجعة النساء للمراكز الأمنية لوحدهن تحت أي سبب كان. وكخطوة أولى يمكن توفير شرطة نسائية في المراكز الأمنية وبناء قدراتهن لإستقبال هذه الحالات وتشخصيها وتوصيفها بالصورة الصحيحة مما يفسح المجال أمام المعنفات من التحدث بحرية ووضوح ودون حياء.

(16) خطوة من شأنها إنهاء العنف ضد النساء والفتيات

وقد حُددت الأمم المتحدة (16) خطوة من شأنها إنهاء العنف ضد النساء والفتيات إذا ما تم العمل بها من كافة الجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية، وهي جمع وتحليل ونشر المعلومات والإحصاءات الوطنية حول العنف ضد النساء، والإستثمار في المساواة بين الجنسين وتمكين النساء بمختلف المجالات، وتعزيز التمكين الإقتصادي للنساء، ورفع الوعي العام وزيادة الحراك الإجتماعي، وتشجيع وإشراك مختلف وسائل الإعلام المرئية والمقروة والمسموعة والإعلام الالكتروني، والعمل مع الفئات الشبابية بإعتبارهم قادة التغيير، وحشد التأييد من قبل الرجال والفتيان، والتبرع المادي للوكالات والهيئات والمنظمات التي تعمل على إنهاء العنف ضد النساء، والحصول على معلومات وموارد دقيقة تكون متاحة للعامة، وتدريب القائمين على تقديم الخدمات للنساء الضحايا / الناجيات من العنف، وضمان الوصول الى كافة الخدمات للنساء والفتيات من الضحايا والناجيات، وإنهاء الحصانة / سياسة الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الجنسية أثناء النزاعات، وتمكين النساء والفتيات من الوصول الى العدالة والحصول على التعويضات المناسبة، وتطوير وتبني خطط عمل وطنية، وإقرار وتطبيق القوانين ذات العلاقة، وأخيراً التصديق على الإتفاقيات الدولية والإقليمية.

وللرجال والفتيان دور هام في القضاء على العنف ضد النساء والفتيات، كما هو الحال دور المجتمع المحلي والمجتمع المدني والمنظمات النسائية الشبابية، وأن للآليات الوطنية للنهوض بالنساء دورين إستراتيجي وتنسيقي هامين، ولمنظومة الأمم المتحدة بما فيها هيئة الأمم المتحدة للمرأة دور في التصدي للعنف والتمييز على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وأهمية جمع البيانات، وعلى أن ثغرات وتحديات كبيرة تحول دون الوفاء بالتعهدات وجسر فجوة التنفيذ في معالجة آفة العنف.

وطالبت الوثيقة الحكومات ومنظمة الأمم المتحدة ووكلاتها والمنظمات الدولية والإقليمية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني بما فيها المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والنقابات العمالية ووسائل الإعلام، وكافة الجهات الفاعلة الى إتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها القضاء على العنف ضد النساء والفتيات.

وبمواحهة العنف الأسري والقضاء عليه كأولوية، وتعزيز التشريعات الوطنية لمعاقبة مرتكبي جرائم القتل الجنساني العنيفة التي تطال النساء والفتيات، وضمان وصولهن الى العدالة دون عوائق ، ومنع التسويات الإلزامية والقسرية للمنازعات بما فيها الوساطة والتوفيق القسريين، وتعديل و / أو إلغاء كافة القوانين والأنظمة والسياسات والممارسات والأعراف التي تميز ضد النساء أو التي يترتب عليها أثر تمييزي. وعلى أولوية التصدي بفعالية أثناء النزاعات المسلحة وحالات ما بعد النزاعات لمنع جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات ، وضمن محاسبة المسؤولين عن قتلهن وتشويههن وإستهدافهن وعن كافة جرائم العنف الجنسي ، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ، وإتخاذ الإجراءات الكفيلة بمشاركة النساء في الإصلاحات السياسية.

وإعطاء الإهتمام اللازم لإحتياجات النساء والفتيات المتضررات من النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية وغيرها من حالات الطوارئ، وضمان إدراج تلك الإحتياجات في الخطط والبرامج الرامية للحد من مخاطر الكوارث، والتصدي للعنف الناجم عن الجرائم المنظمة عبر الوطنية بما في ذلك الإتجار بالبشر وتهريب المخدرات، وإتخاذ تدابير مناسبة للتصدي للعوامل الجذرية والخارجية منها والتي تسهم في الإتجار بالنساء والفتيات.

وإعتماد مجموعة من التدابير التي من شانها التصدي للأسباب الهيكلية والأسباب الكامنة وعوامل الخطر من أجل منع العنف ضد النساء والفتيات ، كحرمانهن من التعليم والمشاركة الإقتصادية والتمييز وعدم المساواة ، وإنتشار القوالب النمطية والفقر وعدم تمكينهن ، وعدم حماية حقوق النساء والفتيات ذوات الإعاقة ، وحرمانهن من الإرث والتملك ، ومن حرية التنقل ، وإنتشار زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري. وأوصت الوثيقة وبشدة على إعتبار تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء من الأولويات عند إعداد أجندة التنمية 2030.

منير إدعيبس – المدير التنفيذي

جمعية معهد تضامن النساء الأردني