مع تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهام منصبه في العشرين من الشهر الحالي، يشهد العالم تحولات اقتصادية تترك أثرا مباشرا على الأسواق المالية وأسعار المعادن الثمينة، مما دفع أسعار الذهب إلى الارتفاع.
ووفقا لتقديرات عالمية، سجلت أسعار الذهب زيادة بنسبة 40% خلال العام ونصف الأخير، مدفوعة بجملة من العوامل، أبرزها قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة والتضخم، الحرب الأوكرانية الروسية، استئناف الصين مشتريات الذهب، تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وتداعيات سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، إلى جانب عوامل أخرى مؤثرة.
وفي سياق ذلك، استقرت أسعار الذهب اليوم الثلاثاء، فيما يترقب المستثمرون اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لمعرفة مدى تأثير سياسات الرئيس ترامب على توجهاته.
ضبابية في سياسة البنك الفيدرالي
نقيب الحلي والمجوهرات ربحي علان يوضح لـ "عمان نت"، أن تولي إدارة أمريكية جديدة، إلى جانب سياسات البنك الفيدرالي الأمريكي، يحدث تأثيرات اقتصادية على المستوى الدولي، خاصة فيما يتعلق بالدول الحليفة للولايات المتحدة، مشيرا إلى أن قرارات تعليق المساعدات لمدة تسعين يوما عن دول عدة تأتي في إطار اعتبارات جيوسياسية وجيو اقتصادية.
ويرى علان أن حالة عدم اليقين والضبابية بشأن سياسة البنك الفيدرالي الأمريكي، خصوصا فيما يتعلق برفع أو خفض أسعار الفائدة، تدفع المستثمرين للجوء إلى الذهب كملاذ آمن، مضيفا أن اجتماع البنك الفيدرالي يوم غد الأربعاء سيحدد إمكانية رفع الفائدة أو خفضها أو الإبقاء عليها كما هي، في ظل معدلات التضخم التي لم تظهر حتى الآن مؤشرات واضحة على التراجع.
ويؤكد أن سياسات البنك الفيدرالي تعتبر العامل الرئيسي في تحديد أسعار الذهب عالميا، كما أن العلاقة العكسية بين الذهب والدولار تجعل قرارات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة ذات تأثير كبير، فعندما يرتفع الدولار، تنخفض قيمة الذهب، والعكس صحيح.
تشهد أسعار الذهب حاليا ارتفاعات قياسية، حيث وصلت إلى أعلى مستوياتها تاريخيا، مما انعكس على الأسعار محليا، بحسب علان الذي يتوقع أن البنك الفيدرالي قد يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع الأربعاء، في أول توقف لدورة خفض الفائدة التي بدأت في شهر أيلول الماضي، ومع ذلك، قد تؤثر تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي دعا إلى خفض تكاليف الاقتراض، على قرارات البنك.
في السياق ذاته، قال تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى "كيه.سي.إم تريد"، إنه إذا أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى احتمال خفض الفائدة في الأشهر المقبلة، فقد يؤدي ذلك إلى الضغط على عوائد سندات الخزانة ودعم أسعار الذهب، مضيفا أن مستوى 2800 دولار للذهب يعد هدفا ممكنا على المدى القريب.
استبعاد انخفاض أسعار الذهب
انخفضت أسعار الذهب في المملكة اليوم الثلاثاء، بمعدل 20 قرشا للغرام الواحد، وفقا للتسعيرة الصادرة عن نقابة تجار الحلي والمجوهرات، حيث بلغ سعر بيع غرام الذهب من عيار 21 إلى 55.4 دينارا بدلا من 55.6 دينارا.
يتوقع علان، أن أسعار الذهب قد تشهد بعض التعديلات البسيطة عبر عمليات تصحيح طفيفة بانخفاض محدود، إلا أن الانخفاضات الكبيرة التي توقعها بعض المراقبين مع قدوم الرئيس ترامب تبدو بعيدة المنال، معتقدا أن أسعار الذهب ستشهد إما استقرارا خلال عام 2025 أو تسجيل أرقام قياسية جديدة، مدفوعة بسياسات الولايات المتحدة في الأسواق العالمية، دون وجود مؤشرات على انخفاض كبير.
ويضيف أن الأحداث السياسية الأخيرة، مثل وقف إطلاق النار في غزة وتهدئة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، لم تؤثر على أسعار الذهب كما كان متوقعا، مشيرا إلى أنه على الرغم من التوقعات بانخفاض بسيط في الأسعار نتيجة هذه الأحداث، إلا أن الذهب واصل تسجيل مستويات مرتفعة، إذ بلغ سعر الأونصة اليوم 2770 دولارا، وهو قريب جدا من الرقم التاريخي المسجل عند 2780 دولارا.
أما محليا، فيؤكد علان أن الطلب على الذهب في الأردن مستمر بغض النظر عن الأسعار، إلا أن الكميات المشتراة انخفضت بسبب ارتفاع الأسعار، موضحا أن الذهب شهد ارتفاعا بنسبة 40% خلال 15 شهرا، مما أثر على الكميات المشتراة، رغم أن المقبلين على الزواج أو من يحتاجون للذهب سيستمرون بشرائه مهما كانت الأسعار.
في نهاية عام 1925، كان سعر أونصة الذهب 20.63 دولارا، بينما بلغ سعرها في نهاية عام 2020، حوالي 1893.66 دولارا، مما يحقق المعدن الثمين عائدا مركبا بنسبة 4.87% سنويا، على مدار 95 عاما.
كما اختتمت أسعار الذهب عام 2023 عند مستوى قريب من 2063 دولارا، بعد أن بلغت مستوى قياسي عند 2100 خلال شهر كانون الأول من العام الماضي.