
إعلاميون: أخطاء إعلامية خلال زيارة الملك دروس لتعزيز جاهزية الإعلام لمواكبة المستجدات

بعد لقاء الملك عبدالله الثاني بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أثار هذا الحدث جدلا واسعا محليا ودوليا، خاصة بعد وقوع بعض وسائل الإعلام في أخطاء ترجمة تصريحات الملك، مما أثيرت العديد من التساؤلات حول مدى جاهزية الإعلام الأردني للتعامل مع مثل هذه الحالات، وسط مطالبات بضرورة تعزيز قدراته لمواكبة المستجدات السياسية والإعلامية.
هذه الأخطاء كشفت عن تحديات حقيقية تواجه الإعلام الأردني، خاصة في التعامل مع القضايا السياسية الحساسة، حيث أدى تحريف بعض التصريحات أو اجتزاؤها إلى نقل صورة غير دقيقة عن موقف الأردن من القضية الفلسطينية.
كما ساهمت الترجمات غير الدقيقة والتأويلات الخاطئة في تقديم سرد مشوش للموقف الرسمي الأردني، في حين أدى التسرع في النشر دون التحقق من المصادر الرسمية إلى تفاقم الجدل حول نتائج اللقاء.
مع تصاعد التحديات الإعلامية، برزت مطالبات بتطوير دور الإعلام الوطني ليكون أكثر تأثيرا في نقل الرواية الأردنية بوضوح ودقة، وتعزيز قدرته على مواجهة الأخبار المضللة، باعتباره لاعبا رئيسيا في تشكيل الرأي العام، خاصة في القضايا الوطنية الحساسة.
وتعليقا على كيفية تعامل الأردن مع وسائل الإعلام التي أخطأت في ترجمة تصريحات الملك، صرح وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الدكتور محمد المومني، إنه في إطار سعي المملكة لتعزيز الشفافية ومواجهة حملات التضليل، اعتمدت المملكة على استراتيجية متعددة الأوجه لتوضيح مواقفها والدفاع عنها.
فعلى الصعيد الداخلي، يوضح المومني أنه يتم تطبيق القوانين لمحاسبة أصحاب المنصات الإعلامية المحلية التي تعمدت نشر معلومات مضللة بهذا الخصوص.
وعلى الصعيد الخارجي، يؤكد أنه يوجد تحديات قانونية نواجهها في بعض الدول لمحاسبة المنصات الإعلامية التي تعمل فيها، والتي نشرت معلومات مضللة بخصوص الموقف الأردني تجاه موضوع تهجير الأهل في غزة، لذلك عمل الأردن على توضيح مواقفه الرافض لموضوع التهجير، وتوفير المعلومات الدقيقة لوسائل الإعلام العالمية، بهدف دحض الادعاءات الكاذبة، وتعزيز الفهم الصحيح للموقف الأردني تجاه موضوع التهجير.
دور الإعلام لمواجهة التحديات
يشير عضو مجلس نقابة الصحفيين خالد القضاة، في حديثه لـ "عمان نت"، إلى أن الإعلام الأردني لم يكن مسيطرا على المشهد الإعلامي خلال زيارة الملك لواشنطن، بل كان في موقع المتلقي، مما أدى إلى صعوبات في تقديم رواية واضحة ودقيقة، موضحا أن الأخطاء في الترجمة والتغطية الإعلامية الأجنبية، كما حدث مع وكالة "رويترز"، أسهمت في تشويش نقل الأخبار وإحداث ارتباك في اللحظات الأولى بعد اللقاء.
ويضيف القضاة أن الإعلام الأردني لم يكن في موقع البث المباشر، ولم يكن الصحفيون الأردنيون أصحاب الكاميرات أو الترجمة، مما جعلهم مجرد متلقين للأخبار والمعلومات كما وردت من المصادر الأجنبية، بكل ما تضمنته من أخطاء في الترجمة والتغطية، هذا الوضع برأيه، يعكس مشكلة حقيقية تتعلق بضعف التحكم في السرد الإعلامي.
ويؤكد أن المؤسسات الإعلامية الأردنية بذلت جهدا كبيرا لاحقا لإعادة تصحيح المغالطات وتوجيه البوصلة الإعلامية، مشيرا إلى أن غياب الحضور الإعلامي الأردني دفع المواطنين إلى الاعتماد على وسائل إعلام عربية ودولية لمتابعة أخبار بلادهم، وهو ما يعتبره خللا ينبغي معالجته.
كما يشير القضاة إلى أن نشر الأخبار الخاطئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتم بسرعة كبيرة، مما يجعل من الضروري الرد الفوري وتصحيح المعلومات قبل أن تتفاقم الشائعات موضحا أن التعامل مع انتشار المعلومات المغلوطة أصعب بكثير من تصحيحها، خاصة في ظل انتشار "الذباب الإلكتروني" وتأثيره المتزايد على الفضاء الرقمي.
ويؤكد على أهمية حضور الصحفيين الأردنيين في مثل هذه الأحداث وطرح الأسئلة لحجز دور إعلامي فاعل، يحمي المصالح الوطنية ويعزز الرواية الأردنية، مشيرا إلى أن معظم الأسئلة خلال اللقاء وجهت إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نظرا لأسلوبه الاستعراضي وردود أفعاله غير المتوقعة، مما جعله مادة إعلامية جذابة، ويرى أن الصحفي الأردني، بطرحه للأسئلة، لا يضمن فقط تمثيل بلاده، بل يساهم أيضا في تشكيل المشهد الإعلامي وعدم ترك الساحة خالية أمام الإعلام الدولي.
رسالة ترامب للشعب الأردني
وبعد موجة الغضب الشعبية على ما أثير من حملات تضليل ونشر المعلومات المغلوطة حول موقف الملك من ملف التهجير، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسالة مباشرة إلى الشعب الأردني بعد لقائه مع الملك، مشيدا بذكائهم وحيويتهم، ومؤكدا على متانة العلاقات بين البلدين.
من جانبه، وصف المدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي، داود كتاب، اللقاء بين الملك وترامب بأنه كان صعبا، نظرا لأن الأردن، حكومة وشعبا وقيادة، يرفض خطة ترامب، في حين أن الولايات المتحدة تعد حليفا استراتيجيا مهما للأردن، موضحا أن الملك حاول الموازنة بين الموقفين، متجنبا أي مواجهة علنية.
ويضيف كتاب أنه كان هناك اتفاق مسبق على عدم عقد مؤتمر صحفي لتفادي أي إحراج للجانبين، لكن الأمر خرج عن السيطرة عندما تحول التصوير البروتوكولي إلى مؤتمر صحفي غير مخطط له، مما وضع الملك في موقف غير مريح، مشيرا إلى أن لغة جسد الملك أظهرت عدم ارتياحه، وأنه شعر بالغضب لاحقا، خاصة أنه لم يكن يريد أن يعارض ترامب علنا، لكنه في الوقت ذاته كان ملتزما بالتعبير عن الموقف العربي والفلسطيني والأردني الرافض للخطة.
وبين كتاب أن الملك سعى إلى تقليص مدة الحديث وتجنب الدخول في مواجهة مباشرة، مشددا على ضرورة انتظار موقف الجامعة العربية ومصر قبل تقديم أي رد رسمي، إلا أن الخطأ الدبلوماسي الذي وقع من جانب ترامب أدى إلى إحراج الملك، مما استدعى لاحقا تصحيح الموقف جزئيا من خلال تصريحات دعم من ترامب تجاه الملك، ورغم ذلك، لم يكن الشارع الأردني مرتاحا لموقف ترامب، كما ساهمت بعض وسائل الإعلام العربية في خلق مزيد من الالتباس من خلال ترجمات غير دقيقة لتصريحات الملك.
وفي هذا السياق، أشار رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي إلى أن الاستقبال الشعبي الحاشد للملك في المطار كان رسالة واضحة للولايات المتحدة وإسرائيل، تؤكد وحدة الموقف الأردني في رفض أي محاولات تهجير، ودعم الملك في موقفه الثابت.
وأكد أن جميع أطياف المجتمع الأردني، من حكومة ومعارضة وأحزاب، بما فيها الإخوان المسلمون، أجمعت على رفض الخطة، مشددا على أن التعبير عن هذا الموقف أمام العالم كان ضروريا.