أين دور الكنيسة القيادي في التوعية ضد خرق أوامر الدفاع؟

الرابط المختصر

اتصل بي أحد نشطاء الكنيسة اللاتينية (وهو ليس كاهنا) وكان  منزعجا لحادثة رسامة أحد أعضاء الكنيسة (الرسامة هي تفرغ المؤمن الكامل للعمل الكهنوتي) والتي جرت مؤخرا في عمان والتي أدت الى إصابات واسعة بسبب عدم الالتزام بالشروط  الصحية.  

 

اقترحت عليه كتابة مقال فكان الرد سلبيا حيث قال لي انه يتخوف من ردة فعل الكنيسة التي ينتمي إليها والتي "لا ترحم" حسب قوله.

 

قررت أن أبحث عما جرى لعلني أستطيع أن أفهم أكثر عن هذه الحادثة التي أدت الى إصابة عشرات رجال الدين ومنهم البطريرك السابق فؤاد الطوال ومطران الأردن لدى طائفة اللاتين وليم الشوملي وآخرين من خوارنة وراهبات وأعضاء الكنيسة اللاتينية.

 

لم يكن صعبا إيجاد تصوير فيديو  للصلاة الرسامة المذكورة والتي جرت في 2-12-2020 للشماس وجدي معين الطوال في كنيسة الراعي الصالح للاتين في عمان. وجدت تسجيل كامل للمناسبة من قبل تلفزيون نورسات منشورة على الانترنت ويمكن مراقبتها هنا.

 

لقد أدار مراسيم الرسامة الكهنوتية البطريرك المتقاعد فؤاد الطوال وشاركة آخرون. ورغم ان البطريرك يبلغ من العمر 80 عاماً  إلا انه قام بكافة المراسم بدون أن يرتدي هو وآخرين الكمامة الواقية رغم انهم كانوا في تقارب شديد مع الكل.  

 

 

الغريب أيضا انه لم يكن يرتدي أي كمامة صاحب الرسامة الشماس وجدي معين الطوال او جوقة الترتيل كلها التي كانت تشارك المراسم في قاعة كنيسة مغلقة ولم تكن أي منهن ترتدي الكمامات. ورغم ان عدد من الحضور والكهنة كانوا يرتدون كمامات ولكن البعض لم يتم وضعها في مكانها أي أنها لم تكن ذات فائدة. 

 

عدد الحضور من رجال دين وأقارب وأصدقاء وأخرين كان كبيراً ربما مئة شخص ولم يكن هناك أي تباعد يذكر في قاعة كنيسة مغلقة. ورغم كلمة البطريرك التي شكي خلالها من الشروط الصعبة التي فرضتها الجهات الصحية فيما يخص عدد الحضور والتباعد وغيرها  إلا ان مخالفة تلك الشروط  منه ومن اخرين كانت واضحة للعيان.  ليس هذا فحسب بل تم نشر صور على وسائل التواصل الاجتماعي العناق والمصافحة وكلها لأشخاص – ومنهم البطريرك المتقاعد والكاهن المرسوم- بدون كمامات.

 

بعد مشاهدة الفيديو استفسرت عن حالة الحضور وعلمت انه فعلا تم الإصابة بالوباء عدد كبير ومنهم  المطران وليم الشوملي البطريرك المتقاعد طوال نفسه والذي وصل وضعه الى حالة حرجة - بحسب مقربين له - إلا أن حالته الان- والحمد لله – قد استقرت .

 

إن ما حدث خرق واضح لتعليمات الدولة الأردنية وأوامر الدفاع فيما يتعلق بالبرتوكول الصحي للتجمعات العامة. ورغم صلواتنا للشفاء العاجل للجميع إلا انه ينبغي ان نقول كلمة حق وان نقدم الانتقاد البناء لكل من كان له علاقة في هذا الحدث ونتسأل من هي الجهة المخولة في إنفاذ القانون وهل هناك جهات او أطراف فوق القانون وأين دور الكنيسة التوعوي والقيادي.

 

قبل أيام توفيت والدتي في الولايات المتحدة وكان بودي أن نفتح بيت عزاء او على الاقل نستقبل المعزين في بيتنا ولكنني وعائلتي التزمنا بأوامر الدفاع ولم نستقبل أحد. وقبل شهر صادف العيد العشرون لمؤسستنا والتي كنا نرغب أن نقيم احتفال عام بصورة تليق بالمناسبة ولم نقم أي احتفال. وقبل أسابيع حرمنا من عقد البازار السنوي الذي نعقده سنوياً بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان لنفس السبب الصحي.

من مراسم الرسامة

 

في الاشهر الماضية عانت عشرات الآلاف من العائلات في الاردن بسبب قرار منع التعليم الوجاهي. فالأمر ليس محصورا بطائفة او جماعة معينة بل الحذر من التجمعات العامة مفروض على الجميع وسيطبق نفس الأمر في الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد والسنة الجديدة كما تم في أعياد الفطر والأضحى. في كافة المواطنين والمؤسسات الدينية والاجتماعية والأهلية والتجارية مجبرة على تطبيق الأوامر الصحية.

 

لا شك أن حفل الرسامة مناسبة عائلية وكنسية ومجتمعية مهمة ومن المتفاهم عليه رغبة الأهل والأصدقاء المشاركة ونحن نضم صوتنا للمباركة للكاهن الجديد، ولكن الظرف الصحي هو الذي فرض التشدد على الجميع ولمصلحتهم.

إن  رئاسة الكنيسة اللاتينية ومن قرر خرق أوامر الدفاع قام بتصرف خاطئ والمطلوب منهم  ومن البطريرك الجديد في القدس إجراء جرد صادق لما حدث. وبعد التحقق مما جرى يجب محاسبة المسؤول والإعلان عن ذلك والاعتذار للجمهور وأبناء وبنات الرعية الحضور والاهم من كل ذلك ضرورة وضع آليات صارمة لمنع تكراره.

 

من المعروف ان دور الاعلام هو ان يسلط الضوء على المخالفات ليس بهدف تدمير او الضرر لهذه المؤسسة العريقة والمهمة او غيرها، ولكن لضمان الصحة العامة للجميع وتأكيد مبدأ سيادة القانون والمساواة في الحقوق والواجبات.

 

الصور التي ننشرها هنا لم يتم التقاطها سراً بل هي معروضة على مواقع رسمية مسجلة ومعترف بها. قيامنا بنشر صور من الرسامة والتي تدل على المخالفة الصريحة للقانون والتعليمات هدفه ليس فضح أمر شخصي بل محاولة صادقة لمعالجة خطأ عام.

لقد تعهد رؤساء الكنائس أنفسهم وقاموا بتقديم تعليماتهم للكنائس التي تقع ضمن مسؤولياتهم باتباع أوامر الدفاع.

 

كما أخذ مجلس الكنائس على عاتقه نقل القرارات الحكومية لبعض الكنائس التي تم إدراجها في ملحق قانون الطوائف المسيحية ولكن المجلس لم يقوم بمتابعة تطبيق القانون فليس للمجلس الصلاحيات لمحاسبة المخالفين.

 

قد يسأل البعض من المسؤول عن متابعة ومحاسبة ما جرى في 2-12 في كنيسة الراعي الصالح في عمان ومن الذي يضمن عدم تكرار هذا الخطأ ؟ ولكن السؤال الأكثر أهمية اين دور الكنيسة الروحي والأخلاقي في توعية المواطنين؟ اننا نتوقع من كافة قياداتنا الروحية والسياسية أن يكونوا القدوة لباقي الناس. فهل فقد بعض قادتنا الروحيين هذا الدور؟.