أن تكون مع الناس في حافلة!

الرابط المختصر

إذا أردت ركوب الحافلة، فأنت مع الجماعة، وإذا أردت ركوب سيارة عمومية أو سيارتك الخاصة، فأنت مع الفرد..وإذا كنت من مناصري ركوب الحافلة، فأنت تساهم في التخفيف من الازدحامات المرورية وتكلفة الفاتورة النفطية على حكومتك الموقرة، وأيضا من نسب التلوث الناجمة عن أعداد السيارات المنبعث منها الدخان..

أما إذا كنت من مناصري السيارة الصغيرة (عمومية كانت أم خصوصية) فأنت تساهم في الازدحامات والتلوث وتحّمل دولتك أموال ضخمة تضاف إلى فاتورتها النفطية..

جدل الركوب
ولكن؛ الحافلة تتأخر كثيرا وتقف لكل راكب ولا يوجد مكان مخصص تسير عليه، وأوقات انطلاقها غير منضبطة..وهذا الحال يثني الكثير من الأردنيين بجعل الحافلة وسيلة نقلهم المفضلة..


"الحافلة بطيئة جداً، وغير منتظمة في مواعيد انطلاقها ووصولها، ناهيك عن عدم وجود أماكن مخصصة لها مثل مواقف ومسارات في الطرقات"..تقول إحدى السيدات الواقفات في مجمع العبدلي وكانت تنتظر سيارة سرفيس –رغم وجود حافلة ركوب متوسطة تنتظر ركابا لتقلهم إلى محافظة إربد.

سنويا، تزداد أعداد السيارات الداخلة إلى المملكة، بمعدل نصف مليون سيارة – بحسب مصادر حكومية- وهذا العدد من السيارات ما هو إلا مؤشر خطير على واقع مروري يعاني الأمرين، "فالطرقات قديمة غير مؤهلة وشبكة النقل غير سليمة والجهات الحكومية المعنية بالنقل غير قادرة على إدارة النقل بالشكل الذي يجب"..

لماذا يركب الناس الحافلة؟
أن تكون مع الناس في حافلة..لهو أمر في غاية المتعة والجمال، تقول سيدة أربعينية تهوى الركوب في الحافلات لأنها كما تشرح "أهوى الأحاديث الجانبية" وهذا الهامش متاح لي في الحافلة فقط.

أما بالنسبة لفتاة جامعية "فالحافلة أمر غير ممكن تحمله" لأنه يضطرها إلى التغيب عن المحاضرات الجامعية..ولكنها مضطرة أن تركبه "لأني مجبرة ماديا ولأن طريق الجامعة مليء بالحافلات"..

وفتاة أخرى لا تركب الحافلات ولا يستهويها الركوب الجماعي أبدا، "لا يمكنني أن أصعد الحافلة أبدا، فهي قد تؤخرني عن العمل..لا بل إذا كنت مضطرة أن أصعد فيها سوف أستقيل من عملي، لذلك أحمد الله أن زوجي يوصلني إلى العمل".


شاب آخر، يرى في الحافلة "الوسيلة الأهم" له ولمن يشاركوه في ظروفه، "أقطن خارج العاصمة عمان" ويروي تجارب في حياته اليومية: "أنا واحدا من الناس الذين يمتلكون سيارة، ولكن لا أذهب بها إِلى عمان، اختصارا لتكلفة البنزين وتخفيفا من الأعباء النفسية جراء الازدحامات المرورية وبالتالي الحوادث المتوقعة، لذلك أراه وسيلة نقل مهمة وأساسية لي ولعدد من الأصدقاء".

"ساكنو عمان، يحبون الحافلة، ونصفهم لا يركبها، والنصف الآخر مضطر لها"..ويعتبر أحد سائقي الكوستر، أن الحافلة هي وسيلة النقل الوحيدة التي يجب أن تبقى الوحيدة كوسيلة نقل أساسية، "أدعو الهيئة إلى تعزيز الخطوط وخاصة خارج عمان بزيادتها".

إذا كانت الهيئة تتوجه إلى زيادة السعة المقعدية من خلال زيادة عدد حافلاتها، فإن أمانة عمان الكبرى تنوي الدخول في هذا القطاع عبر توليها تنظيم وتشغيل النقل العام في عمان، وتسيير حافلات على 14 خطا في العاصمة. ويقول مستشار الأمانة، والذي تولى دفة اتفاقات الأمانة مع الهيئة والضمان لتولى إدارة الحافلات، رمزي المعايطة، "الأمانة يجب أن تكون شريكا في قطاع النقل العام، ولذلك تأتي خطوتنا من باب تنفيذ المخطط الشمولي للعاصمة".

وتسعى الأمانة إلى تعزيز النقل الجماعي عبر "شراكة" تتلخص بطرح حافلات في شوارع العاصمة، ويضيف المعايطة حول مسؤولية الأمانة "همنا هو إيجاد نقاط انطلاق وعودة للحافلات بطرق منتظمة وضمن أنظمة ذكية".لكن السؤال حول مدى دراستها لواقع النقل في الأردن؟

يقول المعايطة "هناك تنسيق عالي المستوى مع هيئة تنظيم قطاع النقل لأجل تبادل الخبرات ومعرفة مواطن الخلل لأجل المساهمة في حلها"..

ورغم قناعة الأمانة "بواقع النقل العام" في المملكة، إلا أنها تبدو متفائلة من خوض الغمار في قطاع النقل، ويعول أمينها عمر المعاني على "تجارب الدول المتقدمة والعصرية" لكنها وإن دخلت في هذا القطاع فلن يكون "الحدث" في تاريخها لأن الحكومات المحلية في كل الدول تساهم وتكون الشريك في عملية النقل..


بذلك، يرى المعايطة أنه "من الضروري أن تساهم الأمانة في تطوير عملية النقل وإيجاد شبكة نقل متطورة في العاصمة للتخفيف من استخدام السيارات الخاصة بشكل كبير وتسهيل حركة المواطن".

طارق الطراونة، أستاذ في الهندسة المدنية، ومستشار في وزارة النقل، يرى أن النقل في الأردن يحتاج إلى نقلة نوعية، ويقول: "علينا أن تحرر من النظرة السائدة في مجتمعنا الأردني أن النقل العام للطبقات المحتاجة والمتوسطة، وأن نصبح مثل الدول الأخرى حيث النقل العام متاح لجميع الطبقات العليا والدنيا".

أضف تعليقك