"أسطوانة مملكة فلسطين الهاشمية": لا فلسطينية ولا غيره

كسواها من الأسطوانات المشروخة، ما عاد مزعجا، بل صار مسليا محاولات متعهدي الحلول الافتراضية أو لعلها الرغائبية، دس ما عرف يوما بالحل الإسرائيلي أو الخيار الأردني لتسوية القضية الفلسطينية.

من الآخر كما يقال، لن تكون مملكة هاشمية فلسطينية ولا غيره. هكذا فهم "الداخل والخارج" لاءات عبدالله الثاني الثلاث: لا للوطن البديل، لا للتوطين ولا لإقامة أي شكل من أشكال الوحدة مع غربي نهر الأردن ما لم تقم دولة فلسطينية مكتملة السيادة مترابطة التراب الوطني وعاصمتها القدس الشرقية. الكلام خلص ومنذ سنين خلت، فعلام يتشاطر في الإعلام بعض الشطّار؟

دون ذكر اسم أي قلم أو مضيفه أو راعيه، نتساءل سؤال العارفين، هل المقصود إعادة طرح الفكرة ذاتها التي يعلم عقلاء اليمين واليسار في إسرائيل إنها غير قابلة للتطبيق بصرف النظر عن الإجماع على رفضها وبخاصة فلسطينيا وأردنيا. ولناشري الفكرة -معادة التعليب والتسويق- عربيا وإنجليزيا، ثمة رد مختصر بحرفين: (إن إيه) "إن أبليكابيل" بالأمريكاني الفصيح. فرغم الانقسام الحاد غير المسبوق بين الحزبين الجمهوري والأمريكي وتعددية أجنحة كلا الحزبين، ثمة إجماع فيما يخص هذه القضية، إجماع على أمن إسرائيل وأمن الأردن، كلاهما خط أحمر للحزبين والأهم للدولة العميقة في أمريكا. حتى الانقسام، شرقا وغربا بين حدثين مزلزلين كأوكرانيا وتايوان، ثمة إجماع أمريكي أوروبي روسي صيني على أمن هذين البلدين، اللذين لم يوقعا على اتفاق سلام إلا بعد توقيع "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" وفقا لقمة الرباط العربية عام 1974 لاتفاق سلام رعته إدارة ديمقراطية "بيل كلينتون" بناء على ما أرسى قواعده عراب سلام الشرق الأوسط الرئيس عن الحزب الديموقراطي "جيمي كارتر".

والناظر لا المتشاطر في كل ما خص ترتيبات الحكم الذاتي واللاجئين والحدود عبر جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة يعلم أن واشنطن وبمعيتها معظم الدول العربية وبخاصة دول الخليج العربية، لم تضغط لا على الأردن ولا على إسرائيل، فيما يخص القضية الأكثر حساسية من سائر ما عرفت بقضايا الحل النهائي وهي "القنبلة الديموغرافية" التي أول من حذر منها رئيسة وزراء إسرائيل التاريخية غولدا مائير.

كرة النار التي يظنها البعض مجرد كرة ثلجية يذيبها النسيان الجمعي و(الهذيان السياسي)، لن تقبل أي دولة وليس فقط الأردن أن تلقى في حضنها باسم الاحتضان الأخوي. وببراءة كتبة الترويج لهذه الحلول المشبوهة، نتساءل – ومرة أخرى تساؤل العارفين – هل المسألة تقتصر على الوتر الطائفي؟ سنّة بسنّة؟ ماذا عن المسيحيين واليهود الفلسطينيين وعرب إسرائيل؟ ماذا عن ثقافة التنظيمات والفصائل التي فيها ما يحرك "المواجع والمخاوف" لدى كل مؤمن بأردن تمكن من قطع دابر من حاولوا قلب نظام الحكم فيه عبر شعار "التحرير من الشرق" و"لا سلطة فوق المقاومة". حتى لو قزّمنا الموضوع لمسألة حقوق الإقامة والعمل والتنقّل، ماذا تقول لفلسطيني أو لبناني يرعاه "كفيل" عن بلاد تمنح المقيم فيها بعد 5 سنوات الجنسية بكامل حقوقها عدا رئاسة البلاد (أمريكا)؟ كم تحملت منصات بعض تلك الأقلام من استقبال لاجئي "الربيع العربي" ومن قبله "الجهاد الإسلامي في أفغانستان"؟

كأمريكي ومن قبل كأردني، لا أسمح لنفسي حتى لغايات البحث الأكاديمي أن أطرح في واشنطن على أصدقائي من الحزبين، مثلا فكرة إعادة إحياء المملكة الهاشمية المتحدة بين الأردن والعراق قبل مجزرة قصر الرحاب الآثمة. فما بالك لو تحذلق مريب مسيء للعلاقات العربية-العربية وطرح مشروع فيصل الأول ملك العرب أو فاوض سرا وريثة بريطانيا، الولايات المتحدة على الوفاء بالعهود الواردة في مراسلات الحسين-مكماهون وعاد ملك العرب للهواشم في المشرق العربي وشمال المملكة العربية السعودية الشقيقة التي لن تهز شخابيط قلم هنا وهناك صورة أحبها الأردنيون والسعوديون خلال زيارة ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان للأردن واستقباله للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في قمة جدة العربية الأمريكية الشهر الماضي.

عاد نتنياهو أو لم يعد، عاد ترامب أو أجبر على الانسحاب، لن يرى الجادون في عالم الأمن والسياسة في تلك المقالات سوى "شخبط شخابيط"

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية،.

عن موقع سي ان ان العرب

بشار جرار

باحث متخصص في قضايا محاربة الإرهاب وتعزيز حوار الأديان

أضف تعليقك