أسرار الباقورة والغمر

الرابط المختصر

شهدت عملية التفاوض على إنهاء اتفاقية الانتفاع من الباقورة والغمر لخمسة وعشرين عاما، تفاصيل سرية عدة، سوف تتسرب إلى العلن في بحر يومين.



قرار الأردن المقدر شعبياً بإنهاء الاتفاقية مع إسرائيل، تم اتخاذه منذ نهايات شهر نيسان تقريبا من العام الماضي، ولم يكن قبيل شهور من إنهاء الاتفاقية، وهذا يعني أن عدة عوامل لعبت دورا في هذا القرار، لم تكن مرتبطة بما يظنه كثيرون، حول صفقة القرن، وغير ذلك، ويمكن العودة الى أجندة ربيع العام الماضي وصيفه لمعرفة الأرضية التي هيأت لهذا القرار.



الملف المهم الذي سيتم الإعلان عنه بشكل واضح، يرتبط بالأرض التي تمت زراعتها في منطقة الغمر من جانب الإسرائيليين، والسر الذي يماط اللثام عنه هنا، ان الأرض وبرغم انها عادت تحت السيادة الأردنية، إلا أن تل أبيب الرسمية احتجت بشدة بسبب وجود محاصيل تم زراعتها خلال الشهور الفائتة من جانب مزارعيها، ولا يريد الإسرائيليون خسارتها، وقد سمح الأردن هنا للمزارعين الإسرائيليين بحصاد محصولاتهم خلال الفترة المقبلة، شريطة الدخول الى الأردن بتأشيرات زيارة، عبر الجسور، وليس برا وبشكل مباشر إلى الأرض، كما كان الحال، سابقا، ومتابعة العملية حتى تنتهي عملية حصاد المحاصيل، ولا يعود الإسرائيليون بعد ذلك إلى هذه المنطقة، نهائيا، مما يؤشر على أن الإسرائيليين سيظهرون مجددا في المنطقة، لكن ضمن سياقات محددة، ولفترة محدودة أيضا.



إضافة إلى منطقة الغمر، هناك تعقيد آخر في منطقة الباقورة، حيث أبلغ الإسرائيليون الأردن، بوجود ملكيات خاصة ليهود تم شراؤها العام 1926 وتقدر بما يزيد على 800 دونم، وهذه الملكيات تم بيعها قبل عقود، وأكشف هنا سرا أن الإسرائيليين رفضوا عرضا من الأردن لشراء هذه الأرض، بدلا من بقائها ملكية خاصة اليوم للإسرائيليين، وتم التوافق مع الأردن، على ان كل إسرائيلي يثبت بالوثائق ملكيته لقطعة أرض تم شراؤها سابقا، بإمكانه دخول الأردن ضمن القوانين، إلى ملكيته، التي ستبقى له، بعد رفض الإسرائيليين التجاوب مع عرض أردني لشراء الأرض، من أجل إنهاء ملف الملكيات الخاصة اليهودية، هذا فوق أن الأردن استبعد اللجوء إلى خيار استملاك الأرض من هؤلاء، خشية من رد فعل إسرائيلي، يستغل قرارات الاستملاك الأردنية، بقرارات استملاك إسرائيلية ضد أملاك الأردنيين في فلسطين المحتلة، وتحديدا القدس وغيرها.



عملية المفاوضات كانت شاقة، خصوصا أن الإسرائيليين تسلحوا قانونيا، إضافة إلى ما شكله اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة ودول أخرى، من ضغوطات، وقد لا يكون سرا هنا ان إسرائيل بحادثة اعتقال أردنيين اثنين حاولت مرارا المقايضة على الباقورة والغمر، من اجل التخفيف من حدة إنهاء الاتفاقية، او الحصول على مكاسب اكثر، وهذه معلومات مؤكدة هنا، خصوصا ان الأردنيين اللذين اعتقلتهما إسرائيل، اعتقلتهما على أساس عشوائي تعمد تصيد أي هفوة او خطأ من أجل تصنيع قضية ضد الأردن في هذا التوقيت.



كل هذا يعني أن اتفاقية الباقورة والغمر التي ألغيت، تركت خلفها ظلالا ليست سهلة، سواء بقاء مئات الدونمات كملكية ليهود تم بيعها العام 1926 من جانب أصحاب تلك الأرض، وما يزالون يصرون على الاحتفاظ بها حتى يومنا هذا، ويأبون بيعها للأردن، والأردن غير قادر على استملاكها، او وجود محاصيل زراعية لمزارعين إسرائيليين سيعودون مجددا لحصدها.



قرار منع الإسرائيليين من دخول هذه الأرض سوف يستثنى منه، فعليا، كل من يثبت ملكيته الخاصة في الباقورة، فيدخل بتأشيرة مثل أي إسرائيلي يزور الأردن، وأولئك الذين سيأتون من اجل حصاد محاصيلهم، وهذا يعني ان الإسرائيليين الذين تم إخراجهم من الباب سيحاولون العودة عبر الشبابيك، حتى يشاء الله أمرا كان مفعولا.