أبناء المخيمات بين حق المواطنة وفزاعة التوطين

أبناء المخيمات بين حق المواطنة وفزاعة التوطين
الرابط المختصر

دستوريا يحظى اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات بمختلف الحقوق التي يتمتع بها المواطن الأردني ومن ضمنها الحق الكامل في المشاركة في الحياة السياسية والتملك والمنافسة على الوظائف العامة. لكن هل هذا ما يحدث على أرض الواقع؟

وقبل الحديث عن حقوق المواطنة التي يتمتع بها سكان المخيمات تجدر الإشارة للتقسيم التاريخي لوجود اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، حيث يلاحظ ان التواجد الفلسطيني في الأردن خارج عمان والزرقاء ينحصر والى درجة كبيرة في مدن كاربد وجرش وفي المخيمات المحاذية لهذه المدن مثل مخيمات اربد، جرش (مخيم غزة)، مخيم سوف ومخيم الحصن.

وينقسم الوجود الفلسطيني في الأردن الى فئات ثلاثة: الفئة الأولى هي التي انتقلت للعيش في الأردن قبل سنة 1948، وهذه الفئة اندمجت بشكل كامل في المجتمع الأردني. أما الفئة الثانية فهي التي جاءت الى الأردن ما بين عامي 1948-1967، سكن معظم هؤلاء في المدن بينما فئة قليلة منهم سكنت في مخيمات محاذية، هذه الفئة بأغلبيتها الساحقة اندمجت في المجتمع الأردني وكونت لنفسها وضعا اقتصاديا مريحا. أما الفئة الثالثة فهي التي جاءت الى الأردن بعد حرب حزيران 1967، وهذه الفئة بأغلبيتها الساحقة سكنت في المخيمات، وما زالت أوضاعها الأشد بؤسا.

هذه الفئة الأخيرة التي تسكن المخيمات تعاني من سوء البنية التحتية والخدمات المقدمة لها من حيث ضيق الأزقة والشوارع والممرات وانتشار القاذورات والحفر والقنوات التي تتجمع فيها المياه العادمة، بالإضافة لانتشار الشقوق والبالوعات المكشوفة ‏التي تشكل مصدرا للبعوض والذباب والجرذان.

بعض الأصوات خرجت لتربط بين تحسين أوضاع اللاجئين في المخيمات ومشاريع التوطين، إذ يرى أصحاب هذه النظرية- وبعضهم من أبناء المخيمات- ان " على المخيم ان يبقى كما هو حفاظا على رمزيته، ويقول النائب خليل عطية الذي يمثل احد المخيمات في البرلمان. ويقول: "هذا مخيم وفي رأيي المفروض انه يمثل هذه الرمزية وهذا الكيان الذي يدل على ضياع واغتصاب فلسطين يجب ان تبقى الصفة الدولية عليه حتى لا ينسى العالم وحتى لا تهرب هذه الدولة من التزاماتها اتجاه قضية فلسطين، ويجب ان تمارس الحكومة كافة الضغوطات على هيئة الأمم والدولة المانحة لتقديم الدعم لوكالة الغوث".

ويعلق عضو اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة احمد أبو شاور على هذا الموضوع: "نحن لسنا ضد تطوير الخدمات في المخيم وتحسين أوضاع الناس لكن المهم آن يبقى المخيم كما هو ولا يلغى بوصفه شاهدا على المأساة الفلسطينية. واعتقد ان تحسين الخدمات في المخيمات لن يؤثر على حق العودة مع الحفاظ على الاونروا ووظيفتها في مساعدة اللاجئين".

لكن النائب الإسلامي محمد عقل الذي افرزه مخيم البقعة اكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ليكون مندوبهم في البرلمان لا يتفق مع هذا الطرح، ويقول: "المخيمات هي طريق الى الحق العودة ونحن حريصون على دوام هذه المخيمات ودوام الخدمات التي تقدمها وكالة الغوث الدولية كشاهد على القضية الفلسطينية أما بالنسبة لقضية تحسين الخدمات هي لا تتعارض مع قضية حق العودة لان الإنسان الذي يعيش في المخيم هو إنسان في معنى الكلمة وبحاجة الى ان يعيش حياته الطبيعية وان تتوفر له الحدود الدنيا من الحياة لذلك نحن نطال بتحسين حياتهم وخاصة أنهم مواطنون أردنيون والحكومة الأردنية معنية بجميع مواطنيها بغض النظر عن مكان سكناهم".

ويحتل أبناء المخيمات أدنى الطبقات الاجتماعية حسب الترتيب الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في الأردن، حيث يعملون في الأعمال الرخيصة في الإنشاءات والمصانع والأعمال اليومية بسبب ظروف البيئة المحيطة بهم في المخيم من أوضاع اقتصادية سيئة ونظام تعليم يعاني من مشاكل عديدة من أبرزها اكتظاظ الصف الواحد وعدم توفر وسائل تعليمية حديثة، وعلى الرغم من ذلك استطاع بعض أبناء المخيمات الأوفر حظا في التعليم الحصول على شهادات عليا في تخصصات مختلفة، إلا ان حظهم في التعليم لم يكن كحظهم في الوصول للوظائف العليا في الدولة، باستثناء حالة واحدة تتمثل في أمين وزارة التنمية الاجتماعية الذي خرج من مخيم البقعة.

التوطين مره أخرى وراء حرمان أبناء المخيمات من الوظائف العليا، وهذا الأمر يرفضه النائب خليل عطية ويقول " لا يجوز حرمان أبناء المخيمات بحجة التوطين لان أبناء المخيمات أردنيين. الحكومة مقصرة في إنصاف أبناء المخيمات في التعيين في الوظائف العليا وفي الوزارات. وأنا قدمت أكثر من احتجاج وقدمت استقالتي من مجلس النواب على عدم توزير أبناء المخيمات".

أما النائب عقل كان له رأي أخر انطلاقا من خلفيته الإسلامية يقول " نظريا أي مواطن أردني يستطيع ان يحتل أي موقع من مواقع الدولة، فهناك من يشغل موقع أمين عام وزارة. ولكن عمليا لا يوجد تمثيل عادل من هذا الباب، فأحيانا عندما يطرح أبناء المخيمات في الحكومة يطرحون في إطار الأردنيين من أصول فلسطينية أي يتم اعتبار ان أي أردني من أصل فلسطيني يمثل المخيمات. وهذه القضية لها وعليها ونحن، فعليا نقول أننا في قصة المحاصصه لا نميل إليها كإسلاميين نعتبر ان كل إنسان مخلص هو يمثل كل الأردنيين من شتى أصولهم ومنابتهم، نحن مع ان يأخذ كل إنسان مؤهل حقه في المشاركة بمعنى ان لا ارفض شخص لأنه يسكن في البادية أو في القرية أو في المخيم التعليم يجب ان يكون على أساس القدرة في العمل".

ولا ينكر احد وجود تصريحات، أو حتى خطوات فعلية، حول مشاريع توطين لاجئين فلسطينيين في الأردن. ففي عام 53 وحتى 55 كان هناك مشروع شهير عرف باسم مشروع جونسون حينما كان الأميركيون يحاولون أن يوجدوا مجالات عمل لـ 110 آلاف فلسطيني في أغوار الأردن، عبر مشاريع مائية، واعتبروا أن ذلك سيؤدى إلى إسكانهم، وتوطينهم، وخلق مشاريع إنتاجية لهم، بما يلغي وضعهم كفلسطينيين، ويصبحوا مواطنين.

أضف تعليقك