كفالات المنتجات..الشركات هي الخصم والحكم!

عمّان - امال العطاونة – مضمون جديد

عقب مماطلات دامت اسبوعا، قررت شركة بيع الاطارات تعويض فارس الخطيب عن الاطار الذي اشتراه من احد وكلائها وظهر عليه انتفاخ غير طبيعي بعد تسعة اشهر من الاستخدام، ولكن بعد خصم هذه الاشهر من قيمة التعويض بدعوى "بدل استهلاك".

وكما يقول فارس، فان قرار الشركة يعني حصوله على عشرين دينارا فقط من قيمة الاطار الذي اشتراه بستين دينارا مع كفالة مدتها سنة.

ويضيف وهو يبرز بيان كفالة الاطار الذي صيغ بعبارات مقتضبة وفضفاضة "لم اجد في الكفالة اي ذكر لبدل الاستهلاك الذي تتحدث عنه الشركة، وعندما راجعتها في ذلك تذرعت بان هذا البند وارد ضمن انظمتها الداخلية".

ويتابع فارس بغضب "هذا احتيال، فقد كان من المفترض ان تعطيني الشركة اطارا جديدا بدل المعطوب، لا ان تقرر لي تعويضا لا يكاد يغطي ثمن وقود سيارتي خلال تنقلي بين مركزها في عمان ومحل وكيلها في الزرقاء".

وكحال اي شخص يشعر بانه غبن في حقه، فقد هدد الرجل المسؤولين في الشركة باللجوء الى القضاء، فجاءه الرد "ايدك وما تعطي".

وفي المحصلة، خسر فارس الذي يعمل موظفا حكوميا الاطار ولم يلجأ الى القضاء باعتبار ان هذا الخيار كما يقول "غير عملي في ظل التكاليف المالية الكبيرة والمدة الزمنية الطويلة التي يتطلبها الفصل في الدعاوى".
ولا يوجد في الاردن قانون يضبط بوضوح مسالة الكفالة او يلزم الشركات بكفالة منتجاتها.

وبحسب ما يقوله وكيل لعدد من الشركات المتخصصة في بيع مبردات المياه ومستلزماتها، فان "الكفالة ليست سوى احدى ادوات الترويج التي تهدف الى جذب الزبائن واغرائهم بالشراء، ولكنها تكون في كثير من الاحيان وهمية ولا قيمة لها فعليا".

ويوضح الوكيل الذي فضل عدم ذكر اسمه "معظم الكفالات تنص على بند يقول ان الشركة ليست ملزمة باصلاح المنتج في حال اساءة الاستخدام. وهذا البند فضفاض ويسمح للشركات بالتملص من التزاماتها حيال منتجاتها".

ويورد مثالا احد الزبائن الذي قال انه اشترى من عنده جهاز تبريد مرفقا بوحدة تسخين، وعاد اليه في نفس اليوم ليخبره بان وحدة التسخين معطلة.

ويضيف ان "الشركة المسؤولة عن الجهاز لم تعترف بان الخطأ مصنعي، ورفضت اصلاحه الا بعد ان يدفع الزبون ثمن قطع قالت انه يجب استبدالها لانها تعرضت للعطل بسبب اساءة استخدام الجهاز".

ويؤكد الوكيل الذي قال انه قطع علاقته بتلك الشركة اثر هذه الواقعة التي اساءت الى صورته في السوق ان "الزبون اقسم لي انه لم يفعل شيئا سوى ملء المبرد بالماء ثم وصله بالكهرباء. وانا ليس لدي ادنى شك في صدقه".

بنود فضفاضة

ويشكل بند اساءة الاستخدام، معضلة كبيرة لدى المستهلكين، حيث يستلزم ان ترفق الشركات الكفالات بالبنود التي توضح شروط الاستخدام السليم، ولكن هذه الشروط اما ان يكون موجزة بعدد قصير من العبارات، او بصفحات كثيرة مكتوبة بخط صغير وتتطلب قراءتها وقتا وجهدا.

وفي كلتا الحالتين، كما يقول سامر عبد المهدي، وصاحب احد محلات بيع الادوات الكهربائية، فان "الزبون لا تتشكل لديه صورة واضحة حول الطريقة الصحيحة لاستخدام السلعة التي يشتريها".

ويضيف ان "هناك ايضا مشكلة بدأنا نلمسها خلال السنوات القليلة الماضية، وهي ان بعض المنتجات، وبخاصة القادمة من الصين، تاتي مرفقة ببيانات استخدام مترجمة الى العربية بطريقة مثيرة للسخرية وغير مفهومة".

ويلفت عبدالهادي الى ان "بعض بنود الكفالات غير منطقية، ولو دقق الزبون فيها لوجد انها تعكس تدني جودة السلع التي يشتريها، وخصوصا الاجهزة الكهربائية".

ويوضح "تجد في بعض كفالات الاجهزة نصا يقول ان الشركة غير مسؤولة عن الاعطال الناجمة عن تذبذب التيار الكهربائي، وهذا يكشف عن ان هذه الاجهزة مصنوعة من مواد اولية متدنية الجودة وقدرتها على تحمل اعباء التشغيل ضعيفة".

ويؤكد عبدالهادي انه بدأ يلمس مؤخرا تزايدا لم يكن معهودا سابقا في شكاوى الزبائن من اعطال الاجهزة، وتحديدا ذات المنشأ الصيني.

ويقول "صحيح ان الشركات التي اتعامل معها تلتزم الى حد كبير باصلاح الاعطال، ولكن لا يخلو الامر من حالات ترفض فيها ذلك، وحقيقة فان مسار الخلافات التي قد تنشأ بين الشركات والزبائن في هذه المسالة غير عادل، حيث ان الشركة تكون هي الخصم والحكم".

وكما تؤكد مؤسسة المواصفات والمقاييس، فانها تتلقى العديد من شكاوى المستهلكين في ما يتعلق بكفالات المنتجات ولكن لعدم اختصاصها تقوم باحالتها الى الجهات الادارية والقضائية.

وقال مصدر مأذون في المؤسسة "تريد الينا شكاوى عديدة في ما يتعلق بالاجهزة المباعة من الشركات، ويتهم فيها المستهلك الشركات بعدم الالتزام بالكفالة. ونقوم بتحويل هذه الشكاوى الى الحاكم الاداري او القضاء لاتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة".

ونفى المصدر عدم وجود قانون يضبط مثل هذه الشكاوى، قائلا ان "موضوع الكفالة منصوص عليه في القانون المدني الاردني..والقضاء الاردني هو صاحب الصلاحية".

واشار تحديدا الى المواد 90- 95 من القانون المدني، والتي تتعاطى بالمطلق مع مسالة "العقد" القائم على اتفاق بين طرفين او اطراف.

وكان مساعد امين عام وزارة الصناعة والتجارة لشؤون التجارة المهندس حسوني محيلان كشف مؤخرا، عن ان الوزارة تتلقى شهريا بين 40- 50 شكوى تتعلق بقضايا الكفالة والسلع "المعيبة". وقال ان غالبية هذه الشكاوى تتم معالجتها بالتراضي بين الاطراف ذات العلاقة.

قانون غائب

ومن جهتها، فقد اعتبرت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك ان عدم وجود قانون محدد يعالج مسألة الكفالات، فتح المجال لبعض الشركات من اجل ممارسة الاحتيال على المستهلكين.

وقال رئيس الجمعية محمد عبيدات ان "المشكلات التي يواجهها المستهلك في موضوع الكفالات تتمثل في انه لا يوجد في قانون الصناعه والتجارة او المواصفات والمقاييس اي تشريع او نص يحاسب هذه الشركات".

واضاف ان عدم وجود مثل هذه التشريعات يغري بعض الشركات التي "تقوم بمماطلة المستهلك حتى يبدا بالملل او حتى تنتهي مدة الكفاله للجهاز او المنتج".

وقال عبيدات انه "بسبب عدم وجود تشريع معين فان المستهلك لا توجد جهه تحميه ولا خيار امامه الا اللجوء الى القضاء".

وفي هذا السياق، فقد جدد عبيدات مطلب الجمعية "ايجاد أو تأسيس هيئة مستقلة تكون تابعه لرئاسة الوزراء بقانون عصري ونموذجي يعالج كافة الاختلالات والمشاكل التي يعاني منها المستهلك، حتى لا يستطيع التاجر او المصنع او الوكيل التملص من التزاماته تحت طائل تعرضه لغرامات قاسية".

وقد عالج مشروع قانون حماية المستهلك الذي يراوح الادراج منذ سنوات، مسالة الكفالات بشكل واضح، لكنه لم يكتب له ان يرى النور بعد، وذلك لاسباب يقول مراقبون انها تعود الى ضغوط يمارسها التجار المستفيدين من بيئة الاقتصاد السائدة حاليا والتي تميل لصالحهم..
حيث ينص مشروع القانون على ان "يكون المزود ملزماً تجاه المستهلك بحق الضمان وكذلك خدمات ما بعد البيع للسلع التي تقتضي ذلك بموجب القانون أو الاتفاق أو العرف السائد ، ويبقى هذا الحق قائماً عند انتقال الملكية لمستهلك آخر خلال مدة الضمان".

ويلزم المشروع "مقدم الخدمة بضمان الخدمة التي قام بها خلال فترة زمنية تتناسب مع طبيعتها وفي حالة الاخلال بادائها على الوجه الصحيح يجب اعادة المبلغ لمتلقي الخدمة او اعادة الخدمة على الوجه الصحيح".

كما يعطي وزير الصناعة والتجارة، و"بعد التشاور مع الجهات المعنية" صلاحية اصدار تعليمات تحدد "الشروط الخاصة بالضمان وخدمات ما بعد البيع لأي سلعة وذلك حسب طبيعتها". واعتبر مشروع القانون ان كل شرط تعاقدي يقضي بعدم الضمان "يقع باطلا".

الى ذلك، فقد اشار رئيس جمعية حماية المستهلك الى ان "مسالة الاعطال ومن خلال تجاربنا مع هذا الموضوع هي على شقين، الاول اما سوء استعمال من المستهلك نفسه، وفي هذه الحالة تبدأ المشكلات بين الوكيل والمستهلك، واما الشق الثاني فهو العيب المصنعي في الجهاز او المنتج من الشركة الصانعة".

كما انتقد عدم كفاءة أقسام الصيانة في تلك الشركات، حيث يضطر المواطن الى مراجعتها مرارا من دون فائدة، الامر الذي يلحق به خسارة مادية.

ونصح عبيدات المستهلكين ان "ينتبهوا جيدا الى المنتج المراد شراؤه من حيث جودة التصنيع وبلد المنشأ والحصول على كفالة او ضمان بالرقم المتسلسل للجهاز". واشار في هذا السياق الى فهم خاطئ لدى الكثيرين ممن يعتقدون ان الفاتوره هي نفسها الضمان او الكفالة.

أضف تعليقك