زيارة الملك عبد الله إلى واشنطن تركز على الوضع الإنساني في غزة

طغت الأحداث المتصاعدة في الشرق الأوسط على زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن هذا الأسبوع، وخاصة سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح مع مصر. وبينما كان الإجراء الإسرائيلي، الذي يهدد بتصعيد الأزمة الإنسانية في غزة ويختبر العلاقات الإسرائيلية المصرية، يلوح في الأفق، ناقش الملك عبد الله والرئيس جو بايدن التزامهما المشترك بتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة.

ويأتي لقاء الملك عبد الله مع بايدن، الذي يعتبر ”زيارة خاصة“، في الوقت الذي يدق فيه الأردن ودول عربية أخرى، إلى جانب السلطة الفلسطينية، ناقوس الخطر بشأن الهجوم البري الإسرائيلي المتوقع في رفح.

ووفقًا للبيانات الرسمية لكل من الأردن والولايات المتحدة، ركز لقاء الملك عبد الله وبايدن يوم الاثنين على آخر التطورات في غزة، حيث أكد الزعيمان التزامهما بالعمل على إنهاء الأزمة بشكل دائم.

وجاء في بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله ”حذر من تداعيات الهجوم البري الإسرائيلي على رفح، والذي قد يتسبب في امتداد الصراع إقليميًا“. وحذر الملك عبد الله بايدن من أن الهجوم سيؤدي إلى ”مذبحة جديدة“ للمدنيين في غزة، وحث المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات فورية.

وشدد الزعيمان على الحاجة إلى الإفراج الفوري عن الرهائن ووقف إطلاق النار المستدام الذي يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها بأمان عبر غزة.

وذكر كل من الملك عبد الله وبايدن أنهما لا يزالان ملتزمان بتحقيق سلام دائم ومستدام، بما في ذلك مسار إلى دولة فلسطينية بضمانات أمنية لإسرائيل. وأعاد التأكيد على التزامهما المشترك بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بشكل متزايد ومستدام إلى غزة، وشكر بايدن الملك عبد الله على قيادة الأردن وشراكته في مسألة المساعدات الإنسانية.

كما أقرّ الزعيمان ب 75 عامًا من ”الشراكة والصداقة“ بين البلدين، حيث هنأ بايدن الملك عبد الله بالذكرى الخامسة والعشرين لتوليه العرش.

كما ناقش بايدن وعبد الله التوترات المتصاعدة في الضفة الغربية المتاخمة للأردن. ووفقًا للبيان الرسمي الأمريكي حول الاجتماع، تحدث الزعيمان عن ”الأهمية الحاسمة للاستقرار في الضفة الغربية ودعم الإصلاحات التي تنتهجها السلطة الفلسطينية الآن“.

وأشار بايدن إلى قلق إدارته من أن إسرائيل قد تبدأ هجومًا بريًا كبيرًا في غزة، مع إقراره بأن العملية الحالية التي بدأت ليلة الاثنين ”هي عملية محدودة النطاق والحجم والمدة وتهدف إلى قطع قدرة حماس على شحن الأسلحة عبر حدود رفح“. وأكد على أهمية أن تعيد إسرائيل فتح معبر رفح مع مصر في أقرب وقت ممكن من أجل السماح بدخول المساعدات إلى غزة.

وقع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1994 ويشترك في أطول حدود مع إسرائيل والضفة الغربية، مما يضعه في موقع استراتيجي فريد للتأثير على الدول الأخرى.

 

الملك عبد الله هو أكثر الزعماء الذين التقوا بايدن وأثروا في الموقف الأمريكي من الحرب على غزة.

قال الدكتور عامر السبايلة، وهو أستاذ جامعي ومحلل جيوسياسي مقيم في عمّان، لـ”ميديا لاين“ إن الولايات المتحدة تأخذ المخاوف الأردنية على محمل الجد. ”وقال السبايلة: “إن لقاء الملك مع بايدن يؤكد أن الأردن شريك أساسي للولايات المتحدة الأمريكية. ”الملك عبد الله هو أكثر زعيم التقى بايدن وأثر في الموقف الأمريكي من الحرب على غزة“.

وتابع: ”الأردن هو الصوت الذي يختلف عن الأصوات الأخرى ويستطيع أن يقدم للولايات المتحدة رأيه في خطورة هذه الحرب على المنطقة، كون المملكة حليفاً مهماً“.

وقال أسامة الشريف، المحلل السياسي الأردني لـ ”ميديا لاين“ إن زيارة الملك الخاصة كانت محاولة أخيرة لدفع الرئيس بايدن إلى وقف الهجوم على رفح وإجبار نتنياهو على قبول اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، الذي ساعد الأمريكيون أنفسهم في التوسط فيه. ”لسوء الحظ، لم يحدث ذلك، ومن خلال احتلال معبر رفح، عرقلت إسرائيل أي فرصة لإنهاء الحرب وتبادل الأسرى“.

وقالت كاترينا سمور، المحللة الأمنية المقيمة في عمّان، لـ”ميديا لاين“ إن زيارة الملك تأتي في وقت صعب للغاية، حيث تشهد الولايات المتحدة انقساماً عميقاً قبل الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل. وفي حين أن قضية غزة، رغم أنها مؤلمة للغاية بالنسبة للأردنيين، إلا أنها قضية سياسية حية في الولايات المتحدة مع سياسة إدارة بايدن الراسخة المؤيدة لإسرائيل من جهة، ومعسكرات الطلاب في جميع أنحاء البلاد احتجاجًا على ما يعتبرونه إبادة جماعية من جهة أخرى. ”يقول سمور: “علينا أن نفهم أن الأردن يمثل الدولة الحديثة التي تعتمد على القانون الدولي والمؤسسات العالمية والدبلوماسية. هذه الأمور ليست على الموضة في الوقت الحالي، حيث يهدد أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية لا تُحترم، والطلاب المتظاهرون بالمئات يتم اعتقالهم“. وعلى الصعيد الإقليمي، يقع الأردن بين وكلاء إيران وصعود الحركة الاستيطانية المتطرفة في إسرائيل“.

وترى سمور أن زيارة الملك تناولت التحديات الداخلية والإقليمية التي يواجهها الأردن على حد سواء، في الوقت الذي دعا فيه إلى وقف إطلاق النار في غزة وكذلك ضمانات الدولة الفلسطينية. وتضيف: ”إن تأجيل شحنة الأسلحة إلى إسرائيل في ضوء أفعالها في رفح يدل على نجاح الزيارة على الأرجح“.

ووصف نضال الزبيدي، رئيس تحرير موقع جوردان ديلي الإخباري الأردني الناطق باللغة الإنجليزية، زيارة الملك إلى واشنطن ولقاءاته مع الرئيس بايدن ورئيس مجلس النواب مايك جونسون بالمهمة رغم أنها لم تسفر عن أي نتائج في أزمة غزة المستمرة. وقال لموقع ميديا لاين: ”أعتقد أن دعوته العاجلة لوقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين، وتحذيره من العملية البرية الإسرائيلية في رفح، يؤكدان على خطورة الوضع.

وفي رأيي أن تحذير الملك من احتمال امتداد الصراع في المنطقة هو تذكير صارخ باحتمال وقوع كارثة إنسانية

وقال الزبيدي: ”إن تحذير الملك من احتمال امتداد الصراع إقليميًا، من وجهة نظري، هو تذكير صارخ باحتمال وقوع كارثة إنسانية“. وأضاف أن تحدي رئيس الوزراء الإسرائيلي للإجماع العالمي لا يبشر بالخير للسلام أو لإمكانية تطبيق حل الدولتين.

بالإضافة إلى الاجتماعات في البيت الأبيض، التقى عبد الله أيضًا مع كبار قادة الكونغرس ورئيس البنك الدولي. وبعد مغادرته واشنطن، سافر إلى أوتاوا للقاء رئيس الوزراء الكندي.

 

مترجم عن الميديا لاين الامريكية. رابط المقال الأصلي بالانجليزي هنا

أضف تعليقك