عصائر بطعم الاسفلت .. ومتجولون يبيعون الصائمين الجراثيم والاوبئة

عمان - هدى الحنايفة - مضمون جديد

في رمضان يكثر باعة العصائر وخاصة على الارصفة وامام المحالات . لكن مع انتشار هؤلاء الباعة على الطرقات لم ينتشر معهم مراقبون من الجهات المسؤولة لضمان صحة الناس.

قبل أيام قليلة اتلفت أجهزة دائرة الرقابة الصحية والمهنية في امانة عمان نحو "9" الآف لتر عصائر محضرة يدويا غير صالحة للاستهلاك البشري من خلال تكثيفها الرقابة على المواد الغذائية والعصائر منذ حلول رمضان.

ورغم ذلك ما زالت الشوارع مزدحمة بالبائعين وزبائنهم. الزبائن الذين في الغالب يعتبرون البائع المتجول احد طقوس رمضان، ولا يمكنهم الا الشراء.

وتتعدد طرق الغش لدى البائعين فهناك من يخلط كثير من ماء الزهر ويضيف الأصباغ والنكهات وهناك من يتوجه إلى خلط عصير التمر هندي والليمون بكميات من المياه، لكن الاخطر في استخدام أصباغ غير مرخصة او بكميات غير علمية.. والهدف كله واحد هو مضاعفة الأرباح.

هي اذاً الفوضى .. فوضى بلا حدود في تنافسية لا يعنيها صحة المواطن، ولا حتى سمعة المحل.

ربة البيت رانيا تعرب عن أسفها من جشع التجار كما تصفه. وتقول: لـ "مضمون جديد": "اضطررت لسكب كامل ما في العبوة من عصير تمر الهندي في مصرف المطبخ بعد أن أحضره ابني من احد الباعة في السوق بسبب المذاق الطاغي من ماء الورد وغياب طعم التمر الهندي بتاتا رغم أن لون العصير كان يميل إلى الأسود؟".

تقول رانيا إن مجرد رؤية تلك العصائر تباع فوق بسطات الأرصفة في عبوات بلاستيكية وأكياس تحت أشعة صيف حار يؤكد غياب الرقابة من حيث عمليات الحفظ وآليات البيع ومدى المضار الصحية المترتبة على ذلك.

المواطن أبو احمد تعرض للغش مرات كما اضطر الى ان يحمل طفله الى المستشفى اكثر من مرة بعد اصابته بإسهال شديد لشربه العصائر التي تباع على الارصفة.

يقول: اعتدت على شراء تلك العصائر من عدة مطاعم مجاوره لي لكن عدت عن ذلك بعد أن سمعت رأي صاحب احد المحال عن طرق غش البعض لتلك العصائر.

اقلع ابو احمد عن شراء العصائر من الاراصفة، بل ومن الخارج كله، فما فعله هو صناعتها منزليا كما كان يفعل والده وجده من قبله. يصف ابو احمد التجربة اشتريت المواد الأولية لتحضير التمر الهندي في المنزل ونقعت المحلول لمدة ساعات وبعدها قمت بتصفيتها وأضفت لها قليلا من الماء، وبالفعل كان مائل للبني الغامق والطعم لذيذ جدا كما اعتدناه في أيام خوالي.

وتعتبر وزارة الصحة ومؤسسة الغذاء والدواء الجهتان المسؤولتان عن صحة المواطنين، وهما - كما يؤكد مسؤوليها - تدركان زيادة إقبال المواطنين الكبير على تلك العصائر في الشهر الفضيل.

ووفق ابو احمد كان على الجهات المختصة وضع أسس وقوانين رقابة حازمة لتقليل من فرص الغش والتلاعب بالأسعار كما كيفية حفظها حفاظا على صحة المواطنين.

الدكتور محمد الخريشة مدير الرقابة في مؤسسة دار الدواء والغذاء يقول لـ "مضمون جديد" إن الإشراف على العصائر أحد أكثر اهتماماتنا في رمضان، لما نرى من سوء استخدام المواد وعقلية المواطن الذي يعتقد أن تلك العصائر الشعبية طبيعية سواء التي تباع في المطاعم أو لدى الباعة المتجولين.

وأكد الخريشة أن جميع ما يباع في الاسواق عصائر صناعية، تستخدم فيها النكهات والأصباغ إضافة إلى الماء.

ويكمن الدور الرقابي بالإشراف على المحال المرخصة فقط لبيع تلك العصائر والكشف عن نسبة الأصباغ والنكهات المسموح بها ونوعها، والاطلاع على كشوف الشراء وكيفية الإعداد ومخالف أي محل يبيعها من دون الحصول على تصريح بذلك، كما نلزم بوجود وحدة تنقية مياه لغاية التصنيع".

وحذر الدكتور محمد الخريشة المواطنين بالقول: يتهافت المواطنون على الباعة المتجولين لتلك العصائر بهدف توفير 10 قروش الى 20 قرش رغم تعرض هذه العصائر لأشعة الشمس وهو أمر كفيل بتكاثر جرثومي وتغيرات كيميائية تكلف المواطن فاتورة طبيب اثر تعرض احد أبنائه أو عائلته لتسمم بسبب تناولها.

وطالب د. الخريشة المواطنين بالحرص والوعي بأهمية شراء المواد من أمكان مرخصة ليسهل إجراءات الإشراف عليها أو مخالفتها فيما اذ تبين تلاعبها بالمواد وهنالك قسم الرقابة في المؤسسة جاهز لتلقي أي شكاوي".

هذا تماما ما اكده رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات، حيث قال نحذر دائما من الشراء من سلع الباعة المتجولين وخاصة بائعي المواد الغذائية حيث ينشط هؤلاء الباعة في فصل الصيف ويكثر عددهم في شهر رمضان المبارك نتيجة لارتفاع درجات الحرارة.

واشار الى دعوات الجمعية المتكررة للمواطنين بالابتعاد عن شراء مثل هذه المنتجات، اضافة الى مطالبتها الجهات المسئولة المتمثلة بوزارة الصحة ومؤسسة الغذاء والدواء وأمانة عمان بتكثيف الرقابة على هؤلاء الباعة حتى لا يتم خداع المواطنين من خلال بيعهم منتجات لا تتوفر فيها أدنى شروط الصحة العامة والتي من الممكن ان تعرضهم لبعض الأمراض نتيجة لتناولهم متل هذه المشروبات.

اما الدكتور ماهر القدسي الطبيب العام فقال ان المواطنين لا ينتبهون الى مسألة خطيرة، وهي ان عليهم ان يشربوا في رمضان عصائر بعينها ويحذروا من أخرى، وفقا لحالتهم الصحية والعمرية.

وقال: احيانا يكون الغش رحمة لبعض المرضى، فعندما يضع البائع نكهات لزبون وهو يظن أنه طبيعي ويكون الزبون مصاب بالضغط فيبيعه مثلا العرق سوس فإن كان طبيعيا قد يضطر اهل هذا المريض حمله الى المستشفى لان العرق سوس يرفع ضغط الدم.

أما "خالد" وهو صاحب أحد المطاعم فيؤكد ان ما يقوم به قانوني فهو يصنع للزبون العصائر هذا طبيعي وهذا صناعي ضمن المواصفات الصحية.

ويعد شهر رمضان لمحال المواد الغذائية والمطاعم موسما لأرباح مهمة، لكن البعض يظن انه حالة استثنائية وينسى انه ان غش الناس اكتشفوه فكسدت بضاعته وفقد سمعته.

أضف تعليقك