قانوني : جرائم جديدة تم استثناؤها في قانون العفو العام لأول مرة

من المقرر أن يناقش مجلس النواب في جلسته الثلاثاء قراءة أولى لمشروع قانون العفو العام الذي أقرته الحكومة أمس، وسط توقعات بأن يتم إقرار هذا القانون قبل حلول عيد الفطر في شهر نيسان المقبل.

أعلنت الحكومة عن أبرز مضامين مشروع القانون، الذي وجه به الملك عبدالله الثاني، بعدما أقرته لإرساله بصفة الاستعجال إلى مجلس الأمة البرلمان خلال الساعات المقبلة.

ويتضمن المشروع جرائم مستثناة من العفو العام، مثل جرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر والجرائم الواقعة على أمن  الدولة، وعلى السلطة العامة وجرائم تشكيل جمعيات الأشرار والجمعيات غير المشروعة، الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العام ، وجرائم التجسس، وجرائم الاغتصاب وهتك العرض، وجرائم القتل

ويستثني المشروع الجرائم التي تؤثر على جهود الدولة في مكافحة المخدرات، وجرائم الجنايات الخطرة الواقعة على الأشخاص والأموال، وكذلك جرائم التزوير الجنائي وقضايا الفساد والكسب غير المشروع والجرائم الاقتصادية، وذلك وفق مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي. 

من المتوقع أن يؤدي هذا القانون إلى إفراج سراح عن 7355 نزيلا في مراكز الإصلاح والتأهيل، من بينهم 4688 يمثلون قضايا جنح مختلفة و2667 من الجنح المرتبطة بـ"تعاطي المخدرات".

 

جرائم جديدة مستثناة

أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية، الدكتور ليث نصراوين يرى أن مشروع التشريع الخاص بالعفو العام اتبع ذات النهج في القوانين السابقة، حيث ينص على تسمح لجميع الأفراد بالاستفادة من العفو العام بالنسبة لجميع الجرائم والمخالفات حتى تاريخ 19 من شهر آذار الحالي.

المادة الرابعة من مشروع القانون تظهر استثناءات كبيرة من هذه الجرائم، بالمقارنة بين القانون السابق لعام 2019 والقانون الحالي لعام 2024، حيث يظهر زيادة في عدد الجرائم المستثناة في العفو العام، حيث كان هناك 23 جريمة مستثناة في القانون السابق مقابل 38 جريمة في القانون الحالي، بحسب نصراوين.

تأتي الأسس القانونية والسياسية التي تحكم اختيار الجرائم المستثناة من العفو العام، حيث تعتبر الجرائم التي تتسم بخطورة تهدد أمن الدولة مثل الإرهاب وتجارة المخدرات والجرائم الجنسية والقتل والتجسس، جرائم لا يمكن السماح لها بالاستفادة من العفو العام.

وتضاف إلى ذلك، جرائم جديدة تم استثناؤها في قانون العفو العام لأول مرة، مثل جرائم البيئة، والجرائم الإلكترونية، وجرائم المنافسة، والجرائم المتعلقة بالكسب غير المشروع.

بينما يعتبر الناشط النقابي المهندس ميسرة ملص في منشور له عبر الفيسبوك أن" استثناء الجرائم الالكترونية من العفو العام، يعد التفاف على إرادة الملك عبدالله الثاني، بفتح صفحة جديدة للمواطنين قبل الانتخابات، مشيرا إلى أنه على الأقل يجب العفو عن القضايا المقامة بواسطة الادعاء العام من قبل المؤسسات والجهات الرسمية." 

آثار العفو العام

 

أما فيما يتعلق بالإجراءات القانونية التي ستتخذ  لتطبيق مشروع القانون، يعتبر مجلس النواب هو صاحب الولاية العامة بإقرار المشروع، ومن ثم يتم إحالته إلى مجلس الأعيان، وعندما يصادق عليه الملك عبدالله الثاني، ينشر  في الجريدة الرسمية، من المتوقع أن يبدأ نفاذ القانون منذ نشره بالجريدة، وذلك قبل تاريخ 11 من الشهر المقبل، لأن الدورة العادية للبرلمان ستنتهي في هذا التاريخ.

يشير نصراوين إلى أن العفو العام له اثارا ايجابية، حيث يخفف من الأعباء الاقتصادية والمالية على المواطنين، ويعطي  فرصة للأشخاص لإعادة إدماجهم في المجتمع، ويقلل من اكتظاظ السجون، ومع ذلك، يجب أن يتم الحرص على الأمن والسلم المجتمعي.

أما بالنسبة للاستثناءات في أنواع معينة من الجرائم في القانون، والتي وضعها المشرع خارج نطاق العفو العام، فإن الأفراد الذين ارتكبوا تلك الجرائم لن يستفيدوا من العفو، بحسب نصراوين.

تنص  المادة 38 من الدستور، للملك حق العفو الخاص وتخفيض العقوبة، وأما العفو العام فيقرر بقانون خاص، وغالبا ما يتزامن مع المناسبات الوطنية المحلية.

 

الأبعاد القانونية للعفو العام

وفقا لتقديرات وزارة الداخلية تشير إلى أن نسبة الاكتظاظ بالسجون وصلت إلى 190 في المئة، وأن هناك 25 ألف نزيل في السجون، في حين أن الطاقة الاستيعابية للسجون تبلغ 13 ألف نزيل. 

وتشير الأرقام الرسمية الى أن تكلفة السجين الواحد للدولة تقدر بحوالي 750 دينار شهريا في مراكز الإصلاح والتأهيل، مما يجعل تكلفة النزلاء في هذه المراكز تصل إلى 18 مليون و750 ألف دينار شهريا.

يقول القاضي المتقاعد، لؤي عبيدات، إن قانون العفو العام يمثل أساسا لفتح صفحة جديدة للسجناء الذين خرجوا  عن أحكام القانون دون أي تمييز بين الجرائم.

ويتطلع عبيدات إلى أن تكون مظلة قانون العفو العام القادمة أوسع وأشمل، وأن تشمل مجموعة واسعة من الجرائم التي استثنيت من العفو السابق، بما في ذلك حقوق التعبير والرأي.

شملت مشاريع القوانين  السابقة للعفو العام  الجرائم بمختلف أنواعها بالإضافة إلى المخالفات المرورية والغرامات، باستثناء تلك التي تمس أمن الدولة سواء داخليا أو خارجيا مثل الإرهاب والتجسس والقتل وهتك العرض والاغتصاب وغيرها من الجرائم الخطيرة التي تهدد أمن المجتمع، 

من جانبه يشير المحامي معاذ المومني إلى أن  مختلف قوانين العفو العام التي صدرت خلال الأعوام السابقة، تركز على مراعاة هذا المشروع للمصلحة العامة والحفاظ على الحقوق الشخصية والمدنية، وذلك وفقا لمبدأ العدالة وسيادة القانون،مع عدم التعارض مع متطلبات الأمن الوطني والسلم المجتمعي.

ويوضح المومني أن العفو العام يلغي الجريمة والعقوبة المتعلقة بحق الدولة، ولا يطال حقوق الأفراد إلا إذا نص على ذلك بوضوح،  أن التوجيه الملكي هو من يحدد المعايير للاستثناءات في هذا العفو العام.

بحسب ترجيحات مصادر نيابية مطلعة، من المتوقع أن يقر مشروع القانون خلال الجلسة دون إرساله للجنة القانونية، وذلك في إطار حرص المجلس على بدء تنفيذ القانون قبل عطلة عيد الفطر، وقبل انتهاء عمر الدورة العادية التي تنتهي دستوريا في 11 الشهر المقبل، ولإفساح المجال أمام الحكومة لتطبيقه.

أضف تعليقك