تراجع حرية الصحافة في الأردن: بين التشريعات القمعية والتحديات الاقتصادية

في ظل الاحتفالات العالمية باليوم العالمي لحرية الصحافة والذي يصادف في 3 من شهر أيار من كل عام، يشهد الأردن تراجعا كبيرا في مجال الصحافة، من حيث تحقيق الاستقلالية الصحفية المطلوبة، و تدهورا في الأوضاع الاقتصادية لدى العديد من المؤسسات والعاملين فيها، وتشديدا في التشريعات.

ففي مؤشر حرية الصحافة الذي نشرته منظمة "مراسلون بلا حدود" لعام 2024، يعكس تلك التحديات المتزايدة التي تواجه المهنة الصحافية في البلاد، حيث حل في المرتبة 132 في مؤشر حرية الصحافة 2024 من أصل 180 دولة.

وعلى الرغم من تقدم الأردن ب 14 مركزا بعدما كان في المركز 146 في تصنيف العام الماضي 2023، إلا أنه لا يزال يبتعد عن المرتبة التي كان فيها في عام 2022 حينما كان في المركز 120.

 

تراجع خطير 

هذا التراجع الكبير في مستوى حريات الصحافة يصفه الكاتب والمحلل السياسي أسامة الرنتيسي بالأمر الخطير، مشيرا إلى أن مؤشر حرية الصحافة لا يمكن فصله عن حالة الحريات العامة، ويرى التقدم الطفيف في مجال الحريات العامة لا يعكس حالة جيدة للإعلام في هذه الفترة.

ويعتبر الرنتيسي أن أي قيود على وسائل الإعلام في تغطية الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية ستؤثر بالضرورة على مستوى الترتيب في مؤشر الحريات الصحفية، فقد أصبح منع بعض المؤسسات من تغطية أحداث كبيرة في البلاد يعتبر أمرا تلقائيا، ولكن دون الحديث عنها.

وتعاني الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للعاملين في هذه المؤسسات الإعلامية من ظروف صعبة ومتردية، وربما تكون في مراحل خطيرة، حيث تم تسريح العديد من الصحفيين من مؤسسات الإعلام، مما أثر عليهم اقتصاديا ، بحسب ما يشير إليه الرنتيسي.

تقرير "مراسلون بلا حدود" يكشف في السياق الاقتصادي لحرية الصحافة في الأردن أن "وسائل الإعلام الخاصة تكافح بكل قواها للبقاء، ويختار البعض عدم انتقاد الشركات والشخصيات العامة من أجل الحصول على  جزء من التمويل المخصص للصحافة".


 

التضييق بالتشريعات

على الرغم من حماية القوانين لحرية التعبير والصحافة ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون، وفقا للمادة 15 من الدستور، إلا أن الحكومة استخدمت قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية والصحافة والمطبوعات والعقوبات لضبط هذه الحريات، مما أدى إلى اعتقال الصحفيين وتضييق الخناق على وسائل الإعلام المحلية.

ويشير الرنتيسي إلى أن هناك العديد من التشريعات التي ساهمت في تقييد حرية الصحافة ووسائل الإعلام، بما في ذلك قانون الجرائم الإلكترونية الذي أثر بشكل كبير على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، معتبرا أن العالم يتجه نحو فترة من الحرية المفتوحة، بينما نحن نبحث عن وضع قوانين لتقييد هذه الحريات، مما يقوض دور العاملين في وسائل الإعلام.

من بين الإجراءات التي قد تقيد حرية الصحافة ووسائل الإعلام، يأتي ما أوصت به الهيئة العامة لنقابة الصحفيين الأردنيين في اجتماعها الأخير، وهو إحالة "منتحلي المهنة" للمدعي العام، وفقا لقانون النقابة.

في قانون النقابة، حدد تعريف "الصحفي" بأنه "عضو النقابة المسجل في سجل الصحفيين الممارسين، الذي اعتمد الصحافة مهنة له"، ويبلغ عدد الصحفيين الممارسين حوالي 1375 منذ إصدار قانون النقابة قبل 26 عاما.

 

تضييق جديد 

يشير عضو نقابة الصحفيين ماهر الشريدة في حديثه ل "عمان نت" إلى أن قرار الهيئة العامة بتحويل "منتحلي المهنة" أمر غير مستهجن، حيث يندرج ذلك تحت النص التشريعي في قانون النقابة.

ويوضح الشريدة السياق الذي أدى إلى اتخاذ الهيئة العامة للنقابة هذا القرار، يعود إلى ممارسة فئة من الناشطين عبر شبكات التواصل الاجتماعي لدور الصحفي ويعملون في المواقع الإلكترونية، دون أن ينتموا فعليا إلى أي جهة إعلامية، وهذا يؤثر بشكل كبير على العاملين في هذه المهنة ضمن الأنظمة والقوانين.

بحسب الشريدة، يشير إلى أن الصحفيين الذين يزاولون هذه المهنة يجب أن يكونوا أعضاء في النقابة، إما أن تكون المؤسسة الصحفية التي يعمل فيها معتمدة من قبل النقابة، وإلا فإن عملهم غير قانوني.

ومع ذلك يرى الشريدة أن هذا النص القانوني بحاجة إلى تعديل، باعتباره غير مناسب أن يتم تطبيقه بشكل صارم دون مراعاة التطورات الحديثة في مجال الإعلام، خاصة مع تقدم التكنولوجيا وانتشار وسائل الإعلام الرقمية.

ينص قانون نقابة الصحفيين الصادر عام 1998، ينص في المادة 16 أنه لا يجوز لأي مؤسسة صحفية في المملكة استخدام أي شخص في أي عمل صحفي إذا لم يكن من الأعضاء المدرجة أسماؤهم في سجل الصحفيين الممارسين.

هذا وتحظر المادة 18 من قانون النقابة، على غير الصحفيين الممارسين أو الصحفيين المنصوص عليهم في المادة (9) من هذا القانون مراسلة الصحف الأجنبية والإعلان عن أنفسهم بصفة صحفي أو بأي عبارة تعطي هذا المعنى، كما يحظر على مكاتب الدعاية والإعلان والنشر والتوزيع إضافة أي كلمة أو عبارة إلى عنوانها أو نشراتها أو إعلاناتها تفيد هذا المعنى، ما لم تكن مرخصة بإصدار المطبوعات الصحفية.

أضف تعليقك