تحديات الإعلام بين السبق الصحفي وتحري الدقة

مع تسارع التطورات السياسية في الفترة الأخيرة، تشهد مختلف الوسائل الإعلامية سباقا نحو نشر الأخبار، سعيا إلى الحصول على ما يعتبرونه " سبقا صحفيا"،  دون التفات إلى أن هذا السباق قد يؤدي في بعض الأحيان إلى نشر معلومات غير دقيقة، نظرا لعدم الحرص والدقة في التحقق قبل النشر.

وعلى الرغم من الوعي المتزايد للمواطنين في كيفية حصولهم على المعلومات الدقيقة، إلا أن هناك من يلجأ إلى مصادر غير رسمية أو يأخذ بالأخبار من خلال شبكات التواصل الاجتماعي دون التأكد من صحتها، مما قد يخلق بلبلة وتشويش في الرأي العام.

في ظل الأحداث السياسية الأخيرة، خاصة بعد أن شهدت المملكة ليل الأحد انتشار كبير للطائرات والمسيرات الإيرانية بسبب هجومها على إسرائيل، كان المواطنين بحاجة ماسة إلى معلومات دقيقة وموثوقة لفهم ما يحدث من حولهم، مما يبرز أهمية  البحث عن المعلومات بدقة ومصداقية قبل اعتمادها ونشرها.

 

التحلي بالحذر

عضو مجلس نقابة الصحفيين خالد القضاة يشدد على أهمية الالتزام بشروط معينة عند نقل الأخبار، مشيرا إلى ضرورة  أن تكون المصادر موثوقة و التحلي بالحذر لتفادي تقديم المعلومات بسرعة على حساب الدقة والموضوعية.

ويؤكد القضاة أنه في حالة الازمات ينبغي أن تتغلب المصلحة الوطنية على رغبة الإعلام في السبق الصحفي، مع التأكيد على ضرورة التوجه للجهات الرسمية للتأكد من صحة المعلومات قبل نشرها.

ويشير إلى أن الحكومة تلعب دورا كبيرا باهمية نشر الرواية الرسمية بشكل سريع لتلبية حاجة المواطنين وشغفهم بالمعلومات، وهذا يتطلب إعادة هيكلة ملف الإعلام الرسمي ضمن أسس واضحة، مما يمنح الدولة قوة إضافية.

من جهتها تؤكد الحكومة مؤخرا على ضرورة أن تتوخى وسائل الإعلام المختلفة والمنصات أقصى درجات الدقة في تحري المعلومة واستقصائها من مصادرها الرسمية المعتمدة وعدم تناقل الإشاعات والأخبار غير الدقيقة ولا تلك التي تتقصد التضليل لخلق أجواء من القلق والخوف والشك، مشددة على أنه سيتم التعامل بشكل حازم وبكل الوسائل القانونية مع هذا الأمر.

بحسب "اليونسكو" تعد حرية الصحافة والتعبير من أبرز حقوق الإنسان والتي كفلتها القوانين الدولية والمحلية، وأدرجت في دساتير البلاد كمواد أساسية باعتبار أن الصحافة ووسائل الإعلام هي السلطة الرابعة بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

كما تعرف حرية الصحافة أو حرية وسائل الاتصال، بأنها المبدأ الذي يوجب مراعاة الحق في الممارسة الحرة للنشر والتعبير عن الرأي عبر كافة وسائل الإعلام المتاحة المكتوبة والمسموعة والمرئية بجميع أشكالها، وتتضمن هذه الحرية غياب التدخل المفرط للدول بسياسة تلك الوسائل التحريرية، وحمايتها بالدستور والقانون.

الأخبار المضللة

متخصص في القانون الجزائي الدكتور أشرف الراعي يعتبر أن شبكات التواصل الاجتماعي تعد مساحة حرة للتعبير عن الآراء ومشاركة الأفكار، مع ذلك، هناك تزايد استخدام  وتداول الأخبار المضللة وغير الدقيقة.

ويشدد الراعي على أهمية استقاء المعلومات من وسائل إعلام مهنية وموثوقة، بعيدا عن تصديق الأخبار المنتشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ضرورة التوعية القانونية حول كيفية التفاعل مع وسائل الإعلام.

على صعيد آخر، يرصد فريق مسبار، العديد من الأخبار ومقاطع الفيديو غير الحقيقية، عبر حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يدفع البعض إلى تبادل التشكيك ونشر الانتقادات التي تؤدي إلى تصاعد النعرات وخطاب الكراهية.

وتوضح الباحثة والمحررة في منصة مسبار بيان حمدان، أن هناك آثارا سلبية قد تنعكس على المتابعين بسبب انتشار الأخبار المضللة، مما يدفعهم إلى التشكيك وزيادة انتشار خطاب الكراهية.

وتعتبر حمدان أن دور الجهات المعنية في مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي أمرا هاما وضروريا لضبط انتشار هذه السلوكيات التي قد تنعكس على المجتمع إذا لم يتم الحد منها.

هذا ويقول وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور مهند المبيضين، في تصريحات سابقة إن المعرفة حق مقدس للمواطنين، ويجب على الإعلام أن يقدم خطابا إعلاميا واضحا يسهم في الإجابة السريعة على تساؤلات الجمهور.

وبين المبيضين أن التدفق السريع للمعلومات يسهم في عدم ترك المجال فارغا لانتشار الإشاعات والأخبار غير الصحيحة، ويؤسس لحالة من الاستقرار الوطني للمجتمعات.

أضف تعليقك