بوريل: الحرب في غزة ضد الأطفال وتقتل مستقبل جيل كامل
أكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن لا حل عسكريا في الشرق الأوسط، والحل الوحيد الذي سيجلب السلام هو القائم على القانون الدولي.
وشدد خلال تصريحات صحفية بعد منحة الدكتوراة الفخرية في العلاقات الدولية من الجامعة الأردنية، أن الحلول “تأتي من خلال المفاوضات من أجل سلام عادل وتقاسم الأرض، وهذا هو ما يعنيه حل الدولتين، وصوت العقل يجب أن ينتصر على صوت الكراهية كطريقة وحيدة لتحقيق السلام”.
ودعا إلى إنهاء الإفلات من العقاب، والتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومحاكمتها، مؤكدا على ضرورة انتصار صوت الحكمة على صوت الكراهية، كما دعا إلى عدم الاستماع لمن يروجون للانتصار الكامل، وأن لا أمن بدون سلام ولا سلام بدون عدالة، ولا عدالة بدون مساءلة شاملة ومحايدة.
وأكد أن لا شيء يوصف مدى صعوبة الأوضاع في غزة، تزامنا مع اليوم العالمي للطفل، الذي أعلن عنه في الأمم المتحدة عام 1954، إذ لا يتخيل أحد أنه بعد 70 عاما، سنشهد حربا يكون 70% من ضحاياها أطفال ونساء، والفئة العمرية الأكثر بين الضحايا هي الأطفال دون التاسعة من العمر.
الحقيقة المأساوية، أن إسرائيل تقتل يوميا قرابة 50 طفلا في الحرب على غزة، وهذا أمر مروع، واصفا أن هذه الحرب كما وصفها مفوض وكالة أونروا فيليب لازاريني “حرب ضد الأطفال، وتقتل مستقبل جيل كامل”.
وبشأن الأوضاع في فلسطين، قال بوريل “علينا أن نعمل من أجل صوت للسلام، وأن نرفع أصواتنا ضد رسائل الكراهية، ضد الأكاذيب، ضد الكاريكاتيرات، ضد من يصور الإنسان الآخر كحيوان لا يستحق الحياة”.
– تحالف عالمي –
وأكد على ضرورة أن نفهم أن التحالف العالمي من أجل تنفيذ حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في هذه المنطقة وينبغي فقط “تنفيذه” بعد الإعلان عنه منذ أكثر من 30 عاما وأصبح اليوم أبعد مما كان عليه.
كما دعا بوريل إلى مواجهة التطرف وهزيمة من يعيقون السلام لأنهم يريدون الهيمنة على كل شيء، مؤكدا على وجود أشخاص في إسرائيل يريدون السلام بقدر ما هناك أشخاص في فلسطين يريدونه.
وأشار إلى أن ما حدث من هجوم حماس في السابع من تشرين الأول 2023 لا يمكن تبريره بفظاعة أخرى من خلال الاستخدام المفرط للقوة الذي قد يخلق أوضاعًا تتعارض مع القانون الدولي.
“يجب أن نرفع أصواتنا في كل مكان وأمام أي شخص ينتهك القانون الدولي. نعم، يوجد حق في الدفاع ولكن حق الدفاع، مثل أي حق آخر، له حدود؛ حدود القانون الدولي”، وفق بوريل.
ولتحقيق السلام العادل، أكد على ضرورة أن تنتهي جميع أشكال الاحتلال غير القانونية، التي طالب بها عبر محكمة العدل الدولية، إذ قال “يجب أن تنتهي المذابح وتجويع الأبرياء، وأن ينتهي الإفلات من العقاب”.
وفي الضفة الغربية المحتلة، أكد بوريل أنه قدّم عدة مقترحات لفرض عقوبات على عنف المستوطنين وإرسال رسالة مفادها أن القانون الدولي يجب أن يُحترم، في وقت قدم فيه مقترحات لفرض عقوبات على قادة حماس.
وأشار إلى الانقسام في العالم ليس بين الغرب والعالم الإسلامي، بل “بين أولئك الذين يسعون للسلام وأولئك الذين يستفيدون من الصراع ويريدون أن يفرقونا”، قائلا “يجب أن نعترف بأن هناك رواية تحاول تصوير المشكلة على أنها صراع بين الغرب والشرق أو ضد الجنوب، أو ضد العالم الإسلامي”.
– التحقيق في جرائم الحرب –
وشدد على أن هذه الرواية مختلقة وخاطئة، وهي صورة نمطية يجب تفكيكها ورفضها، داعيا إلى تجنب أي نوع من الصراعات القائمة على الدين أو الحضارة أو العرق، ومعارضة أي تيار يسعى للتفريق وهذا يتطلب شجاعة وقيادة وعزيمة مثل التي أظهرتها الأردن.
ودعا أيضا إلى التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومقاضاة مرتكبيها، وإلى دعم المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وقال “لا يمكننا أن نعيش في عالم لا يُحترم فيه أعلى جهاز قضائي في الأمم المتحدة ولا تُؤخذ أحكامه بعين الاعتبار”.
وعن المساعدات الإنسانية لسكان غزة، أكد أن الاتحاد الأوروبي من أكبر الداعمين، لكن ذلك ليس كافيا، مضيفا “تقديم الدعم الإنساني أمر ضروري للغاية.. رأيت آلاف الشاحنات المليئة بالطعام ولا تستطيع الدخول بينما على الجانب الآخر من الجدار هناك أشخاص يموتون جوعا”.
“هناك حد لحق الدفاع، ومقدار التدمير الذي نشهده في غزة لا يُبرر بحق الدفاع، بل تجاوز ذلك بكثير، ويجب أن تبدأ أصوات العقل، أصوات الأشخاص الذين يريدون إنهاء هذه المأساة وإحلال السلام والأمن للجميع في العمل بشكل جاد”.
وأشاد بالدور الحيوي لوكالة أونروا ومواصلتها في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، مؤكدا الدعم القوي من الاتحاد الأوروبي لأونروا، وأن هذا التكتل من أكبر ممولي هذه المنظمة.
ودعا للدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة، ورفع الأصوات عاليا ضد أي محاولة للاعتداء عليه وعلى منظمة الأمم المتحدة، التي تخدم الشعب الفلسطيني، ورفع الأصوات عندما تُرتكب الفظائع وينتهك القانون الدولي.
كما دعا إلى محاربة التضليل ورسائل الكراهية ضد أي إنسان بغض النظر عن مصدر هذه الرسالة وإلى النقاش على الحقائق المستندة على الأدلة، قائلا “كل البشر متساوون في الكرامة، ولا شيء أكثر سخافة من معاداة السامية، أو أي شيء يمثل الانتماء إلى مجموعة بشرية – بسبب الدين، أو الثقافة، أو بسبب الاعتبارات العرقية”، مؤكدا أنه “على هذا الأساس يمكننا أن نصنع السلام”.