شرح الإلحاق الرقمي (Digital Onboarding)

 إذا كانت لديك خلفية عن التسويق عبر الإنترنت، فمن المؤكد أنك قد سمعت عن هذا المصطلح من قبل، والذي تزايد استخدامه في الآونة الأخيرة مع انتشار فيروس كورونا، حيث اضطرت الكثير من القطاعات الاقتصادية إلى إيجاد طرق بديلة للحفاظ على تواجدها. صناعة الخدمات المصرفية ليست استثناًء من ذلك، حيث يتعين عليها البحث عن الطرق الكفيلة للارتقاء برضا العملاء. يفضل كثيرون اختيار البنوك التي تقدم خدمات احترافية على الإنترنت وتقديمها بنفس سهولة الاطلاع على معلوماتهم المصرفية عبر حواسبهم أو أجهزتهم الذكية. يأتي هنا دور مفهوم الإلحاق الرقمي (Digital Onboarding) والذي ينصرف إلى إنجاز الخطوات الأولية لاستيعاب العملاء عبر الإنترنت.

 

ما هو الإلحاق الرقمي في مجال الخدمات المصرفية؟

يشير الإلحاق الرقمي (Digital Onboarding) في القطاع المصرفي إلى تسجيل الحساب البنكي أو إجراء الخدمات المصرفية الأخرى عبر الانترنت بالكامل. تحدث عملية الالتحاق عادةً أثناء تفاعل العميل للمرة الأولى مع البنك. وخلال خطوات الاستيعاب اللاحقة، يبني كلاً من العميل والبنك علاقة مشتركة تنطوي خطواتها الأولى على تزويد العميل للبنك بمعلومات الهوية الشخصية.

حظي مفهوم الإلحاق الرقمي باهتمام كبير في عام 2016 بعد أن سمحت هيئة الرقابة المالية في سويسرا (FINMA) للبنوك بالتحقق من هوية العملاء الجدد باستخدام خيار المصادقة عبر تقنية الفيديو. قبل هذه الموافقة التنظيمية لم يكن هذا الخيار متاحًا لأي بنك حيث لم تكن هناك طريقة للتحقق من هوية العملاء سوى من خلال الحضور إلى البنك.

يعتبر استخدام منصة الإلحاق الرقمي هو الطريقة الأسهل بالنسبة للبنوك لاجتذاب عملاء جدد والحفاظ على ولاء العملاء الحاليين خصوصًا في ظل هذه الأوقات الصعبة.

 

ما هو الغرض من عملية الإلحاق الأولية؟

ينقسم الغرض من عملية الإلحاق إلى شقين، الأول هو أنها وسيلة تنتهجها البنوك لاجتذاب عملاء جدد. يتوقع العملاء الآن أكثر من أي وقت مضى الحصول على خدمات مريحة وسهلة الاستخدام، ولهذا تتنافس البنوك بين بعضها البعض فيما يخص جودة وسلاسة خدمات الالتحاق التي تقدمها. أحد الأسباب الأخرى لاهتمام البنوك بخطوات الاستيعاب الأولية هو أنها تستطيع من خلالها تزويد العميل بمعلومات إضافية.

بعد الحصول على معلوماتك الشخصية فور اجتياز أولى خطوات الاستيعاب، تتاح للبنك حرية مراسلتك والتحدث معك حول خدماته المختلفة. يسمح ذلك للبنوك بالحفاظ على ولاء العملاء الحاليين من خلال تقديم خدماتها الجديدة إليهم وتزويدهم بمعلومات حول مختلف المنتجات التي تقدمها. ولكن بالنسبة للعملاء الجدد، لا تسمح البنوك بفتح حسابات قبل تقديم كافة الوثائق القانونية اللازمة. وبرغم أن حاجة البنوك لوضع عمليات شاملة تضمن الأمن المالي هو أمر مفروغ منه، ولكن يظل العملاء قلقين بشكل رئيسي من ضياع أوقاتهم في إجراءات روتينية طويلة.

يمكن القول أن طول فترة وإجراءات عملية الإلحاق بأكثر من اللازم قد تدفع العملاء إلى التراجع عن التسجيل في خدمة البنك، ولهذا فإن البنوك التي توفر إجراءات التحاق أقصر تبدو للوهلة الأولى جذابة للغاية مقارنة بغيرها. أحد الجوانب الرئيسية في تقديم خدمات رقمية عمومًا هو التأكد من أن تكون العملية برمتها سريعة قدر الإمكان، وهذا السبب الذي يدفع العديد من البنوك الحديثة لإيلاء أهمية كبرى لعمليات الإعداد والتهيئة الرقمية.



مزايا الإلحاق الرقمي

هناك العديد من المزايا لاستخدام مفهوم الإلحاق الرقمي، والتي نسردها في السطور اللاحقة. تحتاج البنوك إلى تنشيط أعمالها في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، فضلاً عن فرض العديد من البلدان لإجراءات الإغلاق الكامل، الأمر الذي يجعل من الطبيعي أن يصبح مفهوم Digital Onboarding أولوية مطلقة على جدول أعمالها.

1. يعزز المنافسة بين البنوك

أصبح اجتذاب عملاء جدد عملية أكثر صعوبة وتكلفة في ظل تنوع الخيارات المتاحة أمام العملاء. ولهذا فإن خدمات الإلحاق الرقمية باتت أحد مجالات التنافس المحموم بين البنوك.

عندما يفكر العملاء، خصوصًا من جيل الألفية، في الالتحاق بإحدى البنوك فإن توفر ميزة الاتصال الفوري تعتبر واحدة من متطلباتهم الأكثر أهمية. هذا الجيل تحديدًا ليس من هواة الطريقة القديمة التي تشترط زيارة البنك والمرور عبر إجراءات روتينية معقدة. ولهذا فإن إتاحة طرق مريحة للتحقق من أرصدة الحسابات في أي وقت وإجراءات المعاملات البنكية باتت أحد نقاط المفاضلة بين البنوك في العصر الحديث.

ستتمتع البنوك التي توفر لعملائها وصولاً فوريًا إلى هذه الخدمات بميزة عند المنافسة على اجتذاب عميل جديد. السبب الرئيسي وراء تراجع العملاء عن إكمال خطوات الالتحاق الأولية هو غالبًا طول وتعقد إجراءاتها. ولهذا فإن أحد المهام الضرورية التي يتعين على البنك القيام بها هو تبسيط هذه العملية إلى أقصى حد ممكن، بحيث تضمن أن أي عميل يأتي إلى موقعك لن يغادره سريعًا بسبب طول إجراءات الالتحاق.

2. التركيز على العميل

إحدى الدعائم الرئيسية لتنمية أعمالك هو وضع عميلك في بؤرة التركيز وعلى رأس الأولويات. لا يعني ذلك مجرد جمع البيانات وإثقال كاهلك بالواجبات الإدارية؛ بل تحتاج البنوك إلى ما هو أبعد من ذلك، أي فهم عملائها. تساعد منصة الإلحاق الرقمي على ضمان بأن يركز العملاء على اجتياز خطوات الاستيعاب بسرعة في الوقت الذي تعطي للبنك فكرة أوضح عن تفضيلاتهم وطبيعة اهتماماتهم.

3. الكفاءة

يمكن القول أن إحدى الميزات الرئيسية للإلحاق الرقمي هو زيادة الكفاءة التشغيلية. يعتمد النظام عمومًا على التحقق من صحة البيانات الجديدة، ولهذا فإن رقمنة إجراءات الاستيعاب ستضمن إنجاز العملية برمتها في أقل وقت ممكن. أيضًا فإن أتمتة الإجراءات ذات الصلة ستقلل احتمالات وقوع الأخطاء اليدوية. يستطيع العملاء الآن استخدام هواتفهم بسهولة كبديل لحمل الأموال؛ وبكل تأكيد فإن تبني البنوك لعمليات الإلحاق الرقمية ستساعدهم على منح عملائهم الحرية التي يريدونها.

4. العملاء الجدد

أخيرًا وليس أخرًا، فإن إحدى المزايا الهامة لعملية الإلحاق الرقمي هو تركيزها على الهدف النهائي. بعد تخصيص الوقت والجهد اللازم لتبسيط الخطوات وإنشاء نظام فعال، فإن البنوك يمكنهم توقع المكافأة على جهودهم في شكل مزيد من العملاء الجدد. تحصل البنوك أيضًا على فرصة بيع منتجات وخدمات إضافية للعملاء الحاليين.

 

خاتمة

في ظل الظروف الحالية التي يمر بها العالم، لن تجد صناعة الخدمات المصرفية مناصًا من تبني مفهوم الالتحاق الرقمي (Digital Onboarding). يجب أن يظل العملاء على رأس أولويات هذا القطاع الحيوي، ولذا فإن رقمنة عملياتها باتت الاتجاه الجديد التي تحتاج البنوك لتركيز جهودها عليه. احتضان متطلبات ومفاهيم العصر الرقمي الذي نحياه سيشكل الضمانة الرئيسية للحفاظ على وجودها في المستقبل!

 

أضف تعليقك