أدباء سوريون في الأردن يعبرون عن شعورهم بسقوط الأسد
احتفل السوريون داخل وخارج البلاد بسقوط بشار الأسد وتجرئوا على الحلم بمستقبل أفضل بعد أكثر من خمسة عقود من الحكم الوراثي التي انتهت بشكل مفاجئ وغير متوقع مع فرار الدكتاتور إلى موسكو.
ووضع سقوط حكومة الأسد في الساعات الأولى من صباح الأحد نهاية دراماتيكية لصراعه المستمر منذ ما يقرب من 14 عاماً للاحتفاظ بالسلطة والكرسي في الوقت الذي تمزق فيه بلاده بسبب حرب مدمرة لم تبقي ولم تذر بعد أن أصبحت ساحة معركة بالوكالة للقوى الإقليمية والدولية.
وفيما يلي إضاءة على مشاعر وردود أفعال عدد من المثقفين السوريين المقيمين في الأردن على هذا التطور غير المتوقع الذي قد يعيد تشكيل ليس فقط سوريا، بل قد يقلب ديناميكيات القوة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
الفنان والأديب "عماد المقداد" قال أنه شعر تلك اللحظة التي تم تحرير سوريا فيها من الاستبداد بأنه ولد من جديد وكأن قيوداً خفية كانت تطوق روحه قد انكسرت دفعة واحدة.
واستدرك أن سقوط هذا النظام أشبه بزوال كابوس جثم على صدور السوريين لسنوات طوال.
انفجار صامت
وتابع الفنان المتحدر من مدينة بصرى الشام بريف درعا: "في تلك اللحظة تداخلت مشاعري بين فرحة عامرة وحزن عميق على من فقدانهم في طريق الحرية".
وأردف: "رأيت في أعين أطفالي أملاً جديداً، وفي وجه زوجتي بريقاً لم أره منذ زمن ولم تكن هذه الفرحة عادية بل هي أشبه بانفجار صامت لبركان كتم الغضب لعقود طويلة
وأكمل المقداد :" استرجعت خلال تلك اللحظات صور الشهداء ، المنازل المهدمة ، الأحلام التي سرقت، وتذكرت أن النصر الذي جاء متأخراً وكان انتقاماً لدمعة كل أم بكت ولدها المعتقل، ولكل طفل نام خائفاً من صوت القصف، ولم يكن ما جرى في الأيام الماضية سقوطاً للنظام فحسب بل سقوطاً للخوف وانهياراً لجدران الرعب التي بنوها من حولنا ولم تعد الحرية حلماً وإنما حقيقة.
السوريون ينعتقون من السجن الكبير
وبدوره قال الشاعر سليمان نحيلي:"كنت طوال سنوات الثورة أعيش بما أُوتيتُ من حلم ، واليوم تحقق الحلم وبزغت شمس الحرية في أرجاء سوريا، وانعتق الشعب السوري من سجنه الكبير وكسر قيوده بعد صبر كفاح وجراح.
ووصف نحيلي مشاعره حيال سقوط الأسد وزوال حقبة الاستبداد بأنها مشاعر فرح تفجّر من داخله على هيئة صرخة مدوية نفرت من حلقه ( سقط النظام .. سقط الطاغية) وتداخل الدمع بصوته من شدة فرحته.
واستدرك الشاعر المتحدر من ريف حمص الغربي أن فرحته ظلت ممزوجة رغم ذلك بمرارة وحزن لما لاقاه الشعب السوري الثائر من جراح وتضحيات عظيمة استنزفت البشر والحجر والأحلام والذكريات.
واستذكر محدثنا أسماء ووجوه مرت بخلده وشهداء ومعتقلون ومختفون قسرياً.
وأكمل قائلاً : "تذكرت صديقي الذي لم يغب عن بالي المحامي "نضال الشيخ حمود" الذي جمعتني معه زنزانة واحدة، والذي فُقد منذ تسع سنوات في سراديب الزنازين ولم يظهر من يومها. وعقّب :"كنت آمل أن يكون بيننا هو وجميع من سرقهم الموت والسجن فلم يعيشوا فرحة سقوط نظام الأسد".
وأردف نحيلي أن شريط الثورة الطويل مرّ عبر خياله حتى لحظة إسقاط صنم الأسد في دمشق.وعبر عن شكره لله الذي أحياه ليعيش فرحة الشعب السوري بالنصر وإسقاط الطاغية ببيتين من الشعر خاطب فيهما الطاغية ويقول فيهما
المارقون على الشعوب ما أمنوا يوما فسل كتب التاريخ كم قلبوا
تغور أنت ويبقى الشعب منغرزا كالطود..ترقى ذراه الشمس والشهب
الحرية وسؤال العصفور
وشبه الشاعر السوري "ياسر الأقرع" سؤال السوري الثائر عن شعوره وقد نال حريته بسؤال العصفور عن شعوره وقد غادر القفص لتصبح السماء مملكته والكون بأسره رهن جناحيه.
وأضاف الأقرع :" كانت ثلاثة عشر سنة عجافاً، ثم أكرمنا الله بنصر فيه يغاث المقهورون ويعصرون غيوم الحرية بأيديهم".
وتابع أن السوريين عاشوا القتل والتدمير والتهجير والقهر والإذلال، على مدار 54 عاماً، لكنها كانت مغيَّبة عن العالم وكان الشعب السوري يعيشها في تفاصيل يومياته، كان مسكوناً بالخوف، مقتولاً بالرهبة، يتوجس خيفة من كل ما يلامس إحساسه المذبوح بالحرية.. ثم كانت صرخته العظيمة: " حرية.. حرية".
واستدرك صاحب قصيدة "حمداً لله أنا سوري": "كانت هذه الصرخة كفيلة أن تقض مضاجع تتار العصر الحديث، فأعملوا آلة القتل في هذا الشعب الممتد حضارياً آلاف السنين، لكن هذا الشعب العظيم-حسب قوله- كان يدرك مسبقاً أن ثمن الحرية غالٍ ولم يكن له إلا أن يختار الكرامة لأنها تعادل الحياة.
وثمّن الأقرع في غمرة الفرح ونشوة الإحساس بالنصر موقف المملكة الأردنية الهاشمية حكومةً وشعباً مما حدث في بلاده ، وتابع :"عندما قذفتنا رياح التهجير خارج سورية كان أهل الأردن نعم الإخوة والأهل، ووجدنا من طيبتهم ومروءتهم وعظيم أخلاقهم ما تتضاءل أمامه الكلمات وتضيق بحضرته العبارات وسيذكر تاريخ سوريا الحاضر والمستقبل بلد النشامى ومواقفهم النبيلة، وستكون سورية الحرة بلدهم وأهلها أهلهم.