ميراث المرأة بين الحق الشرعي والحرمان المجتمعي

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان- غدير الجلاد

بعد مرور ثلاث سنوات على وفاة والد خولة وتقسيم التركة عادت خولة لتكتشف بأن حصتها المستحقة من ورثة والدها هي ستون ألف دينار بدلاً من الثمانية آلاف دينار التي أعطاها إياها إخوتها.

 

لم تكن خولة “وهو الاسم المستعار للسيدة التي لم ترغب بالإفصاح لنا عن اسمها”، ولن تكون المرأة الوحيدة في مجتمعنا الأردني التي واجهت مصيرها من حرمان حصتها من الميراث, فالكذب و”التخجيل” والمراضاة وكذلك التهديد، كلها أساليب يتبعها الورثة من الذكور بحق المرأة عند تقسيم التركة.

 

فقد أوضحت لنا المحامية ومديرة البرامج في المعهد الدولي لتضامن النساء إنعام العشي أنه “غالبا ما تحصل النساء على مبلغ أقل بكثير مما يجب أن تحصل عليه شرعاً, وذلك لأنها في كثير من الأحيان تجهل حقها الشرعي”.

 

وتتعدد أشكال حرمان المرأة من حقها بالميراث كما توضح لنا المحامية سميرة زيتون “ففي أحيان كثيرة يقوم الأب بتوزيع الأنصبة على أبنائه الذكور مع حرمان البنات من حقهن قبل وفاته, هذا ما يحدث في حالات متكررة وكثيرة، كما تقوم الأم بسلب بناتها هذا الحق وذلك بجمعهن وإقناعهن بعدم مقاسمة إخوتهن؛ على اعتبار أن هذا يفرق شمل العائلة ويأجج الخلافات بين الإخوة”, الأمر الذي اعتبرته زيتون ممارسة للعنف من المرأة وعلى المرأة.

 

وفي سياق آخر فإن الحقوقي عاكف المعايطة يدعو وزارة الأوقاف برفع مستوى الاهتمام في هذا الشأن، ويقول “أتوجه لوزارة الأوقاف بتخصيص جمعة معينة للدعوة لحرمة انتهاك حقا المرأة من الميراث؛ لأنني أؤمن بدور الدين بتوعية الناس لأنه يتضمن الحلال والحرام وبذلك فأن النسبة الأكبر من الناس تتأثر في الدين”.

 

الأمر الذي أكدت عليه العشي بإلقاء اللوم على القائمين على الدين في هذه المسألة؛ “لأن الدين يلعب دور حاسماً في هذه المسألة لو أن القائمين عليه التزمو بدورهم في التوعية بحرمة الحرمان من الميراث, خاصة وأن دور الدين واضح من هذه الناحية “.

 

المحامية زيتون توضح أن “الميراث تحديدا تم توضيحه وتفصيله في ثلاث آيات من سورة النساء؛ ذلك لأن الله تعالى يعرف النفس البشرية, كما ذكر الله تعالى ثماني أنصبة مختلفة للمرأة بينما حصر الأنصبة الخاصة بالرجل بأربعة أنصبة، “فإذا كان الدين قد أعطانا هذه الحقوق, فمن له الحق بأن يحرمنا إياها؟”.

 

وجاء قول وزير الأوقاف عبد السلام العبادي مؤكداً على دور الوزارة المتمثل بتخصيص مساحة معينة من خطب الجمعة تعنى بقضايى التوعية الاجتماعية من منظور ديني.

 

يوشير إلى أن “هناك مواضيع موثقة لخطب الجمعة في الوزارة, وهي تتضمن جميع المواضيع التي تهم المجتمع”.

 

وأما عن أهمية الرقابة المطبقة على شيوخ المساجد والخطباء فيقول العبادي “نحن نعمل بمبدأ أرسل حكيماً ولاتوصه”.

 

هذا ويشكل وعي المرأة في هذه الحالة عاملاً أساسياً في التقليل من نسبة النساء المحرومات من نصابهن من الميراث بحسب ما توضح لنا المحامية زيتون بقولها “لقد أعطاك الدين هذا الحق, فعدم مطالبتك بهذا الحق يعني أنك لست واعية بهذا الحق, فإن كان هذا مشروعاً في الدين والقانون فلما الخوف من المطالبة به”.

 

وتجدر الإشارة إلى أن قانون الأحوال المدنية يسمح بالتخارج أو التنازل عن النصاب المعين من الميراث بعد ثلاثة أشهر من الوفاة, الأمر الذي يضمن مضي فترة الحزن، ما يعطي فرصة للمرأة لاتخاذ القرار السليم في التخارج عن نصابها أو لا, بحسب ما أوضحت لنا إنعام العشي.

 

وتضيف: “لكن الأصح من هذا هو أن يتم التعديل بأن ينتقل الإرث إلى الذمة المالية لمستحقيها, أياً كان نوع الأموال ومن ثم يتم التخارج بعد أن يأخذ كل ذي حقٍ حقه”.

 

وأشارت دراسة أجريت من قبل تجمع لجان المرأة الوطني الأردني، إلى أن نسبة النساء الواتي يدركن حقهن في الميراث تبلغ 91%, بينما تمثل نسبة النساء المؤهلات للحصول على ميراثهن وحصلن عليه هي 26% فقط.

أضف تعليقك