من يغتال حلم المعاقين بالعمل ؟

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الانسان- غدير الجلاد
التحقت إسراء بعد تخرجها من الجامعة الأردنية بصفوف البطالة، بعد ان واجهت جمهورا عريضا من أصحاب العمل الذين لا يرغبون بتشغيل أشخاص من ذوي الإعاقة في مؤسساتهم.

بعد رحلة طويلة ومضنية للبحث عن عمل قررت إسراء العودة إلى مقاعد الدراسة في نفس الجامعة لتحمل شهادة دبلوم عالي في صعوبات التعلم.

وتقول إسراء: “عندما يرى أصحاب العمل سيرتي الذاتية يعجبون بما تحتويه من دورات وشهادات لكن عند المقابلة يكتشفوا أن لدي مشكلة بصرية ويتم رفضي بناء على ذلك، عندها أحس بمشكلتي التي لم أدركها من قبل، وأن سنين الدراسة الجامعية والدورات الإضافية كانت بلا فائدة والبحث عن عمل كان دون جدوى”.

لم تعكس تجربة إسراء في البحث عن عمل معاناة الخريجين بشكل عام، إنما تحمل بين سطورها مشكلة يواجهها ذوي الإعاقة بالحصول على حق لهم منحهم إياه القانون ويشترك أصحاب الأعمال ووزارة العمل في سلبهم إياه.

ويؤكد رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض أهمية دور وزارة العمل في تلك المسألة؛ منطلقة من مسؤوليتها لتطبيق القوانين العمالية جميعها بما فيها قانون تشغيل ذوي الإعاقة. ففيما تبلغ نسبة العاملين من ذوي الإعاقة حوالي 12 بالمئة من إجمالي عددهم بالأردن بحسب تقرير صادر عن مرصد الحركة العمالية الأردني لواقع تشغيل ذوي الإعاقة فإن المشكلة تكمن بضعف جهاز الرقابة التابع لوزارة العمل، فيقول عوض: “هناك ضعف في المخصصات ينتج عنه ضعف في كفاءة المفتشين أنفسهم بالتالي عدم تطبيق القوانين الجيدة الموجودة لدينا في الأردن؛ ولا ينعكس ذلك على واقع تشغيل ذوي الإعاقة فحسب وإنما يشمل الضعف جميع الجوانب، ودليل ذلك كثرة الانتهاكات التي يتعرض لها عدد كبير من العاملين”.

وليست مؤسسات القطاع الخاص وحدها من تنتهك حق ذوي الإعاقة في العمل وإنما القطاع العام شريك أيضاً في القضية بحسب أحمد عوض: “إذا كان قانون العمل الأردني ينص على تشغيل 4 بالمئة من ذوي الإعاقة في المؤسسات البالغ عدد العاملين فيها من ثلاثين إلى خمسين عامل فإن نسبة التشغيل الحقيقية تبلغ في القطاع العام 1 بالمئة وفي القطاع الخاص فهي أقل من ذلك”.

أمر ينفيه الناطق الرسمي باسم وزارة العمل هيثم الخصاونة فيقول : “نقوم بإلزام أصحاب المؤسسات بتشغيل ما نسبتها 4 بالمئة من ذوي الإعاقة على اعتبار أنه واجب اجتماعي، ولا نتعامل مع المؤسسات من مبدأ هناك قانون يلزم بتشغيل نسبة معينة وإذا خالف القانون فإنه سيعاقب لا ليس الأمر كذلك”.

هذا وتبدي إحدى الباحثات عن عمل ولاء الجماعين استياء من نهج وزارة العمل كجهة مسؤولة عن إيجاد حل لمشكلة العمال ذوي إعاقة أو غير ذوي أعاقة، فتقول: “لدينا قدرات ونحن قادرين على المنافسة بسوق العمل ولا نريد أن نأخذ حقنا بالعطف لكن هناك قانون يفرض تشغيلنا فلماذا لا يعمل به”.

وتؤكد ولاء الجماعين أنه على الرغم من كثرة الجهات والمؤسسات التي قدمت لها كانت دائماً تتلقى الرد بعدم قدرتها على القيام بالمهام الموكلة إليها وبالتالي فهي غير لائقة صحياً, وتوافقها بالرأي إسراء التي تقول : “أنا لست كفيفة وإنما ضعيفة بصر أي أنني قادرة على الرؤية بشكل جزئي لكنهم غير مقتنعين بقدرتي على العمل، وهذا يدل على عدم تشغيلهم للمعاقين بغض النظر عن شدة الإعاقة وطبيعتها”.

تضيف: ” إن التعميم صفة سلبية تنعكس آثارها على حياتنا بشكل كبير نحاول جاهدين تغييرها, والأمر صعب جداً فذوي الإعاقة المثقفين والمتعلمين كثيرون إلا أنهم لم يستطيعوا إلى الآن تغيير تلك النظرة الرعائية, والعمل مجرد قضية رمزية”.

فيما توضح رئيسة قسم التشغيل في مديرية التشغيل والتدريب رابعة الحج حسن:” ليس رئيس العمل هو من يقرر ما إذا كان العمل غير لائق بل العمل نفسه ومفتش العمل هو من يقرر أن تشغيل الشخص المعاق صحيح أو مخالف. وكل ما يخالف قانون العمل ومواده يعاقب عليه القانون” وتضيف: “دور صاحب العمل هو تحديد ما إذا كانت طبيعة العمل ملائمة للشخص المعاق حسب حاجاته”. رأي استثار حفيظة كثير من الناشطين الذين كان رأيهم مخالفا تماماً فتقول ولاء نافية: “أستطيع تقييم قدراتي على القيام بهذا العمل وذاك وتحديد حاجاتي الخاصة بي في المكان وليس رئيس العمل؛ المشكلة أن بعض المؤسسات غير مهيئة بيئياً لاستقبال عدد من العاملين من ذوي الإعاقة إذاً ليس عدم لياقتي وقدرتي وإنما التعميم الذي ما زال أصحاب العمل ومطبقين القوانين يغرقون به”. وتضيف إسراء مؤكدة الرأي السابق: “لا أقوم أصلاً بالتقديم لوظائف لا أستطيع القيام بها لأطرد من عملي. أنا أدعو أصحاب الأعمال بالاستفادة من مهلة الثلاث أشهر الأولى التي تتيح الفرصة لصاحب العمل بإنهاء خدمات العامل من غير دفع تعويض له إذا لم يقم بمهمته على الشكل الصحيح”.

ورغم أن وزارة العمل هي المسؤول الأول عن تفاقم حجم بطالة ذوي الإعاقة إلا أن عائقاً إضافياً يقف أمام حصولهم على العمل فيقول عوض: “حقيقةً هناك قلة وعي في آلية التقدم بشكوى ومتابعتها وكذلك ضعف في معرفة الحقوق والواجبات ليس من قبل شريحة ذوي الإعاقة وحسب بل هي الغالبية الساحقة من العمال”.

إلا أن رابعة الحج حسن تؤكد على الدور التوعوي المناط بوزارة العمل والمتمثل بتقديم دورات توعية بالحقوق والواجبات وكذلك أهم الأمور التي يجب القيام بها عند مقابلة العمل أو الحصول على عمل جديد, ويضيف هيثم خصاونة: “إذا خير صاحب العمل بين العامل ذو الإعاقة والآخر غير ذو إعاقة فإنه دائماً يختار الأخير لكننا ننصح الأفراد بالتقدم بشكوى ل

وزارة العمل ونحن نقوم بالإجراء اللازم الذي يقضي بحل ودي مع صاحب العمل وإعطاء المؤسسة فرصة للتصويب فهدفنا ليس العقوبة”.

إذن فالقرار بالنهاية لصاحب العمل؛ وإذا كان كذلك أين هي سيادة القانون وأين هو دور مؤسسات المجتمع المدني المطالبة بحق ذوي الإعاقة بالعمل، وإذا كان الاستقلال المادي هو أهم أهداف الشخص ذو الإعاقة لضمان حياة كريمة هل ما زال الحق بحاجة لجهود عظيمة لتحصيله أو أن أصحاب العمل ما زالوا لا يفرقون بين الحق والمنحة في ظل المادة 13 من قانون العمل الأردني ويريدون نصاً أوضح من ذلك!