غياب المعرفة بالجماعات الدينية يشكل انتهاكا لأفرادها
وثائقيات حقوق الإنسان-وطن ومعتقد- هديل البس
في مجتمع كمجتمعِنا الاردني، لا تقتصر معتقدات مواطنيه على المعتقداتِ والاديان الشائعة والمعترف ِبها، بل تتنوع المعتقدات ُ والاديانُ بين المواطنين بغض النظر عن النسب التي يشكلونها في تركيبة المجتمع الاردني.
ورغم وجود ِ متبعي معتقدات ٍواديان ٍ مختلفةٍ كالبهائية ِ والدرزية ِ والانجيلية والشيعية ِ واللادينية،إلا أن هنالك غيابا للمعرفة ِ الواضحة ِ لهذه المعتقدات ، مما انتج سوءَ فهم ٍ مجتمعي ٍ تجاه أتباعها ونظرة ًسلبيةً قد تتحسن مع مزيد من المعرفة بها.
عدم المعرفة وسوء الفهم
احمد خليل 50 عاما يقول”ليس لدي علم بوجود ديانات اخرى في المجتمع الاردني سوى الاسلامية والمسيحية وان وجدت فهي قليلة”، الا انه لا يمانع التعامل مع من ينتمي لتلك الجماعات”، ولكن دون الخوض معهم باي نقاش يتعلق بالمعتقدات الدينية.
ولا يختلف موقف ناصر جميل 44 عاما عن احمد، فهو لا يعرف ايضا سوى الديانة الاسلامية والمسيحية وليس لديه فكرة عن الديانات الاخرى “.
اما معن القدومي 30 عاما ، فيرى ان الدين الاسلامي هو دين معتدل ولا يعترف بالاديان والمعتقدات الاخرى باعتبارها خاطئة، فهم اشخاص منطوون على انفسهم لانهم مدركون انهم على خطأ”.
يواجه الاشخاص المنتمون لجماعات مختلفة نظرة سلبية اتجاههم ،سهى ذات 57 عاما المسيحية الانجيلية شعرت بالتمييز ِ المجتمعي ِ منذ التحاقِها في احدى المدارس ِالحكوميةِ، والذي لم يتوقف وصولا إلى دراستهِا الجامعية.
ولا تقتصر النظرة السلبية على الاديان المختلفة بل تشمل اتباع الدين الواحد بين المذاهب المختلفة.
وتسرد سهى موقفا حدث معها اثناء تواجدها في احد الكنائس غير الانجيلية بهدف دراستها التعاليم الدينية بقولها ” نتعرض باستمرار من نظرة مختلفة من قبل المسيحين غير الانجيلين مما ينعكس ذلك بتعاملهم معنا، ففي احد الايام اخرجنا احد القسيسن من كنيسته واغلق الباب في وجهنا ومنعنا دخول كنيسته “.
اما سفيان 26 عاما والذي يصف نفسه بانه لا دينيُ المعتقد، فيستهجن نفورَ البعض منه وعدم ارتياحِهم لدى معرفتهِم بانه لا دينيّ ،واجه سفيان سوءَ الفهم المجتمعي ِ في مدرسته، الامر الذي خفت حدتُه اثناء الجامعة، حيث “كان البعض يعتبرني انسانا جاهلا واخر يسئ لي ويعاملني باحتقار “.
الا انه تعرض الى انتقادات ٍ لاذعة ٍ بسبب ِ نشره لاحدى المقالات التي تتحدث عن الاسلام المعاصر ِ في جامعته في الولايات المتحدة “هوجمت من قبل الجالية المسلمة واعتبروا مقالتي انتقادا للاسلام ووصفوني بان ايماني ضعيف “.
بينما يرى فارس النعيمي 35 عاما أحد أتباع الديانة البهائية أن “عدمَ معرفة ِ بعض ِ الاشخاص ِ عن الديانة البهائية ِ ادى الى سوء ِ الفهم المجتمعي، ولكن سرعانَ ما يزول لدى معرفتهم بالبهائيين بشكل ٍ معمق.
ويعود سوء الفهم المجتمعي بحسب فارس نتيجة القراءات الخاطئة والحصول على معلومات غير دقيقة عن البهائيين”.
ومن احد ِ المواقف التي تعرض لها النعيمي والتي تعكس نظرة َ المجتمع ِالسلبية تجاه اتباع الديانة البهائية هي تردد كلمة “انتم جماعة كويسين ولكن ياريتكم زينا”.
أما في مجال العمل، فتختلف وجهات النظر تجاههم باختلاف بيئة العمل، تعرضت السيدة زكية ابو زكي من المذهب الدرزي لمضايقات ٍ خلال عملِها في احد ِ المصانع وذلك نتيجة َالنظرة ِ السلبيةِ المسبقة التي يحملها المجتمعُ تجاه الدروز،” فصاحب العمل كان دائما يحذر العاملين في المصنع مني، ويقول لهم باني ساحرة واضرب واقتل “.
فيما لم يجد سفيان صعوبة ً بتعامل ِ زملائه معه في العمل ِ كونه لا ديني ِ المعتقد، باسثناء ِ ما يواجهه أثناء َ شهر ِ رمضان.
إلا أن النعيمي لم يذكر أنه تعرض الى اي ِ نوع ٍ من التمييز من قبل زملائه في العمل، فكان صاحب العمل حريصا على اعطاءه اجازاته في الاعياد السنوي للبهائيين.
غياب الاعلام عن قضايا الجمعات
وما يزيد من تلك النظرة السلبية اتجاه تلك الجماعات الدينية المختلفة تناول الاعلام لقضايا الاقليات الدينية الذي لا يخلو من تحيز وعدم الحيادية، وهو ما يعكس النمطية َ في التفكير ِ المجتمعي ِ نفسِه.. خلافا للتعاطي المتزن ِ للإعلام ِ في الدول ِ المتقدمة مع هذه الملفات، فدورُ الاعلام ِ يتمثل بالسعى على تشجيع ِ كل ِ فئة ٍ للتعبيرِعن ذاتِها بحرية ، بحسب استاذ الاعلام في المعهد الاعلام الاردني يسار الضرة.
ولا تنتهي المعضلة عند تحيز الاعلام في تناول تلك المواضيع فردودُ المواطنين من خلال تعليقاتِهم على المواد ِ الإعلامية ِ التي لا تخلو ايضا من التعصب ِوعدم الحيادية.
ويضيف الضرة ان “ردود فعل المواطنين على تلك المواضيع تكون على الاغلب متطرفة جدا، مشيرا الى ان هذه الفئة ليست كبيرة في المجتمع ، ولحسن الحظ انهم قلة “.
من جانبه، اكد الصحفي محمد عمر رئيس تحرير موقع البوابة ان “عدم الكتابة عن هذه الجماعات الموجودة بالاصل في المجتمع هي محاولة لتهميشهم وتغيبهم عن المجتمع ، فالمواطنة بالاصل قائمة على اساس التعددية “.
ويضيف عمر ان الاعلام الاردني مقصر بتناول مواضيع الاقليات من كافة الجوانب سواء توعوية او اخبارية او حتى تعريفية، “فهو يقتصر على تناوله لمواضيع جماعة واحدة الشائعة بالمجتمع “.
ويرى عمر ان الاعلام له دور كبير بتغطية نشاطات وفعاليات تلك الجماعات ويتوجب على الملاحق الاسبوعية في الصحف الحديث عنهم والتعريف بمعتقداتهم ” فعدم الكتابة يزيد من التعصب والغموض اتجاههم ويجعلهم عرضة للاشاعات “.
وللتخلص من تلك النظرة والتعصب حيال من يحملون معتقدات مختلفة يقول عمر ” على المجتمع التعريف بنفسه ومكوناته وبالاخرين دون حيادية “.