حقوق الإنسان في الإعلام: مطلوب رؤية حقوقية وشجاعة

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان- سوسن زايدة
بمناسبة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتجدد الجدل حول دور الإعلام في دعم قضايا حقوق الإنسان. وفي ظل التطورات السياسية الأخيرة والحراك الشعبي وما رافقه من اعتقالات واعتداءات يرتفع سقف التوقعات من الدور المأمول للإعلام في هذا المجال.

منظمات مجتمع مدني بادرت لإنشاء وسائل إعلام متخصصة في قضايا حقوق الإنسان وتأهيل صحفيين للكتابة في المجال. وسائل إعلام ركزت اهتمامها على تغطية هذه القضايا، وأخرى خصصت صحفيون لمتابعة انتهاكات حقوق الإنسان.

مركز حماية وحرية الصحفيين أصدر بداية الشهر الماضي العدد الأول من صحيفة “برندة” المتخصصة في قضايا حقوق الإنسان، ووزع 15 ألف نسخة مجانية مرفقة مع صحيفة الغد.

رئيس تحريرها، وليد حسني، يوضح أن الصحيفة متخصصة في “تطبيقات الإعلام وحقوق الإنسان، أي كيف تتجلى الشرعة الدولي ومنظومة حقوق الإنسان العالمية في الإعلام، وذلك عقب سلسلة من الدورات والحوارات مع عدد كبير من الصحفيين لتوظيف الشرعة الدولية في حقوق الإنسان في كتابات الصحفيين ومدى انطباقها على القوانين المحلية في هذا المجال، وتعزيز هذه القضايا وتثقيف الصحفيين فيها”.

تقصير الصحفيين

صحيفة “برندة” تعتمد على مجموعة من الصحفيين العاملين في مؤسسات إعلامية أخرى، ويعاد نشر تقاريرهم في وسائل الإعلام التي يعملون فيها. وقد يدلل ذلك على عدم وجود موقف لدى وسائل الإعلام من نشر تقارير تتعلق بقضايا حقوق الإنسان.

“المشكلة” في تغطية وسائل الإعلام لقضايا حقوق الإنسان، وفقا لحسني، “غير متعمدة وترتبط بالصحفيين أنفسهم وليس بمؤسساتهم الإعلامية. الصحفي يستسهل الكتابة من دون الرجوع إلى الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان”.

تبعية مؤسسات الإعلام

في حين يرجع مدير ورئيس تحرير الموقع الإخباري “جو24″، باسل العكور، “المشكلة الرئيسية إلى إدارات الإعلام المرعوبة، غير المستقلة والتابعة والطامحة لمكاسب مادية ومناصب، والتي تلاحق الصحفيين العاملين فيها والراغبين بأداء دورهم كما يجب”.

ويشدد العكور على دور “حالة الهيمنة والتغول الرسمي على مختلف وسائل الإعلام، التي أدت إلى غياب التغطية الموضوعية والمهنية، وبخاصة المتعلقة في حقوق الإنسان الأساسية، وبالتالي ساهم في تراجع دور الإعلام في حماية حقوق الإنسان”.

وخارج دائرة التركيز الأمني والحكومي، حيث القضايا الحقوقية الاجتماعية، مثل حقوق فئات اجتماعية كالنساء، الكهول والأطفال وغيرها، يقر العكور بوجود تقصير في تغطيتها نتيجة غياب الوعي بين الصحفيين بأهمية هذه القضايا. ويحمل الصحفيين مسؤولية ذلك. ويعزوها للامكانات المحدودة وكوادر الصحفيين غير الكافية أو غير مؤهلة لتغطية هذه الموضوعات بشكل حرفي ومهني، بالإضافة إلى الوقت وترتيب الأولويات. “فالقضية الأبرز التي تشغل المواطنين في هذه المرحلة هي الإصلاح السياسي والأزمة الاقتصادية، وقضية اعتقالات الناشطين المطالبين بالإصلاح”، بحسب العكور.

ويلفت إلى وجود “انتهاك صارخ لحق الإنسان في حرية استخدام الانترنت من دون وصايا أو سيطرة من أية جهة، من خلال قانون المطبوعات والنشر الجديد الذي أقرته الحكومة السابقة وتنفذه الحكومة الحالية”.

الحدث يفرض نفسه

“الحدث المتعلق بالحراكات الشبابية والشعبية وما رافقه من قضايا مرتبطة بحقوق الإنسان من اعتقالات، توقيف، ضرب واعتداءات، فرض نفسه في الفترة الأخيرة على وسائل الإعلام”، يقول مدير قسم المحليات في صحيفة الغد، محمد سويدان.

ويرى أن “الغد تميزت في هذا الموضوع حيث تناولته من أكثر من جانب: التغطية الخبرية للأحداث، التحليلات واللقاءات لتسليط الضوء على الأحداث”، مضيفا أن الغد تهتم كذلك بقضايا حقوق الإنسان غير مرتبطة بأحداث راهنة من خلال تغطيات دائمة وتحقيقات لصحفيين متخصصين في قضايا الأطفال، العمالة الوافدة، وكبار السن.

طغيان وجهة النظر الأمنية

تغيب قضايا حقوق الإنسان عن الإعلام، بالنسبة للصحفي المتخصص في حقوق الإنسان في راديو البلد وموقع عمان نت، محمد شما. “نجد وجهة النظر الأمنية فقط في تغطية انتهاكات يتعرض لها مواطنون، مثل التعذيب في مراكز التوقيف المؤقت، ينقلها الإعلام عن مديرية الأمن على أنها “ادعاءات” لمواطنين”.

ويلفت شما إلى سعي منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق الإنسان لتطوير أدائها في التعامل مع الإعلام عبر ورش عمل ولقاءات بين الطرفين. لكن المطلوب من المنظمات أيضا “تزويد الإعلام باحصاءات ومعلومات وتحليلات ومواقف”، مشيرا إلى اتهامات بعض المنظمات لبعض الصحفيين “بأنهم لا يشاركوا في نشاطات المنظمات إلى إذا دعيوا إلى غداء أو عشاء، وقد ينطبق ذلك على بعض الصحفيين”.

مطلوب رؤية حقوقية وشجاعة

من وجهة نظر منظمات ونشطاء حقوقيين المطلوب من الإعلام “الاعتراف بالدور الإيجابي لمنظمات حقوق الإنسان، الرؤية الحقوقية للقضايا والأحداث، الشجاعة الكافية في تناول هذه الموضوعات لمواجهة الضغوطات” تقول مديرة شبكة النساء العربيات والناشطة الحقوقية، ليلى حمارنة.

وتتابع: “ما زال هناك عدم تناغم بين المجتمع المدني والإعلام، لكن ليست كل وسائل الإعلام سيان، هناك من يبحث عن الجديد ويواكب الحركة الجماهيرية ومؤسسات المجتمع المدني”.

للإعلام، وبخاصة الإعلام الاجتماعي الجديد، كما ترى حمارنة، “دور رئيسي في عمل منظمات حقوق الإنسان، ولهما مصلحة مشتركة فكلاهما يعانيان من قيود وانتهاكات لحقوقهما. وفي المرحلة الأخيرة تعرض كلاهما لهجوم مركز”.