تضامن : تحديد جنس الجنين ترسيخ للتمييز ضد النساء

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان-
1.5- مليون أنثى حول العالم هن ضحايا لتحديد جنس الجنين سنوياً ، هذا ما أشار اليه تقرير صدر في شهر أيلول 2012 عن مكتب الاحصاء السكاني (PRB) ومقره واشنطن .

فالتقدم التكنولوجي في المجال الطبي الذي يتيح إمكانية تحديد جنس المولود قبل الولادة إضافة الى تدني كلفة هذه التكنولوجيا وتوفرها في معظم دول العالم ، والتوجه نحو أسر قليلة العدد لا يتجاوز عدد أفرادها ثلاثة أو أربعة أشخاص لأسباب مختلفة ومتعددة ، إضافة الى التقاليد والعادات التي ترسخ التمييز ضد الإناث من خلال تفضيل المواليد الذكور ، كلها تشكل عوامل مترابطة تؤدي ال تزايد عدد الإناث ضحايا تحديد جنس المولود ، وتؤدي على المدى الطويل الى إخلال في التركيبة السكانية للمجتمعات مما يرتب آثاراً لا يمكن تداركها إذا لم يتنبه العالم الى خطورة ذلك.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن المعدل العالمي لعدد الولادات من الذكور بالنسبة لعدد الولادات من الإناث يتراوح بين 102 - 107 (لكل 100 حالة ولادة) ، غير أن هذا الرقم يصل الى أرقام قياسية في بعض الدول ، فمثلاً في الصين وصل الى 118.1 (عام 2009) وفي أذربيجان 117.6 (عام 2009) وفي أرمينيا 115.8 (عام 2008).

وفي الوقت الذي لا تكون فيه معارضة قوية بين الأسر لوجود إناث اذا كان هنالك ذكور ، إلا أن هذه المعارضة تتسع لتصل الى درجة تحديد الجنس في حال عدم وجود ذكور أو كانت الولادات الأولى هي من الإناث ، ففي أرمينيا مثلاً (2001 - 2009) كانت نسبة الذكور الى الإناث عند الولادة بالنسبة للمولود الأول 106.8 وأرتفعت بالنسبة للمولود الثاني الى 110.4 لتصل عند المولود الثالث الى رقم قياسي وهو 176.9. في حين لا تكترث الأسر بمسألة تحديد جنس المولود ليكون أنثى في حال وجود ذكور في الأسرة الواحدة وعدم وجود إناث.

وتنوه "تضامن" الى أنه وبالرغم من أن نسبة الذكور الى الإناث من عدد السكان في الأردن ضمن المعدلات الطبيعية وهي 103 ، إلا أن ما يثير المخاوف أن هذه النسبة هي أعلى بين فئة الأطفال حتى عمر 15 عاماً حيث تصل الى 106 (أي أنه يقابل كل 106 ذكور 100 أنثى)، وهذا مؤشر على بداية تأثير تحديد الجنس قبل الولادة على إرتفاع نسبة الذكور كما يؤدى الى تناقص عدد الإناث مما ينذر بمشكلات ديمغرافية مستقبلية تخل بالتوازن الطبيعي بين الجنسين. كما وتشير دائرة الإحصاءات العامة الى أنه وحسب إحصاء السكان عام 2010 فإن عدد سكان الأردن بلغ 6.113 مليون نسمة وأن نسبة الذكور 51.5% مقابل 48.5% إناث.
وتؤكد "تضامن" على أن ذلك كله يعد إنتهاكاً لحقوق النساء التي أقرتها الإتفاقيات الدولية كإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، وترسيخاً للتمييز وعدم المساواة بين الجنسين. كما وأنه يتعارض مع ما إعتمدته 184 دولة بما فيها الأردن خلال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994 والذي عرّف الحقوق الإنجابية وأعطى الحق للأفراد رجالاً ونساءاً في تحديد إختياراتهم الإنجابية بحرية ولكن دون تمييز.

وتطالب "تضامن" بضرورة التوسع في جمع المعلومات حول معدلات الولادة فيما بين الذكور والإناث من قبل الجهات الحكومية وبشكل تفصيلي وإتاحتها لوضع إستراتيجيات على المستوى الوطني للحد من ظاهرة التمييز بين الجنسين بتحديد جنس المولود قبل الولادة ، ودراسة أسباب إرتفاع هذه النسبة بين من تقل أعمارهم عن 15 عاماً للعمل على الحد من الظاهرة ومعالجة الأسباب الكامنة وراءها قبل أن يستفحل الأمر ولا تكون الوقاية منه أو تداركه ممكناً.

كما وتطالب "تضامن" بالإستخدام الأمثل والضروري لتقنيات الطب الحديثة التي تحدد جنس المولود قبل الولادة وعدم التوسع في إستخدامها ضماناً لعدم التمييز بين الجنسين وأن يكون ذلك الإستخدام مراعياً للنسب العالمية الطبيعية للولادات ودون إخلال بالتوازن السكاني في المجتمعات.

وتدعو "تضامن" الى الوقوف الى جانب الأسر التي لديها طفلات ، من خلال التوعية بأن النساء قادرات على المشاركة في مختلف الميادين الإقتصادية ، الإجتماعية ، الثقافية والسياسية وأن دورهن في الأسرة لا يقل عن دور الذكور، لذلك فإن "تضامن" تدعو الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني الى التركيز على إصلاح القوانين من خلال تعديل النصوص التي تمييز ما بين الرجال والنساء وصولاً الى المساواة بين الجنسين ، كما وتؤكد على أهمية تغيير النظرة المجتمعية النمطية الداعمة للمواليد الذكور على حساب المواليد الإناث من خلال برامج التوعية الموجهة للأسر، ومن خلال دعهم للنساء والفتيات للإنخراط في مجال التعليم والعمل والمشاركة في الحياة السياسية وتقلد المناصب العليا والمشاركة في صنع القرار.

وتؤكد "تضامن" على أن تحديد جنس المولود قبل الولادة والإهمال والإنكار بعد الولادة للإناث يشكلان عقبة جديدة وجدية أما مساعي تحقيق المساواة بين الجنسين، ونواة لزعزعة التوازن السكاني للمجتمع على المدى الطويل.

أضف تعليقك