المياه العادمة تخترق "مخيمات" وتحجب حياةً طبيعية عن لاجئيها

الرابط المختصر

* التلوث الصحي يؤثر على أطفال مخيمات “غزة” و”بقعة” و”حطين” *مناهل صرف صحي مغلقة منذ زمن في “البقعة” و”حطين” * الحفر الامتصاصية مستلزم أي منزل في مخيم غزة

 

إلى “غزة”

دقت الساعة الثامنة صباحا، انطلقنا حينها باتجاه مخيم غزة او ما يعرف بمخيم جرش احد مخيمات “الطوارىء” الثلاثة عشرة في المملكة، والذي  يبُعد حوالي خمسون كم شمال غرب عمان.

 

ما ان وصلناه حتى تعثرنا بقنوات الصرف الصحي المكشوفة تشق طريقها بين زقاق المخيم، حيث تجري المياه العادمة بسرعة، وسط نفاث راحئتها الكريهة.

 

ليس غريبا أن تسيطر على مجالس سكان المخيم، الأحاديث المتعلقة عن “إبادة الحشرات والقوارض والبعوض وأهمية مقاومتها” لطالما تعاظمت أعدادها جراء “القنوات المفتوحة” ، والتي تتشابه مع قنوات مياه الشرب التي تروي المزروعات “كأنها تسقي السكان بالتلوث”، وتلك سخرية من واقع الحال على حد قول أحد السكان إلينا.

 

25 ألفا و980 لاجئا يقطنون في هذا المخيم، بحسب لجنة تحسين المخيم، حيث الغالبية هم من أبناء قطاع غزة الذي لا يحملون ارقاما وطنية. يعتمدون في تصريف مياه المجاري لديهم على القنوات المكشوفة التي تنتشر في كافة ارجاء المخيم.

 

يقوم كل صاحب منزل بمد انبوب أو قناة من منزله الى القناة الرئيس لتصريف مياه الغسيل والمطبخ من خلالها، او تركها تتسرب عبر الشارع لتصل الى القناة التي عادة ما تكون قريبة للمنازل.

 

كما يعتمدون على الحفر الامتصاصية، والتي يمنع انشاءها خارج المنزل بل داخله ، وهذا ما يصفه احمد القاضي احد  وجهاء المخيم بالـ”قنبلة الموقوتة قد تنفجر في اي لحظة”، ويقول

” تؤثر الحفر الامتصاصية على مساحة المنازل التي تصل 96 متر مربع ، حيث تصبح التربة طرية ، وممكن ان تتسبب بتلوث اذا اشتبكت مع خط مياه قديم ” .

 

لا يوجد تفسيرا واضحا لسكان المخيم، من قصور الجهات من واقع قنوات الصرف الصحي، حيث تزداد المشاكل كلما ازداد عدد السكان. الستيني “أبو علي” يجد هذا الوضع بالمصيبة الكبرى، حيث تأثر القنوات المشكوفة على صحتهم مباشرةً.

 

” منذ 40 سنة ونحن نعيش على الوعود ، كل المخيمات مخدومة بصرف صحي سوى مخيم غزة”، يقول أبو علي.

 

على أن الفقر سمة سكان المخيم وبنسب بطالة وصلت إلى 39% وفق دراسة مكتب تنمية المجتمع  المحلي التابع للاونروا، فان بعض العائلات لا تملك القدرة المالية لافراغ محتويات الحفر الامتصاصية لديها، والتي تترواح ما بين 20-50 دينارا .

 

تقسم “الأنروا” ودائرة الشؤون الفلسطينية المخيم تنظيميا الى قسمين بلوك A وبلوك B  يفصل فيما بينهما شارع رئيس. اثناء مرورنا في منطقة A صادفنا الخمسينية “أم احمد” حيث تجلس قبالة منزلها وبالقرب من قناة المياه العادمة التني تمر من امام منزلها، “نضطر للجلوس رغم الروائح الكريهة، ذلك لعدم وجود متنفس لنا سوى ابواب منازلهم”. وواحدة من أحلام السكان “مدنا بشبكة صرف صحي، غير ذلك، ماذا نفعل؟ فمن هو محظوظ يملك حفرة امتصاصية ويدفع مبلغ 50 دينارا لامتصاصها شهريا”.

 

وحال سكان منطقة A  يتشابه إلى حد كبير بحال سكان منطقة B ، وفي تقريب للصورة تحدثنا مع السيدة نادية إحدى ساكنات المخيم، عن واقع حالهم والذي يزداد صعوبة من الانتشار الكبير للقوارض، ” في يوم، خرجت فئران من حمام منزلي، فكيف لكم من تخيل حالنا النفسي، فلا احد يرغب بسماع مشاكلنا التي نعانينها من عدم وجود شبكات صرف صحي “.

 

نادية والتي كانت تقف مع جمهرة من جاراتها، ترى أن ما يحدث لهم نتيجة عدم وجود خدمة الصرف الصحي، هو مخالفة لحقوقهم الأساسية في الحياة السليمة، ” كم نشعر بالاهانة مع هذه الاوضاع  حيث المجاري المكشوفة ، الروائح الكريهة ، التلوث ، ننام مع الجرذان !!” .

 

وتجري المياه العادمة في القنوات المكشوفة انتهاء بوصولها لسيل الزرقاء، حيث تسير من خلال القنوات لتتجمع في قناة رئيسة واصلة بدورها الى منطقة عمامة المجاورة للمخيم  والتي هي عبارة عن اودية ومنها  لتصب في سيل الرزقاء .

 

 

انقطاع المياه في المخيم يزيد مشاكل الصرف الصحي :

انقطاع المياه عن معظم سكان المخيم لمدة  قد تزيد عن شهر، تعظم من مشاكل الصرف الصحي، فهم ينتظرون عادة بفارغ الصبر نزول الامطار، التي بدورها تنظف القنوات من المياه  الراكدة فيها وهذا يخفف قليلا من وطأة الروائح الكريهة، وهو ما ما تؤكده ام علي في حديثها لنا” في الصيف عادة ما تخرج الديدان من تلك القنوات، ذلك نتيجة انقطاع المياه وتراكم المياه النتنة فيها”.

 

“يعاني ابني طوال الصيف من اسهالات يعزيها الاطباء دائما للاصابة بجراثيم ناتجة من تلوث بمياه الصرف الصحي”، تكشف لنا أم علي عن التقارير الطبية المتعلقة بابنها.

 

امراض جراء الصرف الصحي

يواجه السكان خطر الاصابة بامراض عديدة بسبب التلوث الناتج  عن  قنوات المياه المكشوفة، فضلا عن قدم تلك القنوات ما يسمح بتسرب مياه الصرف الصحي لها وهذا ما يؤكده احمد القاضي ” حدث تلوث  عام 2010 نتج عنه 3 اصابات بمنطقتي ابو عمره والعواذرة” .

 

ناديا، هي الاخرى اصيب ابنها بمرض نتيجة لعبه بمياه القناة هو واصدقائه، “عانيت كثيرا من اصابة ابني بجرثومة الزمته المستشفى وذلك بسبب الصرف الصحي”. أما الحاجة وضحى، فهي الاخرى اصيبت بامراض تنفسية سببها الروائح الكريهة المنتشرة في ارجاء المخيم، اراجع الطبيب دائما فقد اصبت بحساسية واحتقان دائم في الحلق “.

 

السيدة ام مراد وكحل تقوم به، تمنع أطفالها من اللعب خارج المنزل، خوفا من تعرضهم لاي تلوث من القناة التي تمر من امام منزلها ، تقول لنا ” اطفالي محرومين من اشعة الشمس ،فانا امنعهم من الخروج خارج المنزل ” .

 

يستغل الاطفال الايام المشمسة كاليوم الذي صادفنا اثناء تجوالنا ، ليخرجوا ويلعبون  فيه  العابهم التقليدية ” ككرة القدم، والقلول”، لكن فرحتهم تلك قد لا تكتمل لانهم معرضون لخطر السقوط في تلك القنوات، او ان تقع احد ادوات لعبهم فيها وهذا ما يجعلهم عرضة للاصابة بامراض.

 

الطفل جبريل كان يلعب وأصدقاؤه قرب إحدى القنوات، بكرة قدم مصنوعة من الجوارب القديمة، حيث سقطت لأكثر من مرة في القناة، وكان يهموا كل مرة لإخراجها ويكملون لعبهم  فيها دون اكتراث..  ” لا اخاف ان تصيبنا امراض فنحن اعتدنا على ذلك ” .

 

 

النظافة وأزمة العمال

يتولى عمال الوكالة في المخيم تنظيف القنوات من النفايات التي تلقى فيها ، لكن لا يقوموا بتنظيفها كاملا من المياه الراكده، وهذا ما يضطر بالسبعيني ابو مصطفى الى تنظيف القناة  التي امام منزله  بنفسه ” اتولى تنظيف القناة التي امام منزلي حتى لا تتراكم المياه وتنتشر الروائح الكريهة والجراثيم في منزلي ” .

 

بعد إطلاعه على واقع حال سكان المخيم؛ يحذر رئيس جمعية الامراض الصدرية، الدكتور خميس الخطاب، أن الجهاز التنفسي هو اول الاجهزة في الجسم التي تتأثر مباشرة من التلوث البيئي الناتج من شبكات الصرف الصحي المفتوحة حيث هذه الشبكات تحمل جراثيم تؤدي الى اصابته بامراض مختلفة كامراض انتانية والتهابية .

 

ويزداد خطر الاصابة بتلك الامراض بحسب الخطاب ” عند المصابين بحساسية الجهاز التنفسي مما يؤدي الى زيادة النوبات المرضية لديهم او امراض مزمنة مثل داء الرئة الانسدادي ، اوالاطفال ” .

                         

الصرف الصحي يصل الى مناطق قريبة 

مخيم غزة مقارنة بالمناطق المجاورة له يعد الاسوأ حالا؛ فمنطقة المنشية التي تبعد مسافة لا تتجاوز كيلو متر عن المخيم مخدومة بالصرف الصحي، حتى منطقة الحدادة التي لا يفصلها عن المخيم سوى شارع بسيط هي الاخرى يصلها الصرف الصحي ، هذا الامر يجعل السكان في حيرة من امرهم عن الاسباب التي للان تمنع الحكومة من توفير شبكات صرف صحي لهم .

 

وصول الصرف الصحي لمناطق قريبة فعليا، يؤكده رئيس لجنة خدمات مخيم غزة احمد العبسي، على الرغم من وجود مشروع للصرف الصحي للمخيم إلا أنه لم يجد النور حتى اللحظة.

 

” مؤسسة التطوير الحضري قامت بعمل مسح للمخيم ووضعت الاشارات اللازمة لعمل شبكات الصرف الصحي فيه من ضمن مشروع كما كنا موعدين بربط المخيم مباشرة مع المحطة الرئيسية التي تم بناؤها لتوفير الصرف الصحي في جرش لكن للان لم يتم ربطنا به “، يقول العبسي.

 

للمخيمات أوضاع خاصة

الجهة المسؤولة عن الصرف الصحي هي وزارة المياه، لذا توجهنا إلى الناطق الرسمي باسم وزارة المياه عدنان الزعبي، الذي يؤكد أن المخيمات لها “وضع خاص يتم التعامل معه عند تنفيذ المشاريع والوزارة تهتم بشأنها وتقدم المشورة للجهات التي تتولى تنفيذ مشاريع صرف صحي فيها “ .

 

يقتصر دور الوزارة فيما يخص “المخيمات” بالنصح والمشورة الفنية، وتواجه الجهات مشكلة في ربط شبكات صرف صحي بالمحطات.  

 

الزعبي، يقول أن مؤسسة التطوير الحضري تتولى تنفيذ مشروع لمخيم غزة ولكن توفير تمويل له  يشكل عائقا امام المؤسسة للبدء بتنفيذه “نحاول الحصول على تمويل لمشروع مخيم غزة ، لان عملية تاهيل شبكات صرف صحي مكلفة جدا “.

 

 اما فيما يتعلق بتلوثات تحصل نتيجة اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي لقدم مواسير المياه وقربها، فيستبعد الزعبي هذا الحديث مؤكدا في الوقت ذاته على” وجود لجنة السلامة العامة في محافظة جرش التي  تتولى  الاشراف على سلامة مياه الشرب ” .

 

إلى “البقعة”

مخاطر سوء الصرف الصحي لا  تقتصر على مخيم غزه فحسب، بل انها تتشابه  إلى حد كبير مع مخيم البقعة والذي يعد احسن حالا مقارنة بمخيم غزة لتوفر شبكات الصرف الصحي فيه منذ عشرون عاما.

 

لكن ذات المخيم الذي يبعد حوالي  20 كيلومترا من العاصمة عمان يعاني من ضعف شبكات الصرف الصحي فيه والتي لا تعمل على تصريف المياه العادمة بشكل سليم، الامر الذي يتسببب بفيضانها على الشوارع العامة، ويزداد حجم المشكلة شتاءا وذلك لعدم قدرة المناهل على تصريف مياه الامطار ما ضطر السكان عبور الزقاق التي تختلط فيها مياه الصرف الصحي مع مياه الا مطار.

 

الزيادة السكانية التي وصلت الى  104.566 فرداً حسب احصائيات وكالة الغوث الدولية . لم يرافقها تحسينا لشبكات الصرف الصحي وفق جولة سكان قابلهم.

 

تعد منطقة الكرامة داخل مخيم البقعة من اكثر المناطق معاناة بمشاكل الصرف الصحي حيث  تعرضت للتلوث مرتين بحسب ما اكده سكان لوثائقيات حقوق الإنسان، كان ذلك منذ ست سنوات.

والتلوث الاخير في شهر اكتوبر العام 2010. ويؤكد لنا مدير دائرة الشؤون الفلسطينية في مخيم البقعة رفيق خرفان أن حدوث التلوث جاء نتيجة  كسر في أحد خطوط المياه التي تزود المنطقة وتسرب مياه الصرف الصحي لها.

 

السيدة ام نادر احدى سكان المنطقة، تضررت من التلوث الاخير، “تفاجئت بمياه كريهة تشبه رائحة المجاري تخرج من حنفية المطبخ”، وتاكدت بوجود تلوث من الجيران الذين حذروا بعضهم البعض من خطر استخدام تلك المياه .

 

وتضيف أن معظم اطفال المنطقة اصيبوا بامراض ناتجة من هذا التلوث فجميع خزانات مياه الشرب في المنازل تلوثت ايضا.

 

ام نادر، تنتقد كغيرها من جاراتها اهمال سلطة المياه لعدم ايجادها حل جذري لاختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي وخاصة بعد تكرار التلوث اكثر من مره، وبحسبها فهي تخاف من شرب مياه الخزانات وتضطر لشراء مياه صحية  ما يكلفها مبالغ مالية اضافية لذلك..السلطة تؤكد لنا دائما بان المشكلة بسيطة ويمكن حلها لكن هذه التطمينات لا تفيدنا خاصة مع تكرار التلوث ، فالسلطة لا تحاول بفحص مياه الشرب بين الحين والاخر ” .

 

جرثومة

اما السيدة ام معاوية فقد تعرض ابنها خلال حادثة التلوث  للاصابة بجرثومة، تروي لنا الحادثة وهي تشعر بالقلق من عودة  التلوث مرة اخرى ” اصيب ابني باسهال وتقيؤ نقلته اثر ذلك الى مستشفى البقعة ، وتبين بالتحاليل المخبرية انه مصاب بجرثومة ” .

 

أم عمر، هي الاخرى تعرض ابنها للاصابة بجرثومة بسبب التلوث، ولكنها لا تستطيع ان تؤمن لعائلتها مياه صحية نظرا لظروفها المالية الصعبة كما تقول لنا ” نلتزم الصمت فلمن نشكي حالنا مع هذا التلوث الذي نعيش فيه ويجعل حياتنا في خطر ” .

 

السيدة، نفيسة تسكن في ذات المنطقة لكن مشكلتها اكبر، ففي باحة منزلها  الخلفية يوجد منهلين للصرف الصحي تعتبران رئيسيتين، يشترك فيها ثلاثة منازل مجاورة لها. عادة ما يفيضان ويغرق منزلها والمنازل الاخرى بمياه الصرف الصحي، وبحسبها فان السلطة على علم بهما ولكن لم تقوم بنقلهما خارج المنزل ، اضافة الى ان زوجها لا يملك المال الكاف لنقل تلك المناهل الى مكان بعيدا عن منزلهما.

 

” تتسبب وجود هذه المناهل بالرعب لنا ، فانا اخاف من سقوط احد ابنائي فيها، اضافة الى الروائح الكريهة ، ومهاجمة القوارض لمنزلي ” .

 

تعيش نفيسة هي وابنائها 8 في غرفة واحدة ، وحالتهم المادية البسيطة لا تسمح لها بعلاج ابنتها التي اصيبت بجرثومة من وجود تلك المناهل بمنزلها كما تقول لنا .

 

منزل خضر ابو شعيب يشترك مع جيرانه في ذات المنهل وفي ذات الهموم، ولا يختلف حال السيد أبو رمضان عنهم أيضا. “بيت ابو رمضان  خضر ابو شعيب” عائلتي 12 فردا ونحن فقيري الحال ولا نمكل المال الكافي لتوفير منهل صرف صحي  لمنزلنا ، فعادة ما تفيض مياه الصرف على منزلي ” .

 

توجهنا إلى مكتب رئيس لجنة خدمات مخيم البقعة محمد العمايرة، واستعرضنا معه واقع السكان، وفي حديثه معنا، عزى الاوضاع لضيق مساحة منازل المخيم التي تصل الى 96 متر مربع فقط. باعتقاده ان ذلك يؤثر على دقة التصاميم لمناهل الصرف الصحي فيها ” المساحة الضيقة تجعل من الصعب التحكم بشبكات الصرف الصحي فيها ، وهذه المشكلة كانت منذ تصميم تلك الشبكات في المخيم “.

 

اما بشأن بعض المنازل التي فيها مناهل صرف صحي كبيرة الحجم فاكد العمايرة انها متعدية على المساحة ولم يتم الحصول على تلك المنازل بالطرق القانونية . “

 

تتولى دائرة الشؤون الفلسطينية ولجنة خدمات المخيم تصريف مياه الشتاء في المخيم ،مؤكدا  مدير مكتب دائرة الشؤون الفلسطينة خرفان على قدم  شبكات الصرف الصحي في مخيم  البقعة. ويضيف خرفان ” لدينا سوء استخدام لمناهل الصرف الصحي من قبل المواطنين ، كما ان لقدم الشبكة فالمناهل لا تستوعب كميات المياه الان ” .

 

منطقة الخليل المجاورة لمنطقة الكرامة هي الاخرى تعاني من اغلاق المناهل فيها بشكل متكرر حيث هنالك يقع مسلخ البقعة والذي يستقبل ايضا الذبائح من مناطق مجاورة لللمخيم ، وبحسب السكان فهو المسؤول عن معظم الاغلاقات التي تحدث ، وتسبب انتشار للروائح الكريهة و الحشرات.

 

مدير مكتب دائرة الشؤون الفلسطينية في البلقاء، رفيق خرفان، يقول أن سوء استخدام مناهل الصرف الصحي في منطقة المسلخ من قبل المواطنين، يزيد الأمور تعقيدا، نافيا ان يكون المسلخ قد يتسبب بمشاكل للسكان  ” المواطنون هم من يقوموا بالقاء النفايات فيه مجاري الصرف الصحي “.

 

الزعبي، بدوره يؤكد على مشروع سيشمل مخيم البقعة  ويتضمن توسعة لشبكات الصرف الصحي فيها بقيمة تصل الى مليون ونصف دينار وسينتهي العام القادم ” .

 

 اما مخيم الجلزون كما يطلق عليه فحكايته حكاية عند سكانه، إذ أن المنطقة تقع  على اطراف مخيم البقعة، حيث كانت مخصصة لحظائر او ما تعرف ب “البركسات” للمواشي والابقار قديما، ولكن اصبح الناس يلجاون للسكن فيها من ضيق الحال فاجرتها قد لا تتجاوز 100 دينار سنويا، وتعتبرها لجنة خدمات المخيم خارج التنظيم لذلك هم غير مخدومين بصرف صحي.

 

و يصل عدد المنازل في المنطقة 20 منزلا  قد لا تتوفر فيها ادنى مقومات البنية التحتية، كما  لا يحصلون على خدمات المياه والكهرباء، إذ أن معظمها مسقوفة بالزينكو، ويعتمدون سكانها على براميل كبديل عن الحفر الامتصاصية  اما المياه العادمة فيصرفونها على الشارع العام .

 

إلى “حطين”

وفي جولتنا إلى مخيم حطين او ما يعرف بمخيم شلنر فهو الاخر تتشابه مشاكل الصرف الصحي فيه مع مخيم البقعة، يقع في جنوب غرب الزرقاء ويبعد حوالي 10 كم عن شمال عمان.

 

يواجه هذا المخيم انسداد في مناهل الصرف الصحي، اضافة الى خطأ في تصاميم الشبكة تتسبب بفيضان المياه من الشوارع  العامة الى المنازل ، وهذا ما اشار اليه ياسر السوري احد سكان المخيم ” تدخل مياه الشوار ع العامة االى المنازل وذلك لانها اقل منسوبا وذلك يعود لخطا في التصميم الشبكات ” .

 

السكان يشتكون من قلة الصيانة لشبكات المجاري فيه وهذا ما يؤكده المواطن محمود العماش ” شبكة صرف واحدة للمخيم لا تكفيه ، حيث المناطق المنخفضة في المخيم هي الاكثر تضررا ،حيث تفيض علىيها المياه بسبب اغلاقات المناهل دائما ” .

 

في وقت سابق، توجه بعض الناشطين من سكان المخيم إلى نائب محافظة الزرقاء، السيدة ردينة العطي، مطالبينها بالسعي لتحسين وضع الصرف الصحي في مخيمهم، الامر الذي اكدته لنا حين استضفتنا خلال جولة تفقدية لها في المخيم، “المواطن من فقر حاله لا يستطيع ايصال الصرف الصحي من داخل بيته الى خط التصريف الرئيسي. انا قابلت وزير المياه داخل اللجنة المالية في مجلس النواب وامر بتشكيل لجنة للتوجة الى المخيم وتصويب الاوضاع فيه “.

 

الناطق الرسمي باسم وزارة المياه عدنان الزعبي، يرد على مشاكل الصرف الصحي في مخيم حطين بالقول أن “إعادة تأهيل هذه الشبكات يحتاج الى تكاليف مالية باهظة تصل 30-40 مليون دينار وهذا يحتاج لتمويل خارجي”.

 

هنا، يقر الدكتور اشتيوي سلمان ابو زايد رئيس البرنامج الصحي في وكالة الغوث الدولية أن هناك بعض الأمراض سببها تلوث المياه والغذاء بسبب الصرف الصحي “كالتيويفئيد ، التهاب الكبد الوبائي”.

 

ويؤكد لنا أن هناك مخاطر من إصابة سكان مخيم غزة والبقعة ومخيم حصن في إربد من تلوثات حصلت عام 2010 ، وجميعها ناتجة من تسرب مياه الصرف الصحي لمياه الشرب وذلك لقدم شبكات الري فيها.

                             

اخذنا ادراجنا بالعودة من زيارتنا الى تلك المخيمات، ولكن في الذاكرة نقشت صورة مؤلمة لواقع يعيشونه، يجعلهم في خطر دائم على الحياة وخوف من المجهول.

أضف تعليقك