المعلومات في الجامعات "أسرار" من يملك سلطة التقدير؟

الرابط المختصر

منذ خمسة شهور والصحفي مصعب الشوابكة يحاول مرارا طرق أبواب الجامعات الأردنية أملا في الحصول على معلومات لصالح تحقيق يجريه لكنه لم يحصل إلا على النزر القليل من المعلومات. الجامعات التي ردت على طلب الشوابكة بعد ذلك كانت إجاباتها “غير مرضية” له حيث أنها لا ترقى لمستوى المعلومات، “أرسلتُ للجامعات التي لم تتجاوب كتبا لأجل إعلامها بأني سوف ألجأ للقضاء كونها لم تزودني بالمعلومات”. لغاية تاريخ التقرير تجاوبت ست جامعات مع طلبات الشوابكة، من أصل عشر جامعات، خاطبها بطلبات الحق في الحصول على المعلومات المعتمد من مجلس المعلومات الأردني. يقول الشوابكة أن تجاوب الجامعات جاء بعد انقضاء المدة القانونية للرد على الطلبات. ويتكئ على قرار مجلس المعلومات الذي أصدر قرارا له يقضي بأن المعلومات التي طلبها ليست سرية ويجب على الجامعات التعاون معه. عمل الشوابكة من خلال وحدة التحقيقات الاستقصائية في راديو البلد على رفع دعوى ضد جامعة اليرموك لدى محكمة العدل العليا والخطوة تتجه نحو رفع دعاوي أخرى أمام الجامعات التي لم تجب على طلباته. جامعات وسرية المعلومات منذ عدة أيام ومعد التقرير يحاول مرارا التواصل مع إدارة الجامعة الأردنية لأجل الحصول على تعليق من رئيسها أو من ينوب عنه حول طلبات الحق في الحصول على المعلومات التي تقدم بها الزميل الشوابكة دون أي رد، باستثناء رد من مسؤول المكتب الإعلامي لرئيس الجامعة الذي وعد بالرد علينا في يوم الخميس الماضي لكنه لم يعاود الاتصال. عميد شؤون الطلبة في جامعة الحسين بن طلال، حسن آل الخطاب، يوضح بأن جامعته لا تخفي المعلومات على أحد، سواء ما يتعلق منها بلجان التحقيق حول المشاجرات أو أي إشكال يحصل داخل الجامعة، “لا نخفيها على أحد فلا تغطى الشمس بغربال”. لكن آل خطاب عاد وأكد أن ثمة أحداث تحصل بخصوص قضايا أشخاص محددين داخل الجامعة، “وهنا لا يمكن لنا أن نتحدث عنها أو إشهارها، وحتى في العقوبات نستند على القوانين ولا نذكر من هم الطلبة في حال الإعلان عن المشكلة”. "وتبقى الصلاحيات وسلطة التقدير للجنة التحقيق ونحن نمتثل لقرارتها"، يقول آل الخطاب. “الجامعات يجب أن تزود المعلومات حسب الأصول، لا يوجد أسرار لدينا” يقول رئيس جامعة مؤتة بالوكالة، أحمد البطاح. ويوضح البطاح أنه “يجب أن يحتُفظ بالمعلومات لأنها قد تعني تشهيرا بالأشخاص أو المؤسسة، بالتالي نزود المعلومات حسب الأصول، وكله يعتمد على نوع المعلومات المطلوبة”. “لا يمكن الكلام عن التحقيقات إلا بعد انتهائها، ولا يوجد نتائج ما لم ينته التحقيق”، يقول البطاح الذي يؤكد على دور إدارة الجامعة في تقييم “هل يمكن الإدلاء بالمعلومات أم لا”، وإذا كانت القضية تتعلق بأشخاص لا يمكننا نشرها كما يخلص القول. يتحدث رئيس جامعة مؤتة عن سلطة تقدير لإدارة الجامعة عن الحدث الذي يقع والذي تقدر عدم نشر المعلومات حوله. وإذا كانت المعلومات غير متاحة أمام وسائل الإعلام حسب ما تقدّره إدارة الجامعة، هل تكون المعلومات محجوبة عن أساتذة الجامعة نفسها، يجيب البطاح أن لدى جامعة مؤتة 540 أستاذا جامعيا لا تكون متاحة لجميعهم، لكن من يريد الحصول على المعلومات من الأساتذة لغاية بحث يعده بالضرورة سنزوده بها. أمام ذلك، يسعى ائتلاف مكون من 15 منظمة مدنية بقيادة مركز الشفافية الأردني على تعزيز الحق في الحصول على المعلومات في شتى المؤسسات. وكان قد أبرق مذكرة للجنة القانونية في مجلس النواب يطلعه على العقبات التي تواجه تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومات. كما ويتزامن عمل ائتلاف الشفافية مع ائتلاف آخر مشكل من أكثر من 50 منظمة يتزعمها مركز القدس للدراسات الذي قدم مقترحات لأعضاء مجلس لنواب تقضي بتعديل قانوني الحق في الحصول على المعلومات والمطبوعات والضغط المدني لأجل ذلك. الجامعات مصدر تدفق المعلومات توضح رئيسة مركز الشفافية الأردني، هيلدا عجيلات، أن الأصل في مهام الجامعات الأردنية “هو إتاحة المعلومات وضمان تدفقها لجمهور الطلبة والباحثين والصحفيين. هذا مبدأ لا يمكن التنازل عنه وهو جوهري بالنسبة للصروح التعليمية”. وتتابع عجيلات حديثها أنه طالما أن التحقيقات انتهت حول أي قضية في الجامعة، فإن الواجب نشرها على الملأ “كون الجامعات هي مركز إعداد وتأهيل أكاديمي للطلبة وتسليحهم بالمعلومات بالتالي من حق المواطن معرفة الأسباب والمسببات التي حصلت وقتها”. “طالما أن التقرير تحقق فلا سبب يدعو إلى التكتم على النتائج التي وقعت”، تقول عجيلات التي صنفت عدم النشر بمرتبة الخرق لقانون الحق في الحصول على المعلومات والضحايا هم الطلبة والباحثين والصحفيين. يعد الأردن من أوائل الدول العربية التي سارعت وأقرت القانون، لكن السرعة لا يعني فاعليته، على ما يرى أكثر من ناشط حقوقي يسجل معارضته للقانون، بالإضافة إلى قوانين أخرى وتحديدا قانون حماية أسرار ووثائق الدولة. شؤون الجامعات شؤون سرية المحامي المتخصص بالحريات الإعلامية، محمد قطيشات، ينظر إلى صعوبة تدفق المعلومات في الجامعات من ثلاثة أبعاد، الأول مرتبط بالموروث الثقافي لدى المسؤولين في الجامعات “حيث أن مبدأ سرية الوثائق والمعلومات قد لا يحصل عليها أساتذة الجامعة أنفسهم، باعتبار أن الجامعة لها الحق في حجب معلومات متعلقة بالامتحانات والمناهج وما إلى غير ذلك”. وتابع قطيشات أن البعد الثاني له علاقة بالقوانين المتعلقة بالجامعات نفسها. ويوضح “كون القوانين والتعليمات والأنظمة الخاصة بالجامعات الأردنية تتماشى وقانون حماية أسرار الدولة، ومن هنا يكون الربط وبالتالي قرار الحجب”، معتبرا أن إدارات الجامعات تضع سورا عاليا على الوثائق ومن باب أن الأصل هو السرية ولا يوجد استثناء. البعد الثالث كما يتابع قطيشات قوله مرتبط ارتباطا كبيرا بما وصفه بـ”عقم” قانون حق الحصول على المعلومات الذي لا يمكن تفعيله. قطيشات يتفق مع عجيلات في عدم جدية الحكومات في تفعيل قانون حق الحصول على المعلومات، ويقول أنه ورغم قصور مواده إلا أن أنها لو طبقت 1% منه لاستفاد المواطنون منه. “تفعيل القانون على ارض الواقع خاص بمسألتين: الأولى تصنيف المعلومات وأرشفتها، والثانية بالوزارات التي ما تزال لا تدرك القانون أو حتى بوجوده، وهذه كبرى المشاكل”، يقول قطيشات. عيوب القانون توضح مذكرة ائتلاف الشفافية جملة من الانتقادات على القانون، أبرزها “تشكيل المجلس الذي يضم ممثلين عن الجهات الحكومية أو شبه الحكومية بغياب المجتمع المدني”، وإزالة “البيانات الشفوية” من تعريف المعلومات في القانون باعتبار أن الأصل في القانون لا يتعامل مع “الشفوي”. تتحفظ المنظمات على أن “الامتناع عن الرد على الطلب ضمن المدة القانونية المنصوص عليها رفضاً للطلب (المادة 9/د) ما يعطي شرعية “للمسؤول أن يتهرب من الرد على الطلب”، كذلك على مدة 30 يوماً من تاريخ تقديم المعلومة باعتبارها “سوف تحرم مقدم الطلب من الحصول على المعلومات في الوقت المناسب”. وحثت المذكرة على “الغاء أي رسوم وتحديد التكلفة شرط إثباتها من السلطة بمبلغ معقول كحد أعلى لضمانة الا تكون القدرة المالية عائقاً امام ممارسة هذا الحق”. من أبرز التوصيات، المطالبة بإعادة تشكيل المجلس بحيث يتضمن ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والإعلام المستقل، كذلك العمل على إعادة صياغة القانون بما ينسجم مع التحفظات الواردة في هذه المذكرة مع التركيز على المادة 13 من القانون. ضرورة العمل على تضمين القانون لمواد تؤدي إلى تصنيف المعلومات العامة وبالتالي تحديد سقوف للمدد الزمنية لتقديم هذه المعلومات بناء على التصنيف. كذلك “عدم العمل على إضفاء أي حماية على أية معلومات ضرورية لتطبيق النزاهة والشفافية ومحا ربة الفساد إلا في أضيق الحدود ولأسباب مبررة يتم تضمينها في القانون نفسه، ضماناً للتطبيق السليم. وأوصى ائتلاف الشفافية على أن يتم العمل على إنشاء موقع إلكتروني حكومي يتيح المعلومات بشكل سريع لكل فرد يحتاج إلى الوصول إليها ومن دون التفريق بين المواطن والمقيم، وفي ذلك ضماناً للنزاهة والشفافية وإجراء أكثر فعالية في الكشف عن الفساد والتقليل منه. وكان الأردن أصدر قانون“ضمان حق الحصول على المعلومات” في العام 2007، إلا أنه لم يفّعل بالصورة التي يطمح إليها الصحفيون والمجتمع المدني الذي صعد مؤخرا من حجم الضغط على مجلس النواب السابع عشر لتعديله وتفعيله.