وثائقيات حقوق الإنسان – محمد شما أجمع سياسيون على أن "العصيان المدني" يعتبر مرحلة متقدمة من الاحتجاج بالتالي فمن الصعوبة بمكان تنفيذها في الأردن نظرا لما تحمله من تمرد مجتمعي على أجهزة الدولة. سياق تهديدي "العصيان المدني" كان خطوة لوحت بها عدة شخصيات من محافظة معان إذا ما استمر ما اعتبروه "جرّ البلاد إلى الفوضى وضرب العشائر ووحدة الصّف، وتقاعس الدولة وتخليها عن واجباتها"؛ وفق بيان أصدروه. المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة العرب اليوم، نبيل غيشان، ينظر إلى العصيان المدني بكونه اضراب شعبي كبير ومقاومة سلمية لقرار أو إجراء تتخذه الدولة. ويتابع غيشان أن العصيان يفُهم بسياق "رفض القانون" من خلال مقاطعة المؤسسات الحكومية والمدارس والجامعات، ويعلق "لا أعتقد أن أهالي معان يتحدثوا عن العصيان بالمدلول السياسي، لكنا فهمنا أنهم قطعوا كل أدوات الحوار وانسحاب ابنائها النواب من مجلس الأمة". إضرابٌ شعبي هو ما ينطبق على دعوة أبناء المحافظة، كما يفهمه غيشان، ويندرج في باب العتب على الدولة، "حيث لم يعد احتمال للظروف الاقتصادية الصعبة وحالة التهميش غير المقصودة الحاصلة في مناطق المحافظات". عصيان مقابل السيادة المحامي والناشط مصلح فرح أوضح أن العصيان المدني غير منصوص عليه في القانون المدني أو العقوبات أو حتى الدستور، لسبب كونه نوع من أنواع التمرد على الدولة وسيادتها. لا يوجد في قوانين دول العالم "حق العصيان المدني" كونه يتقاطع وسيادة القانون. عادة ما تلجأ له الحركات الراديكالية وجماعات المعارضة كأداة ضغط على الدولة وأجهزتها لتغيير سياساتها بالإرغام بفعل العصيان. ويتابع فرح أن القوانين تؤكد على حق المواطنين في الاضراب أو الاعتصام، أما العصيان المدني يتطلب تعليق دوام الموظفين الحكوميين وإغلاق للمدارس والجامعات والأسواق في محاولة لشل أجهزة الدولة. هل هناك عقاب على العصيان المدني، يوضح المحامي فرح أن نصوص قانون العقوبات تعقاب كل من يمكن أن ينفذ أو يدعو له من دون تسميته على اعتبار أنه يمكن اعتباره إجراء من شأنه "تقويض سلطة الدولة" وهي عبارة واسعة تحمل في تفاصيلها هذا الإجراء. هل وقع العصيان يوما؟ لا يذكر فرح أن شهد الأردن في تاريخه عصيانا مدنيا، أو حتى لم يطرح من قبل المعارضة، ويوضح أن ما صدّره وجهاء معان في البيان ما كان إلا بسياق التهديد. وفي السياق التاريخي، يقول المحلل غيشان أن العصيان يأتي على قضايا مفصلية تهم كافة أبناء البلد، مستذكرا إعلان الزعيم الهندي غاندي العصيان المدني على الاحتلال البريطاني وكذلك العصيان الذي حصل في جنوب إفريقيا أمام سياسة الفصل العنصري، أأو الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين. عربيا، يقول المحامي فرح أن مصر شهدت قبل سنة محاولة قوى المعارضة تطبيق عصيان مدني لكنها لم تنجح في ذلك كونها لم تستطع جمع المجتمع في هذا الإجراء، "المجتمع بأكمله يشترك لتنفيذ قوة ضاغطة للتأثير على الدولة”. المطلوب؟ "هناك حاجة إلى توزيع مكتسبات التنمية وباقي الامتيازات على باقي محافظات المملكة، كما على الدولة إعادة النظر في أوضاع المحافظات حيث ترتفع نسب البطالة وقلة فرص عمل والصناعة، هذا ما تحتاجه"، يقول غيشان. عن نجاح العصيان فيما لو نفذ، فالأمر يتعلق بتأثير الدولة على الأفراد وتأثير القوة الضاغطة هناك، ويقول المحامي فرح أن ما يحصل في معان يحتاج إجماع المجتمع المعاني مع تلك الدعوات حال تنفيذها. لا يستبعد فرح أمر التهديد من منطق أن "ولاء الأفراد في المجتمع المعاني للفرد وليس للدولة بالتالي للعشيرة تأثير، فسيناريو نجاح العصيان من عدمه يعتمد على وتر الإجماع".