الصمت عند الاعتقال: حقٌ مسكوت عنه

الرابط المختصر

وثائقيات حقوق الانسان – محمد شما "من حقك الصمت حتى حضور المحامي" تلك الجملة عليك سماعها من العاملين على إنفاذ القانون في حال اعتقالك واقتيادك للمركز الأمني. في حال عدم قولها على مسمعك، سوف ترصد ارتكاب الضابط مخالفة حسب قانوني "أصول المحاكمات الجزائية" وبما يخالف ضمانات المحاكمة العادلة. عندها تصبح شهادتك غير معترف بها ولا تحسب إلا خطأ لا يمكن للتحقيقات الأولى البناء عليها. الصمت هو حق لا يدركه الكثير من المشتكى عليهم؛ لتشكل افاداتهم الأولى دون حضور المحامي خطأ قانونيا ينتفي فيه كل التحقيق. ناشطون حقوقيون ومحامون التقاهم موقع "عمان نت" يؤكدوا على ضرورة الاستناد على مبدأين: المبدأ الأول يقضي بالحق في عدم تجريم النفس والمبدأ الثاني هو الأصل في أن المتهم بريء. إحكي منساعدك المحامية لين خياط والمتابعة القانونية لعدد من النشطاء السياسيين تعرضوا للاعتقال في فترات، تقول أنهم تعرضوا لنوع من انواع الترغيب والترهيب "أحكي منساعدك عشان نساعدك، القصة مش مستاهلة"، الأمر الذي تؤكده الناشطة الحقوقية نسرين زريقات، "نرصد حالات يتم حث المعتقل على الحديث كأن يقال له أحكي بتساعد حالك". تعرض الناشط فادي مسامرة للاعتقال مرتين خلال العام 2012 لمشاركته في مسيرات تم قمعها، كان قد تعرض "للابتزاز" كما قال لأجل الادلاء بإفادته من خلال الترغيب بداية والترهيب نهاية، "كانوا يقولون لي من الاحسن أن تحكي، اسئلتنا محددة أجب عليها، كنت ارفض الحديث في المرة الأولى ومن ثم تحدثت بعد ذلك". لكن الناشط طارق الجوابرة في ضوء تجربته، يقول أن المحاكم المدنية أكثرا احتراما للحق في الصمت مقارنة بالمحاكمة العسكرية أو المراكز الأمنية، ويقول: “يكفي أن أدخل إلى المحكمة مكبل اليدين والقدمين ولم أتمكن من الحديث مع أحد". ويتابع الجوابرة أن الإشكالية في موضوع الحق في صمت يكمن في أن الكثير من المعتقلين يكون أمامهم خيارين أولا الصمت ويبقى دون محاكمة والبقاء في السجن لأسبوعين وأكثر أم الحديث والحصول على المحاكمة اختصارا للوقت. فادي تعلم من تجربته الأولى، حيث كان أكثر خبرة في الاعتقال الثاني، يقول أنه تعرض للتوقيف في مديرية وسط عمان، "رفضت الادلاء عن اسمي حتى، وقلت لهم لا ريد الافصاح عن أي شيء إلا بوجود المحامي". وبعد مجيء محامي فادي لم يكن يتوقع أن ثمة طرد سوف يتعرض له المحامي وليفاجئ بعد ذلك إلى إشارة بعبارة على المحضر (رفض الادلاء بإفادته). القاعدة الأساسية كما يقول الخبير القانوني محمد الموسى، هو أن الشخص الذي يقبض عليه للاشتباه أو حتى لارتكابه جريمة، له الحق في الصمت ولا يقدم المعلومات ولا يجوز أن يفسر صمته على انه قبول. والاهم ان هذا الحق أحد نتائج قرينة البراءة المفترضة. مرتبة الإكراه والتعذيب المحامي معاذ المومني عضو في فريق كرامة لمناهضة التعذيب، يرى أن ما قد يتعرض له الموقوفين يصل لمرتبة "الاكراه" من قبل الشخص المسؤول عن التحقيق. يقول: “لا يوجد تطبيق لهذا الحق، وهو جزء من الإشكالية في عدم اطلاع الناس، فالمواطن له الحق في توكيل المحامي عند لحظة التحقيق الاولى، ليس في النيابة العامة فقط إنما أمام المحققين في المراكز الامنية". "الاصل أن يكون الصمت إلى حين حضور المحامي"، يقول المومني الذي يرصد الكثير من القضايا يكون مآلها التهميش ويضرب بها عرض الحائط. لكن الأمر بالنسبة للمديرية التنفيذية مجموعة القانون لحقوق الانسان "ميزان" إيفا أبو حلاوة، هو عدم جواز الاستناد إلى دليل تم أخذه بواسطة التعذيب، "بمعنى إذا رفض شخص الادلاء باعتراف وتم اللجوء إلى الاكراه والتعذيب فالقضاء الأردني عليه ابطال الاعترافات لكونها اخذت تحت الضرب والتعذيب”. حقٌ صامت "الصمت عند الاعتقال، حق غير مكشوف عنه بل ومسكوت عنه بالنسبة للأشخاص" تقول لين خياط، "بالتالي فإن التعامل مع هذ االحق يكون بالنطاق الضيق". لم ينص بوضوح قانون أصول المحاكمات الجزائية على الصمت إلا أمام المحكمة النظامية، لكن القانونيين يشيرون إلى أن هذ الحق طالما أنه منصوص عليه فيعتبر حق أساسي ينسحب على ذات التحقيق امام المدعي العام. يجب أن ُيشار للموقوف بحقه بالصمت، وأن يتم تقيد ذلك في محاضر التحقيق، فيما لو أجبر على خرق الصمت، والخرق بحد ذاته سينوطي عليه الاكراه، تقول نسرين زريقات. الانتهاك لهذا الحق كما توضح زريقات يندرج في مستوى من مستوياته إلى مرتبة التعذيب أو على الأقل يمكن تصنيفه كإساءة معاملة وغير انسانية. في الوقائع العلنية لاستخدام الصمت، رصد محامون قيام عدد من النشطاء بالرفض عن الإفصاح أمام الإدعاء العام من باب أن التحقيقات خارج إطار المحاكم النظامية، وهذا ما تذكره المحامية الخياط من استخدام واضح للمواطنين للحق في الصمت. المعادلة البسيطة في القضاء بالعالم هو أن الصمت حتى الوقوف أمام القاضي الطبيعي، وفق نسرين زريقات التي تطالب بضرورة جلاء الفكرة للمواطنين. الصمت قرينة البراءة "يجب التعامل معه كشخص غير مدان ولم يرتكب الجرم ما لم يبثت بحكم قطعي، المكفول بموجوب اتفاقيات حقوق الانسان، ومعايير المحاكمة العادلة على المستوى الدولي"، يقول الموسى. تتفق الخياط مع الموسى، وتوضح أن الأثر القانوني للحق في الصمت، هو ذات الاثر لغير المذنب عن التهمة المسندة له، بالتالي لا يترتب عليه أي اثر قانوني يؤدي إلى الاساءة للمركز القانوني للشخص. المادة الثالثة والستين من قانون أصول المحاكمات الجزائية، تشير في البند الأول إلى أنه "عندما يمثل المشتكى عليه أمام المدعي العام يتثبت من هويته ويتلو عليه التهمة المنسوبة اليه ويطلب جوابه عنها منبها اياه ان من حقه ان لا يجيب عنها الا بحضور محام، ويدون هذا التنبيه في محضر التحقيق فاذا رفض المشتكى عليه توكيل محام او لم يحضر محاميا في مدة أربع وعشرين ساعة يجري التحقيق بمعزل عنه". وما يخالف ضمانات المحاكمة العادلة، كما تقول المحامية الخياط هو عدم دقة ما يتم تدوينه من افادات من قبل مساعدي الضابطة العدلية للشخص الذي يدلي بإفادته، "بالاصل يكون قد اخترق حقه بالصمت، وعند تدقيقه على المحضر وفي حال رصد عدم الدقة يرفض التوقيع، وعندها يتم التسجيل على المحضر بأنه رفض التوقيع على المحضر”. إعادة المحاكمة تتوقع نسرين زريقات لو تم فتح ملفات العديد من التحقيقات فلسوف يتم رصد الكثير من قرارات يتم فيها انتزاع اقرارات بالشكل المخالف لهذا الحق. "تعتمد محكمة التمييز على قرارات يكون أساسها افادات انتزُعت بالاكراه ولا يحال الاشخاص الذين قاموا بالتحقيق إلى المحاكم المختصة، على الرغم من وجود المادة 208 وهنا نحن نتحدث عن اجراءات ونصوص قانونية معطلة"، تقول زريقات. يلفت المومني إلى أن "الاصل في حال ذكر الموقوف بأن انتهاكا وقع عليه فالاصل يبطل التحقيق، ويطلب بالتالي اثبات انه لم يتعرض للاكراه”. عمليا، توضح لين الخياط أنه ينبغي التمييز بين طرق الطعن؛ من حيث بدايته بالطعن العادي امام الاسئتناف والتمييز وآخر مرحلة من مراحل الطعن، ومن ثم يصبح الحكم قطعي وهذا له حصانة بمعنى القرارات القطعية، يصبح الحكم فيها عنوان للحقيقة. وتتابع الخياط قولها أن ثمة طرق غير عادية لإعادة فتح المحاكمة بعد التأكد من تزوير في ثبوت جريمة. فيما يقتنع الناشط فادي أنه لو رفع قضية على هذه الجزئية فلن يقدم من الأمر شيئا أو يؤخره. تخلص نسرين زريقات إلى أن على منظمات المجتمع المدني مسؤولية في إبراز هذا الحق الذي ينظر له من كونه مبدأ لاتينيا يعني أنه لا يوجد إنسان ملزم بأن يتهم نفسه وتجنبا لتجريم الذات.

أضف تعليقك