السريلانكيات في الأردن: انتهاك للحقوق وامتهان للمرأة
تحقيق محمد شما لوثائقيات حقوق الإنسان ما كانت رحلة ٣٧ عاملة سريلانكية خرجن في مسيرة بالأقدام بدءً من سفارة بلادهن في منطقة الدوار السابع حتى مقر مركز تمكين في شارع وصفي التل، ما كانت إلا حجر قذُف في مياه راكدة لكنها سرعان ما هدأت بعدها بقليل.
درب تلك العاملات بشباط الماضي، كان محفوفا بتعب أيام وسنوات عملن غالبيتهن دون أجر مادي، وصنوف من عذاب تعرضت له العاملات من وكلائهن، وغياب أبسط الحقوق التي يتمتع بها الإنسان؛ فلم ترضى تلك العاملات البقاء في ملجأ سفارتهن لسنوات دون أي حراك، ليقررن المسير بحثا عن سبيل للعودة لبلدهن.
فتح الأردن أسواقه أمام العمالة المنزلية على مصرعيه منذ أوائل الثمانينات، ليتدفق إلى السوق الأردني قرابة ٧٧ ألف عاملة في آخر إحصائية لوزارة العمل، منهن 52 ألفا حصلن على تصاريح عمل سارية المفعول، فيما تقدر منظمات أهلية أعدادهن بالضعف عن المعلن.
شهادات حية عن واقع أليم في ردهة مظلمة، لا تتجاوز مساحتها أربعة أمتار، تجلس "رديكا" 34 عاما قبالة بنات جلدتها، في انتظار أي حل قد يرشح عن وزارة العمل. فظروف عملهن تتشابه إلى حد كبير؛ إما هاربات من جور وكلائهن وأصحاب مكاتب التوظيف، أو وقعن ضحايا جرائم السرقة، والمؤكد أنهن يتفقن على العودة إلى سيرلانكا بأي ثمن.
"لا نملك تصريح عمل أو أذن إقامة، وحتى لا نملك المال"، تقول رديكا حيث التقياناها في مركز تمكين.تروي لنا جانبا من حياتها وحياة زميلات لها لم يسعفهن التفوه بقصصهن؛ إما لعدم اتقانهن اللغة العربية أو لعدم قدرتهن التحدث عن واقعهن. “الكثير منا، مضى عليها سنة وسنتين في السفارة دون جديد، ذهبنا إلى وزارة العمل لكنها لم تحل قضيتنا، ليس لدينا حل". تتابع رديكا حديثها، وسط تجمهر بنات جلدتها حولنا.
حتى أن واحدة من خيار العاملات آنذاك، كان اللجوء إلى المراكز الأمنية لكن كل ذلك بقي "دون حل"، تقول رديكا، "أوضاعنا صعبة جدا ولا زلنا مقيمات في السفارة دون عمل أو حركة وكأننا مسجونات، لا نريد البقاء على ما نحن عليه”.
تكلفة تبعا للجنسية تترواح تكلفة استقدام العاملة ما بين (2600-2400) وذلك بحسب البلد الذي يتم الاستقدام منه، فيما يتجاوز عدد العاملات السيريلانكيات في الأردن ٢٨ آلف عاملة، و٥ آلاف هاربت، فضلا عن 20 ألفا يتواجدن على أراضي المملكة من دون الحصول على تصاريح عمل سارية المفعول.
تتنوع جنسيات العاملات، بين فلبينية وأندونيسية وسيرلانكية، فيما تستفيد من خدمتهن قرابة ٧٣ ألف عائلة، وفق سجلات نقابة أصحاب مكاتب استقدام واستخدام.
أزمة العاملات السيرلانكيات أوائل هذا العام،لم تفلح في إيجاد حل جذري لكاملهن؛ فالقضية لا تقتصر عليهن فقط، فنطاق الأزمة يتسع لآلاف العاملات اللواتي لا يستطعن من تقديم شكوى لما يتعرضن له في منازل وكلائهن.
وتسجل مدير مركز تمكين لحقوق الإنسان والمساعدة القانونية، ليندا كلش، أرقاما تصل إلى ١٨١ عاملة، "استطاع المركز تسجيل انتهاكات قيدُت بحقهن من أصل آلاف لا يسمعنا صوتهن بعد، حيث تراكمت"الغرامات نتيجة عدم تجديد تصاريح عملهن، فضلا عن أذون العمل وفق التوثيق”.
نقابة العاملين في استخدام واستقدام العاملات من غير الأردنيين، ترفع يدها عن العاملات، من باب أن المكاتب تقوم بدورها والبقية على وزارة العمل ، ويسجل نائب النقيب عادل حرب أرقاما لعدة مكاتب قامت وعلى نفقتها الخاصة بتسفير عاملات لديهم تعرضن للجور من قبل وكلائهن. “سفرنا قرابة ١٤ عاملة على نفقات المكاتب رغم أن الوزارة عليها التكاليف وكامل المسؤولية".
حرمان من الطعام "راسيكا ” ٢٨ عاما، تعمل في الأردن منذ أربع سنوات، لا تملك تصريح إقامة منذ انتهاء أو تصريح دخلت فيه سوق العمل الأردني، حيث لم تجدد الأسرة التي كانت تعمل لديها، ولم تتوقف الأحوال عند هذا الجانب، فقد تعرضت للضرب على أيدي رب العمل وحرمان من الأكل.
سبعة شهور من العمل، كانت كفيلة لهروب "راسيكا" من منزل مخدوميها، حيث لجأت لسفارة بلادها، لكنها سرعان ما عادت بأقل أسبوع بعد وعود صاحب العمل بحسن معاملتها.
لكنها تفاجئت بعد ذلك بشكوى فدمتها الأسرة بحقها في مركز أمني، بتهمة السرقة، سجنت على إثرها ثلاثة شهور ونصف في العام ٢٠٠٨، معتبرة ذلك "ظلما". وبعد ذلك اعتذر صاحب العمل منها.
"بيبي سيترا" ٣٢ عاما ، عملت عند أسرة ١٣ عاما، ٨ أعوام منها دون تجديد إقامة، ما جعلها بعد طول السنوات إلى اللجوء للسفارة، لتبقى هناك سنة وأربعة شهور، ما حدا بها الحال إلى العودة إلى بلدها خالية الوفاض.
تركت المنزل دون إعلام الأسرة، مبررة ذلك بطلبها المتكرر منهم بالسفر دون اكتراثهم؛ متمسكين بخبراتها في الطبخ اليومي ومتابعاتها لشؤون الأطفال، والنظافة المستمرة.
"سنتي كوماري" ٤٧ عاما، عملت في منزل طبيب، لعدة شهور، بظروف عمل مناسبة لكن ذلك لم يستمر، إذ دخلت في سلسلة من جولات بين عموم أسرة الطبيب، "من بيت لبيت وأنا أعمل وأعمل، ولا أتقاضى أجري وتعب"، ومن ثم بدأوا يعطونها مبلغ مالي مقابل تكلفة بطاقة شحن لاتصال مع أسرتها.
"أريد السفر لا شيء آخر" "كنت أعمل يومياً دون توقف أو أي إجازة. أقضي ليلي بالبكاء يوميا عندما أحكي معهم".
"مانلي" ٢٨ عاما، جاءت إلى الأردن قبل ١١ عاما، تعاني من مرض السكري منذ سنوات، بسبب غياب الرعاية جعلها غير قادرة على العمل، ما دفع الأسرة إلى طردها من العمل دون إعطاء مستحقاتها.
بعد مرور تسع سنوات على إقامة "نيروشيا" ٢٩ عاما في الأردن، قررت العودة إلى بلدها بالملابس التي ترتديها فقط. أما زميلتها "ميلنتيكا" ٣٤ عاماً فقد قررت العودة مع "نيرويشا" رغم عدم إكمالها العامين على إقامتها، تقول: "اكتفيت بالضرب الذي كنت اتعرض له من قبل ربة المنزل، يكفيني حرمان وتعب وجوع".
"أجندة" ٤٦ عاما، عملت عند عائلة ٣ سنوات ونصف السنة، لم تتقاض أجرا بحجة أنها تعيش في منزلهم "أنت تنامي وتأكلي زينا، ما في حاجة للمال أنت منا في العيلة" تعيد أجندة هذه الكلمة التي اعتادت سماعها من قبل سيدة المنزل. تحقيق محمد شما لوثائقيات حقوق الإنسان ما كانت رحلة ٣٧ عاملة سريلانكية خرجن في مسيرة بالأقدام بدءً من سفارة بلادهن في منطقة الدوار السابع حتى مقر مركز تمكين في شارع وصفي التل، ما كانت إلا حجر قذُف في مياه راكدة لكنها سرعان ما هدأت بعدها بقليل.
درب تلك العاملات بشباط الماضي، كان محفوفا بتعب أيام وسنوات عملن غالبيتهن دون أجر مادي، وصنوف من عذاب تعرضت له العاملات من وكلائهن، وغياب أبسط الحقوق التي يتمتع بها الإنسان؛ فلم ترضى تلك العاملات البقاء في ملجأ سفارتهن لسنوات دون أي حراك، ليقررن المسير بحثا عن سبيل للعودة لبلدهن.
فتح الأردن أسواقه أمام العمالة المنزلية على مصرعيه منذ أوائل الثمانينات، ليتدفق إلى السوق الأردني قرابة ٧٧ ألف عاملة في آخر إحصائية لوزارة العمل، منهن 52 ألفا حصلن على تصاريح عمل سارية المفعول، فيما تقدر منظمات أهلية أعدادهن بالضعف عن المعلن.
شهادات حية عن واقع أليم في ردهة مظلمة، لا تتجاوز مساحتها أربعة أمتار، تجلس "رديكا" 34 عاما قبالة بنات جلدتها، في انتظار أي حل قد يرشح عن وزارة العمل. فظروف عملهن تتشابه إلى حد كبير؛ إما هاربات من جور وكلائهن وأصحاب مكاتب التوظيف، أو وقعن ضحايا جرائم السرقة، والمؤكد أنهن يتفقن على العودة إلى سيرلانكا بأي ثمن.
"لا نملك تصريح عمل أو أذن إقامة، وحتى لا نملك المال"، تقول رديكا حيث التقياناها في مركز تمكين.تروي لنا جانبا من حياتها وحياة زميلات لها لم يسعفهن التفوه بقصصهن؛ إما لعدم اتقانهن اللغة العربية أو لعدم قدرتهن التحدث عن واقعهن. “الكثير منا، مضى عليها سنة وسنتين في السفارة دون جديد، ذهبنا إلى وزارة العمل لكنها لم تحل قضيتنا، ليس لدينا حل". تتابع رديكا حديثها، وسط تجمهر بنات جلدتها حولنا.
حتى أن واحدة من خيار العاملات آنذاك، كان اللجوء إلى المراكز الأمنية لكن كل ذلك بقي "دون حل"، تقول رديكا، "أوضاعنا صعبة جدا ولا زلنا مقيمات في السفارة دون عمل أو حركة وكأننا مسجونات، لا نريد البقاء على ما نحن عليه”.
تكلفة تبعا للجنسية تترواح تكلفة استقدام العاملة ما بين (2600-2400) وذلك بحسب البلد الذي يتم الاستقدام منه، فيما يتجاوز عدد العاملات السيريلانكيات في الأردن ٢٨ آلف عاملة، و٥ آلاف هاربت، فضلا عن 20 ألفا يتواجدن على أراضي المملكة من دون الحصول على تصاريح عمل سارية المفعول.
تتنوع جنسيات العاملات، بين فلبينية وأندونيسية وسيرلانكية، فيما تستفيد من خدمتهن قرابة ٧٣ ألف عائلة، وفق سجلات نقابة أصحاب مكاتب استقدام واستخدام.
أزمة العاملات السيرلانكيات أوائل هذا العام،لم تفلح في إيجاد حل جذري لكاملهن؛ فالقضية لا تقتصر عليهن فقط، فنطاق الأزمة يتسع لآلاف العاملات اللواتي لا يستطعن من تقديم شكوى لما يتعرضن له في منازل وكلائهن.
وتسجل مدير مركز تمكين لحقوق الإنسان والمساعدة القانونية، ليندا كلش، أرقاما تصل إلى ١٨١ عاملة، "استطاع المركز تسجيل انتهاكات قيدُت بحقهن من أصل آلاف لا يسمعنا صوتهن بعد، حيث تراكمت"الغرامات نتيجة عدم تجديد تصاريح عملهن، فضلا عن أذون العمل وفق التوثيق”.
نقابة العاملين في استخدام واستقدام العاملات من غير الأردنيين، ترفع يدها عن العاملات، من باب أن المكاتب تقوم بدورها والبقية على وزارة العمل ، ويسجل نائب النقيب عادل حرب أرقاما لعدة مكاتب قامت وعلى نفقتها الخاصة بتسفير عاملات لديهم تعرضن للجور من قبل وكلائهن. “سفرنا قرابة ١٤ عاملة على نفقات المكاتب رغم أن الوزارة عليها التكاليف وكامل المسؤولية".
حرمان من الطعام "راسيكا ” ٢٨ عاما، تعمل في الأردن منذ أربع سنوات، لا تملك تصريح إقامة منذ انتهاء أو تصريح دخلت فيه سوق العمل الأردني، حيث لم تجدد الأسرة التي كانت تعمل لديها، ولم تتوقف الأحوال عند هذا الجانب، فقد تعرضت للضرب على أيدي رب العمل وحرمان من الأكل.
سبعة شهور من العمل، كانت كفيلة لهروب "راسيكا" من منزل مخدوميها، حيث لجأت لسفارة بلادها، لكنها سرعان ما عادت بأقل أسبوع بعد وعود صاحب العمل بحسن معاملتها.
لكنها تفاجئت بعد ذلك بشكوى فدمتها الأسرة بحقها في مركز أمني، بتهمة السرقة، سجنت على إثرها ثلاثة شهور ونصف في العام ٢٠٠٨، معتبرة ذلك "ظلما". وبعد ذلك اعتذر صاحب العمل منها.
"بيبي سيترا" ٣٢ عاما ، عملت عند أسرة ١٣ عاما، ٨ أعوام منها دون تجديد إقامة، ما جعلها بعد طول السنوات إلى اللجوء للسفارة، لتبقى هناك سنة وأربعة شهور، ما حدا بها الحال إلى العودة إلى بلدها خالية الوفاض.
تركت المنزل دون إعلام الأسرة، مبررة ذلك بطلبها المتكرر منهم بالسفر دون اكتراثهم؛ متمسكين بخبراتها في الطبخ اليومي ومتابعاتها لشؤون الأطفال، والنظافة المستمرة.
"سنتي كوماري" ٤٧ عاما، عملت في منزل طبيب، لعدة شهور، بظروف عمل مناسبة لكن ذلك لم يستمر، إذ دخلت في سلسلة من جولات بين عموم أسرة الطبيب، "من بيت لبيت وأنا أعمل وأعمل، ولا أتقاضى أجري وتعب"، ومن ثم بدأوا يعطونها مبلغ مالي مقابل تكلفة بطاقة شحن لاتصال مع أسرتها.
"أريد السفر لا شيء آخر" "كنت أعمل يومياً دون توقف أو أي إجازة. أقضي ليلي بالبكاء يوميا عندما أحكي معهم".
"مانلي" ٢٨ عاما، جاءت إلى الأردن قبل ١١ عاما، تعاني من مرض السكري منذ سنوات، بسبب غياب الرعاية جعلها غير قادرة على العمل، ما دفع الأسرة إلى طردها من العمل دون إعطاء مستحقاتها.
بعد مرور تسع سنوات على إقامة "نيروشيا" ٢٩ عاما في الأردن، قررت العودة إلى بلدها بالملابس التي ترتديها فقط. أما زميلتها "ميلنتيكا" ٣٤ عاماً فقد قررت العودة مع "نيرويشا" رغم عدم إكمالها العامين على إقامتها، تقول: "اكتفيت بالضرب الذي كنت اتعرض له من قبل ربة المنزل، يكفيني حرمان وتعب وجوع".
"أجندة" ٤٦ عاما، عملت عند عائلة ٣ سنوات ونصف السنة، لم تتقاض أجرا بحجة أنها تعيش في منزلهم "أنت تنامي وتأكلي زينا، ما في حاجة للمال أنت منا في العيلة" تعيد أجندة هذه الكلمة التي اعتادت سماعها من قبل سيدة المنزل.
إستمع الآن